قال عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات، إن قرار المغرب ترسيم حدوده البحرية الجنوبية خطوة سياسية وقانونية إيجابية ستمكن المملكة من ممارسة الحقوق السيادية والقانونية على المنطقة، وقطع الطريق على إدعاءات أن الصحراء هي قضية تصفية استعمار أو نزاع الدولي.
وأضاف الفاتحي، في تصريح لـ”مشاهد24″، أن ترسيم الحدود البحرية للملكة المغربية هو إجراء سيادي ومتوافق مع مقتضيات القانون الدولي، لكونه ملاءمة تشريعاته الوطنية الداخلية لتحديد جرفه القاري على ضوء تصديقه عام 2007 على اتفاقية الأمم المتحدة “مونتيغو باي” لقانون البحار.
ووفق مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات، يبقى هذا التشريع متأخراً عن تاريخ تصديقه على اتفاقية “مونيغو باي” وبالتالي التأخر عن تعزيز سيادة المغرب الإدارية على سواحله الجنوبية.
وأردف المتحدث أن هذه الخطوة من شأنها تمكين المملكة من الناحية السياسية والقانونية تعزيز قدرتها على تدبير كامل موارد الصحراء المغربية والتصرف فيها، وتمكينها مستقبلا من تفادي الأحداث والمشاكل التي عرفتها العلاقات المغربية-الموريتانية بحرا، على اعتبار أن الخطوة ستمكن في جزء منها من صنع توافق وإنهاء الأزمة مع الجارة الموريتانية، وتجنب المناورات والخطوات الادعائية لطروحات الانفصال الجزائرية.
ويعتقد الفاتحي أن التشريع المغربي الجديد فضلا عن تأكيد السيادة الإدارية والواقعية والقانونية على الحدود البحرية الجنوبية، سيُمكّن المملكة من تدبير جرفه القاري واعتماد المنطقة الاقتصادية الخالصة المحددة في 200 ميل التي تعد من مقتضيات الاتفاقية الدولية المنظمة.
صراع مرتقب
وطبيعي أن المغرب ظل يصطدم عند رغبته في تمديد حدوده البحرية وخاصة على مستوى المنطقة الاقتصادية الخالصة مع دول كإسبانيا والبرتغال، خصوصا على مستوى جزر الكناري التابعة لإسبانيا وجزر الخالدات التابعة للبرتغال، ما يطرح صعوبة التعاطي مع هذا الملف.
وأكد الفاتحي، أن الحدود التي تشكل مشكلات مع إسبانيا على وجه التحديد تبقى في المسافة بين المغرب وجزيرة “هناكبورتافانتورا”، والتي تبعد عنه بـ 100 كلم. لافتاً أن “ما يصعب مأمورية المغرب، تمديد جرفه القاري لما فوق 200 ميل”.
وهذا يطرح إشكالا أمام المغرب – يردف المتحدث – سيما وأن اعتبار كتل بركانية حدودا في القانون الدولي يطرح تعقيدا قانونية من شأنه أن يثير نزاعا مع إسبانيا والتي سبق لها أن باشرت بجزر الكناري القيام بأنشطة التنقيب في بعض المناطق الخاضعة لإشكالية التقسيم.
ومن جهة أخرى فإن إسبانيا لا تريد ترسيم الحدود البحرية مع المغرب ولاسيما فيما يتعلق بالأقاليم الجنوبية، لأن من شأن ذلك اعتراف بسيادته على هذه الأقاليم، بالإضافة إلى كون السفن التي تريد المرور بالمياه الجنوبية والتي كان المغرب يغض طرفه عنها تفاديا للاحتكاك، ستصبح مجبرة على الاعتراف وبشكل صريح بكونها تمر من مياه تقع تحت السيادة المغربية.
انعكاسات ترسيم الحدود على الاقتصاد
وقال عبد الفتاح الفاتحي مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات أن هذا القانون هو استدراك لواقعة احتجاز جنوب إفريقيا لسفينة كانت محملة بالفوسفاط المغربية، وحيث لم يكن المغرب يمتلك أدوات قانونية يحاجج بها على المستوى القانون الدولي قرار الاحتجاج الجنوب الإفريقية وذلك في منتصف سنة 2017.
ويعتقد الفاتحي أن التصديق على القانون سيرفع من قوة حجية الدفع القانوني للمغرب في إدارة شؤون الصحراء من كافة الجوانب؛ وسيمنح للمغرب تقوية دفوعه على مستوى القانون الدولي ولاسيما حين وجود مزايدات سياسية من بعض الدول التي تدعم الخيار الانفصالي.
على مستوى آخر – يستطرد الخبير – فإن من شأن هذا القانون أن يعزز الرهانات المغربية بفتح خطوط بحرية مع عدد من الدول الإفريقية لتعزيز الأنشطة التجارية، وهذا الرهان يتزامن مع انطلاق إنشاء ميناء الداخلة الكبير الذي سيكون إحدى الدعامات اللوجستيكية الكبيرة لتنشيط العلاقات التجارية الأوربية الإفريقية عبر المملكة المغربية.