أمطار الخير كانت كافية لتجعل أكبر مدينة في المغرب غارقة في المياه، شوارع وأزقة مدينة الدارالبيضاء عبارة عن وديان وبرك كبيرة جعلت كثير من المواطنين ومنقولاتهم محاصرين، حيث خلفت خسائر كبيرة، وحالة من الغضب والاستياء، إذ لم يستوعبوا أن يوما واحدا من أمطار الخير جعلت المدينة محاصرة بالمياه من كل الجهات، رغم أن طرق وقناطر جديدة لم يمر على إنشائها مدة طويلة.
والسؤال الدي يطرح نفسه من المسؤول عن الخسائر اللاحقة بأملاك المواطنين؟
المنتخبون المحليون هم المسؤولون عن هده الخسائر وما عليهم إلا أن يتحملوا كامل المسؤولية، فالأمطار الغزيرة كانت متوقعة في فصل الشتاء، لدلك فمسيرو المدينة لم يقوموا بواجباتهم لدفع خطر الفيضانات. وما حصل البارحة في مدينة الدارالبيضاء هو تهاون وتملص من المسؤولية وعدم أخد الحيطة والحذر لدفع خسائر الفيضانات. لذلك يمكن للمواطنين ضحايا هذه الفيضانات، الذين يثبت لديهم تقصير أو إهمال المسؤولين المحليين، التوجه إلى القضاء الإداري لرفع دعاوى التعويض عن الأضرار اللاحقة بهم، نتيجة تقصير المسؤولن وإهمالهم وعدم تبصرهم وعدم صيانتهم للمنشآت العمومية ومراقبة وتقوية البنيات التحتية. فأساس هذه المسؤولية عن الأضرار الناجمة عن الفيضانات هو نظرية المخاطر، ويلزم المدعي بإثبات خطأ المسؤولين المحليين، مثل ما حصل البارحة بالنسبة للطرق والشوارع وعموم المنشآت، التي تضررت بفعل هده الفيضانات، نتيجة عدم الصيانة، وخاصة فيما تعلق بحالة الطرق.
وقد جاء العمل القضائي صريحا في هدا المجال، حيث يقول قرار عدد 82/60 بتاريخ 07/05/1960 لمحكمة النقض إنه إذا أثبت مستعمل الطريق –سائق السيارة- أن الضرر الذي حصل له كان بسبب عدم الصيانة العادية لذلك الطريق، فلا يمكن إعفاء الإدارة من مسؤوليتها عن سوء حالة المنشأة المذكورة، إلا إذا أثبت خطأ المتضرر، وأنها قامت بكل الاحتياطات لتلافي كل حادث، سواء فيما يخص قيامها بأعمال الصيانة أو وضع إشارة التنبيه لسوء حالة الطريق.
إذا كان المنتخيون المحليون قد ثبت في حقهم أنهم مسؤولين عن الأضرار الناجمة عن الفيضانات وثبت وجود مواطنين متضررين بفعل الإهمال وبفعل عدم الصيانة للطرق وعدم المراقبة للقناطر وغياب التشوير المتعلق بالطرق المقطوعة، التي غمرتها المياه، فإن المتضررين لهم الحق في اللجوء إلى المحكمة المختضة للمطالبة بالتعويض. وهي المحكمة الإدارية لمدينة الدارالبيضاء، التابعة لنفوذها مكان وقوع الأضرار. ويمكن لكل سكان مدينه الدارالبيضاء، الذين تضررت منازلهم نتيجة عدم وجود قنوات للصرف الصحي، وكذا عدم صيانتها أن يدفعوا دعاوى في مواجهة المسؤولين على تسيير المدينة.
وقد أبان القضاء الإداري المغربي عن قدرته في الإبداع والتطور في انتاج عمل قضائي مميز يتصدى لتملص أشخاص بما فيهم المنتخبين المحليين، من دفع التعويضات عن الضرر الناجم عن الإهمال، حيث أجبر هذه الجهات بالتعويض عن كل ضرر وحمايته للحقوق المواطنين.
مولاي عبدالله شبوبة، دكتور باحث في القانون الخاص