تتحمل السلطات المحلية بمدينة طنجة، المسؤولية الكاملة للحادث الأليم الذي أودى بحياة 28 عاملة وعامل في ظروف مأساوية داخل وحدة صناعية غير قانونية بحي البرانص، في مقاطعة السواني بطنجة.
فهده الواقعة أعادت إلى الأذهان حوادث سابقة، ذهب ضحيتها العديد من العمال، نتيجة عدم الالتزام بمعايير السلامة في المنشآت الصناعية، وعدم مطابقتها لشروط الترخيص بمزاولة عملها. ويجب فتح تحقيق مع جميع الجهات ذات العلاقة، بما في ذلك السلطات المحلية والجماعة الحضرية، والشركة الإسبانية المكلفة بتدبير قطاع الماء والكهرباء والتطهير في المدينة، فمسؤولية السلطات المحلية واضحة، إذ كيف يمكن لعشرات العمال والعاملات أن يعملوا لسنوات في مرآب بناية سكنية وسط حي سكني من دون انتباه السلطات، وكيف يمكن لوحدة صناعية قائمة في مرآب فيلا سكنية الحصول على التيار الكهربائي من دون الحصول على الرخص من السلطات المختصة، والتي تكون بناء على تقرير لقطاعات الوقاية المدنية ومكتب حفظ الصحة والسلطات المحلية”.
كما أن ما حدث يدق ناقوس الخطر بشأن استهتار وزارة الشغل والاندماج المهني بحقوق وأرواح الآلاف من العمال، فالمسؤولية تقع على عاتقها في ما يخص مراقبة المصانع غير القانونية المنتشرة في العديد من المدن الكبرى.
فمصرع 28 عاملا يقتضي من وزير الشغل والاندماج المهني أن يتحمل مسؤوليته الكاملة، لأن ما حدث لا يمكن أن يمر مرور الكرام، ويقتضي أن يتحمل مسؤوليته في مراقبة ظروف العمل المتعلقة بالصحة المهنية.
كما أن هدا الحادث يشكل صورة من صور الاستغلال البشع لليد العاملة واستهتارا بأرواحهم في المعامل والمصانع، وكذا الورشات الزراعية، التي تعرف استغلالا لعاملات يشتغلن في ظروف صعبة ومحفوفة بالمخاطر نتيجة استعمال مواد كيماوية خطيرة.
وما يثير الاستغراب هو وصف السلطات المحلية لهده الوحدة بالسرية، مما يشكل هروبا إلى الأمام، وتنصلا من المسؤولية القانونية” لهذا الحادث، الذي أزهق أرواح هذا العدد من العاملات والعمال الأبرياء، خلال سعيهم نحو لقمة العيش”في ظروف لا تختلف كثيرا عن العبودية”.
وبما أن الوحدات الصناعية “السرية” في أحياء مدينة طنجة، ليست شيئا جديدا ويعرفها القاصي والداني، فينبغي اتخاذ اجراءات زجرية “حقيقية” في حق جميع الأطراف التي لها علاقة بوقوع الفاجعة سواء من قريب أو من بعيد.
مولاي عبدالله شبوبة، دكتور باحث في القانون الخاص