لا حديث اليوم، في الإعلام الرسمي الجزائري، سوى عن توجه الإدارة الأمريكية الجديدة، لسحب الاعتراف بمغربية الصحراء، فيما تواصل المملكة، تحقيق إنجازات يشهد المجتمع الدولي، بتفردها.
وليس ذلك فحسب، بل يصر داعمو ”الميليشيات”، ومناهضو التسريع بإيجاد حل للنزاع المفتعل، على أن الاعتراف الذي يعد مكسبا، توج مسار ترافع طويل حول القضية الوطنية الأولى، زائل في عهد الرئيس جو بايدن.
حميد بلغيت أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق السويسي بالرباط، سجل في حديث لـ”مشاهد24”، أن الخطاب الإعلامي المكثف حول إمكانية تغير الموقف الأمريكي، من مغربية الصحراء، هو خطاب متهافت ومعيب ويتسم بخفة كبيرة، ولا يخرج عن دائرة الخطاب العدائي الذي لا يزحزح حقائق الواقع ولا يغير معادلات الوضع القائم.
واستحضر بلغيت، مجموعة من النقاط التي تعزز طرحه، أولها أن الأصل في السياسات الخارجية للدول، هو الثبات والاستمرارية، وليس التحول وإخضاع مواقف السياسة الخارجية للانقلاب الجذري.
وأضاف موضحا ”يصعب أن يحصل تغير في الموقف، خصوصا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فالسياسة الخارجية، ترتبط عادة، بالدولة أكثر من الحزب، أي أن تولي الديمقراطيين للإدارة الأمريكية لا يعني التراجع عن قرارات السياسة الخارجية، خاصة تلك القرارات التي ترهن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية. ولعل الخطاب الأخير لجو بايدن أكبر دليل على هذا الأمر، فجل النقاط ذات الأولوية في السياسة الخارجية الأمريكية، هي استمرارية وامتداد أكثر من إحداث القطيعة مع السياسات السابقة”.
وتتمثل ثاني نقطة، حسب أستاذ القانون الدولي، في ضرورة تنزيه السياسة الدولية وخاصة سلوك الولايات المتحدة الأمريكية، عن العبث. ”فلا يمكن ترجي تحول الموقف الأمريكي فقط بتحول الحزب الحاكم. وفي غياب متغير موضوعي، على مستوى ملف الصحراء، وفي منطقة شمال إفريقيا عموما، سيظل السلوك الأمريكي تجاه المنطقة وقضية الصحراء يحكمه منطق الاستمرارية” على حد تعبيره.
ويتضح هذا التحليل أكثر، بناء على رأي الأكاديمي، بطرح سؤال، ما الذي سيجعل موقف الحزب الديمقراطي غير مرحب بمغربية الصحراء؟ ،خصوصا أن شراكة قوية واستراتيجية تجمع البلدين.
وتابع في ذات السياق، أن التكتل المغربي بالكونغرس المحدث منذ سنة 2003، يضم أعضاء ديمقراطيين وجمهوريين، مما يعني أن المغرب، في علاقته بالولايات المتحدة الأمريكية، لا يضع كل بيضه في سلة واحدة، وإنما يراهن على تجسير المصالح بين البلدين، إدراكا منه أن منطق الواقعية السياسية، هو المتحكم في السياسة الدولية، وكذا كسب صداقة شخصيات نافذة، بغض النظر عن انتماءاتها الحزبية.
في المقابل، ختم حميد بلغيت، كلامه بلفت الانتباه إلى أن ما يمكن أن يختلف في عهد بايدن، هو منسوب الحماس تجاه التطورات الجديدة لملف الصحراء، حيث عادة ما يكون الديمقراطيون، على مستوى السياسة الخارجية أقل وضوحا من الجمهوريين، وأكثر غموضا والتباسا في تدبيرهم لعدد من القضايا الخارجية. ”لهذا من المستبعد جدا أن تراجع الإدارة الأمريكية الجديدة، قرارها بخصوص الصحراء، ولكنه وارد جدا أن تعود إلى موقع تدبير النزاع أكثر، من الضغط على باقي الأطراف لتسويته تسوية نهائية” يشدد ضمن نفس التصريح.