ليست لي معرفة مباشرة بالصحفي الجزائري عبدو السمار صاحب موقع “اليجري بارت” سوى أننا مررنا معاً في حلقة من تنظيم أحد المواقع الإلكترونية ناقشت مستقبل العلاقة المغربية الجزائرية، وكان هذا الصحفي من المدافعين في هذه الحلقة على التعايش بين الشعبين، بعد تلك الحلقة أصبحت متابعاً لأخباره و تحقيقاته الصحفية التي ينشرها إلى أن فوجئت بنُشر خبر صدور حكم قضائي من محكمة الجنايات الابتدائية بمحكمة الدار البيضاء شرق العاصمة الجزائر قاضي بإعدامه!!!! نعم الحكم الصادر في حقه هو الإعدام ليس لأنه أراد الانقلاب على النظام الجزائري، أو حمل السلاح في وجهه، أو حرض عليه… بل لأن الصحفي عبدو السمار نشر تقريراً صحفياً، مهنياً تناول فيه الفساد الموجود بشركة سوناطراك الجزائرية التي يسيطر عليها الجيش الجزائري، وفضح الاختلاسات التي تحدث بهذه الشركة لفائدة الجنرالات،لتتم متابعته ب”التخابر” و “بنشر أخبار ذات طابع سري” لتكون التهمة في حد ذاتها إدانة لجنرالات العسكر وتأكيداً لكل ما نشره الصحفي عبدو السمار، فكيف تكون أخباره غير صحيحة و هي في نفس الوقت أخبار ذات طابع سري!!! و قد صاحب صدور هذا الحكم حملة تشويه حقيقية طالته وطالت مساره المهني الصحفي المعروف لتبرير صدور هذا الحكم الغير المسبوق في العالم.
عبدو السمار سيكون أول صحفي في العالم يصدر في حقه حكما بالإعدام ليس لأنه معارض سياسي، أو ارتكب جرائم ذات طابع سياسي، بل لأنه نشر تحقيقات صحفية تناولت الصفقات المشبوهة التي تجريها شركة سوناطراك، ولأنه بذلك يكون قد فضح عش الدبابير الذي يسيطر على مقدرات الشعب الجزائري المشكل من الجنرالات الذين يتحكمون في القرار السياسي وفي القرار المالي، كذا في الأحكام القضائية التي أصبحت تفصل على مقاسه ومقاس حساباته السياسية ولتحمي كل أطماعه في السلطة وفي الاقتصاد.
يبدو أن النظام الجزائري الذي يسيطر على كل شيء في الجزائر أصبح يتصرف وكأنه غير معني بكل النداءات التي يتم إصدارها من طرف الأمم المتحدة لإيقاف تنفيذ وعدم الحكم بعقوبة الإعدام خاصة في القضايا التي ترتبط بحرية التعبير والرأي والصحافة، وهي القضايا التي يظل أصحابها متمتعين بحماية خاصة نظرا لكونهم صحفيين، ولكون الصحفي يتمتع بنوع من الحماية القانونية عندما ينشر الخبر خاصة إذا ما كان صحيحاً وفي ملف يتعلق بالفساد المالي كملف سوناطراك الذي كشف فيه عبدو السمار عن حجم الاختلالات وسرقة عائدات الشركة، ونهبها من طرف الجنرالات ولصألح الجيش لتمويل عملياتهم السوداء داخل الجزائر و خارجها.
قضية عبدو السمار هي ليست قضية تخابر كما يريد النظام الجزائري تبرير الحكم الصادر في حقه، هي قضية يريد من خلالها النظام الجزائري أن يقدم رسالة لكل الشعب الجزائري وللصحفيين وللنشطاء من الحراك الجزائري أنه قادر لكي يوصف كل سلطاته بما فيها القضائية للزج بالمختلفين معه في غياهب السجون، بل وبالحكم بالإعدام بتهم خيالية لا يمكن أن يتصور صدورها حتى من أعتى الديكتاتوريات.
ما حدث يكشف لأي حد وصل فيه النظام الجزائري من استعمال يده التي امتدت و سيطرت على كل المؤسسات و السلط الجزائرية لتنفيذ مخطط أحكام قبضة العسكر و مؤسسة الجيش على كل شيء يتحرك و يتنفس داخل الجزائر و خارجها لضمان استمرارية سيطرة الجنرالات على الحكم.
المثير ليس فقط أن الحكم أوقع عقوبة الإعدام في حقه، بل صمت الإعلام الفرنسي عن هذا الحكم رغم أن الصحفي عبدو السمار مقيماً في فرنسا، لتنضاف هذه الملاحظة لواقعة سبقتها هي تدخل الدولة الفرنسية قبلها بأيام لمنع مرور فرحات مهني بقناة فرنسية!!! وليتأكد أن المصالح أحيانا تكون أقوى من حرية الصحافة و الاعلام و التحقيق الصحفي.