فجأة خرج حسن نصر الله قائد حركة حزب الله الشيعية الموالية لإيران، و المؤمنة بولاية الفقيه و الإمامة للمرشد الأعلى للدولة الإيرانية، برأسه من قناة الميادين التي سبق للوزير أمكراز أن خرج فيها بتصريحات غريبة بدعوى مخاطبته لجمهور لا يعرفنا، فجاءه الرد من بعد أيام مباشرة من تنظيم لا يتحدث باسمه بل باسم إيران في المنطقة،فعندما يدلي حسن نصر الله بتصريح و موقف ما من دولة عربية أو شأن داخلي لأية دولة فهو يكون يتحدث باسم الدولة الإيرانية و لا يتحدث باسمه، لأن حزب الله ما هو إلا صوت إيران و صداها التوسعي الشيعي في المنطقة العربية ككل. زعيم حزب الله خرج ليعلق على قرار فتح عودة العلاقات المغربية الإسرائيلية ،و قرار الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بمغربية الصحراء و سيادة المغرب على كامل أراضيه من خلال المرسوم الرئاسي الذي أصدره و وقعه الرئيس الأمريكي ترامب،و هما قراران سياديين للمغرب يهمان الدولة و الشعب المغربيين و قواه الحية الوطنية، و لا يهم في شيئ لا حزب الله و لا غيره من التنظيمات الدينية الإسلامية المختلفة التي ظلت تستغل القضية الفلسطينية للحشد الشعبي الداخلي و الخارجي، و للإستقطاب التنظيمي.
حزب الله و من وراءه إيران لم يقدما يوما موقفا داعما للمغرب في حربه السياسية مع خصومه لاستكمال وحدته الترابية، بل إيران و حزب الله سبقا لهما أن تورطا مع البوليساريو في بناء الخنادق،في تدريب و تسليح عناصر مليشيات البوليساريو من خلال الملحق الثقافي الإيراني بالجزائر السابق الذي فضحه المغرب و فضح دوره التخريبي في المنطقة عموما و المستهدف للمغرب و لوحده الترابية على الخصوص و كان السبب في سحبه من الجزائر بعد أن كشف المغرب دوره في تدريب مليشيات الجبهة، و كشف كل المؤامرات التي ظل يقوم بها مستهدفا من وراءها المغرب، نسي حسن الله و من وراءه إيران أن المغرب كان و ما زال مستعصيا عليهما و أحبط محاولاتهما في اختراق المنطقة و تحويل المخيمات إلى خلفية عسكرية يتمركز فيها الحرس الثوري لتخريب شمال أفريقيا و الإستقواء على شعوبها كما فعلت بالعراق و سوريا اللتين حاولت تحويلهما إلى ملحقات إيرانية و كانت مليشيات حزب الله هي الأداة التي بواسطتها اقتحمت هذه البلدان عسكريا.
حزب الله و إيران اللتين لم تقدما غير الشعارات و الخطب للوفاء يريد استغلال هذا الحدث للمزايدة على المغرب… لنطرح السؤال مباشرة: ما الذي آلمك يا حسن نصر الله في أن يوقع رئيس الحكومة المغربي لاتفاق باسم بلده عاد بنقع سياسي كبير على المغرب؟!
كيف لحسن نصر الله أن يتحدث و يتَوجه باسم الحركة الإسلامية في البلدان العربية للعدالة و التنمية المغربي و لرئيس حكومة دولة أخرى،و هو يعلم أن حركته شيعية ولاءها الأول و الأخير لإيران، لا تؤمن بالوطن، تنهج سياسة ابتلاع الدولة الوطنية و مؤسساتها كما فعل للأسف بلبنان، و يريد لباقي التنظيمات التي لها مرجعية إسلامية و إن كانت مختلفة جذريا عنهم، مذهبيا و سياسيا أن يكونوا تابعين له؟؟
بأي منطق يوجه خطابه للعدالة و التنمية الحزب المغربي،الذي لا يجمعه بحزب الله أية روابط لا تاريخية و مذهبية و لا حتى تنظيمية إن تحدثنا بمنطق الانتماء للإخوان المسلمين؟!
حزب الله و من وراءه إيران يريدان استغلال المناسبة للظهور بمظهر الناطق باسم الاسلام و المسلمين في المنطقة، و باسم القدس و أكثر ما يزعجهم ليس توقيع رئيس الحكومة للاتفاق، بل رئاسة إمارة المؤمنين للجنة القدس لأنها تعكس سلطة رمزية روحية على القدس و كل المقدسات الدينية بها و لأنها بذلك تزاحم ولاية الفقيه و تقدم معنى حضاري للإسلام عكس ما ظلت ترمز إليه ولاية الفقيه من تدمير للدول و استباحة شعوبها و التوسع بمنطق استعماري ديني و ثقافي، إن هذه المفاضلة هي أكثر ما يزعج و يقلق إيران و حزب الله اللذين لم يتوانى معا في محاولة اختراق المنطقة عن طريق البوليساريو و في محاولة اختراق المغرب مذهبيا بما يعنيه ذلك من الولاء لولاية الفقيه بإيران على حساب الولاء للدولة الوطنية.
نوفل البعمري