بقلم: طالع السعود الأطلسي
“مواهب” مُحرري جريدة “الشروق” الجزائرية، يُنْعِشها الحِقد ضِدَّ المغرب، وتُعبِّر عنه في كل موادها الصحفية المخصصة لأخبار المغرب… لا بَل تبحث عن المغرب، وتنفُثُ حِقْدها عليه، حتى في أبعد الأخبار عن المغرب وفيما هو أبعد عن الأحداث السياسية… قبل أيام جرَت مقابلةٌ في كرة القدم ضمن البطولة الفرنسية، جمعت بين فريق باري سان جرمان، وكان من بين لاعبيه المغربي أشرف حكيمي، وبين فريق أجاكسيو وكان بين لاعبيه الجزائري بلايلي، المقابلةُ انتهت بهزيمة أجاكسيو بحصة ثلاثة أهداف مقابل صفر. هزيمة بحِصَّة ثقيلة، وقد يقول مُعلق صحفي شديد الانحياز للفريق الباريسي، بأنها هزيمة مُهينَة لأجاكسيو… الجريدة الجزائرية لم تهتم بمُساهمة اللاعب الجزائري في هزيمة فريقه… وسلطت حِقْدَها على مراوغة واحدة بين حكيمي وبلايلي، أدت إلى سقوط حكيمي… مُراوغة، من بين العشرات، دامت ثواني من بين أزيد من 90 دقيقة، ومُراوغة لم يَنْتُج عنها هدف لصالح بلايلي ولفريقه… لتكتُب، بزهو وانتشاء، مقالا حول تلك “المراوغة” وعنونَتْه “بلايلي” يُهين “المغربي حكيمي”… مُباراة رياضية بين فريقين فرنسيين، أحدهما انهزم ولم تنفعه مهارات اللاعب الجزائري، والآخر انتصر وبمساهمة اللاعب المغربي، ومع ذلك اختلقت الجريدة، الحاقدة على المغرب، بُطولةً وهمية للاعب الجزائري ضد اللاعب المغربي… الجريدة، في السياسة وحتى في الرياضة، مُهتمَّة فقط بالتنقيب عن الإهانة للمغاربة وللمغرب وافتعالها…
وهي في ذلك تعكس “ثقافة” القيادة العسكرية الجزائرية، التي تُوجِّهُها، والتي تتعاطى مع المغرب بعُقدة الدونية والاسْتِصْغار الذَّاتي، ما يرفع لديها منْسوب الحقد… وبما يَجعل تعابيرها السياسية مُجرَّد تلْفيفٍ لحشوة جَمْرَة حِقْدٍ مُتَأجِّجَة… القيادة العسكرية الجزائرية مُنْشغلة أساسا بالمغرب… المغربُ حاضر في سياساتها، بمعايير الحقد والمنافسة المرضية… تُربِكُ نَفْسَها، تُحرِجُها، تُعيق مساراتها، وكان الأفْيَد لها أن تتجاوب وتتفاعل وتتعاون مع المغرب… ولمصلحتها أساسا… غير أن تصوُّر “انتصار” المغرب عليها يُفرْمِلُها ويزيد من غليان حقدها عليه… والحال أن الملك تَحسَّب لهذه الوضعية وقدم للقيادة الجزائرية مَخْرجا مُشَرِّفا، من إدمان عدائها للمغرب ومن حَملها لنزاع الصحراء المغربية، عبر مقترح الحكم الذاتي، فضلا على نداءاته المُتكررة لها بالحوار والتعاون واستعادة علاقات الأخوة بين الدولتين…
إصرار القيادة العسكرية الجزائرية على معاداة المغرب يعود عليها بعدة أضرار… وهي تَعِيها وتُواصِل عداءها عن عمْدٍ وسبْق إصرار… وأقرب مثال لدينا على الأضرار التي تَلْحَق قيادة الجزائر، جراء حقدها على المغرب، هو احتمالات فشل القمة العربية في الجزائر… وأهْوَن الفشل هو تأجيلُها… أما إذا انعقدت فستكون هي الفشل بالبث المباشر في القنوات التلفزية… القيادة الجزائرية هلَّلَت للْقمَّة العربية، وأرْغَت وغَنَّت، كما لو أنها القمَّة الأولى في حياة هذه الأمة العربية أو لعلها ستكون الأخيرة… قالت عنها بأنها ستكون “قمة لَمِّ الشمل”… شعارٌ “ضَخُمٌ” وأثقل وزنا من قدرتها على حمله وفي وضع عربي في حَرَكَتِهِ هَدَجَانٌ… مُثْخَنٌ بجروح ومُدمَّرٌ بغارات “الخريف العربي” على عدة أقطار… والأهمُّ أن من يتباهى بمُنَافَحَتِه عن “لَمِّ الشمل العربي”، هو من “يُكافِح” ضِدَّ أخيه وجاره المغربي والعربي، بِقطْع كل العلاقات معه، يُشاغب ضدَّه بضجيج انفصالي، ويجتهد في محاولة إهداء الوحدة العربية “دويلة” أخرى لها… تعمق تشتتها… أيُّ لَمِّ شملٍ هذا؟ وبأيِّ معنى؟
لقد جرى الحديث، في وسائل إعلام فرنسية وسعودية، عن “احتمال مشاركة الملك محمد السادس في القمة… ورأى الكثيرون في ذلك حدَثا بَالغ الأهمية في أفق “لَمِّ الشمل” المغاربي… غير أن القيادة الجزائرية لم تتجاوب مع تلك التسريبات بما تستدعيه من إشارات تنِمُّ عن تِرْحابِها بالمُشاركة الملكية… من نوع الحديث، في شكل غير رسمي، عن احتمال فتح الحدود البرية والجوية وبرمجة إعادة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين… لا بَل وزير العدل الجزائري الذي حمَل رسالة دعوة الملك إلى القمة، تصرف كما لو أنه يحُلُّ ببلدٍ عدُوٍّ ويحمل لها استدعاء للمحكمة… القيادة العسكرية الجزائرية بهذا تصرُّ على قطع الشمل مع المغرب، فكيف لها أن تنْجَح في لَمِّ الشَّمْل العربي… وهي عارفة بأن حضور الملك إلى القِمَّة يكاد يكون شرطا لحضور قادة دول عربية ومن بينها دول الخليج العربي… وها قد بدأ تهاطُل اعتذارات قيادات خليجية… بما سيطرح على دول أخرى سؤال جدوى الحضور فيها بمستوى القادة الأولون. قمة بدون ملوك، أمراء ورؤساء العديد من الدول العربية… لن تكون قمة كاملة الجاهزية والصلاحيات في اتخاذ قرارات نوعية… ستتحول إلى مُجرَّد اجتماع، للتداول بين الحاضرين في مجريات هذا الوضع العربي تحضيرا لقمة عربية فعلية وفاعلة… أما قمَّة الجزائر فهي، قبل افتتاحها، شرعت في الانحدار…
للأسف، هي قمة وظَّفتها القيادة الجزائرية، على مدى الأشهر الماضية، مُوَلدا لحملة تضليل إعلامي، للتغطية على عُزْلتها السياسية داخل الشعب الجزائري… أملا في شرعية لم يمنحها لها لا في الاستفتاء على الدستور، ولا في الانتخابات الرئاسية ولا في الانتخابات البرلمانية… وهي بذلك تُنَاوِرُ ضِدَّ الحاجة المُلِحَّة لِلَمّ الشمل الجزائري… باستبعاد التجاوب مع حِراكِه الشَّعبي والقيام بمُصالحات مع نُخبته الإعلامية، الاقتصادية والسياسية المُستقيلة من العمل في الأجواء السياسية المأزومة…
ولهذا، فقمة الجزائر، إذا عُقدت أو إذا أُجلت، وكما وجهتها القيادة العسكرية الجزائرية… هي في وارد أن تعمق شُروخ الوضْع العربي وتفتح فيه أخاديد تُضاعف انقساماته… أما “لَمُّ الشمل” فلن يُغادِر البيانات والتصريحات الحماسية… إلى الواقع… لأن فاقد “الَّلمِّ” لن يُلِمَّ لا شمْلاً ولا آلاً ولا أهلاً…