يقلم: نوفل البعمري
بخلد العالم الحقوقي في 12 فبراير من كل سنة اليوم العالمي لمناهضة تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة، وهي المبادرة التي أطلقت منذ أكثر من عشرين سنة تحت أسم يوم “اليد الحمراء” المناهض لاستغلال الأطفال كجنود، التي أطلق فيها حملة مناشدة الدول والحكومات فصد مواجهة تجنيد واستغلال الأطفال في النزاعات العسكرية المسلحة، المتزامن مع المصادقة على “البروتوكول الإضافي الخاص بحماية الأطفال من النزاعات المسلحة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في ماي من عام 2000، ودخل حيز التنفيذ في 12 فبراير 2002، والذي صادقت عليه 172 دولة، حيث جاء هذا البروتوكول لإضافة حماية قانونية وحقوقية إضافية لما توفره اتفاقية حقوق الطفل، للأطفال خاصة في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة ومناطق التوتر، التي يتم فيها بشكل خاص استغلال الأطفال، الذين يحتاجون لحماية خاصة، والتي حاول هذا البروتوكول توفيرها لهم باعتبارهم من الفئات الهشة، التي تحتاج للعناية والرعاية، لكي لا يتم استغلالها في الحروب.
و قد سبق للأمم المتحدة سنة 2019 أن قدمت عشر حقائق صادمة حول تجنيد الأطفال عسكريا، وكان من بينها هذه الخلاصات هذه النقط، التي تعيد نشرها نظرا لفائدتها:
– يعتبر التجنيد القسري للأطفال لاستخدامهم في النزاعات المسلحة أحد أسوأ أشكال عمل الأطفال إلى جانب الانتهاكات مثل الاتجار من أجل الاستغلال الجنسي، وفقا لمنظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة.
– يجند العديد من الأطفال قسرا ويستخدمون من قبل القوات أو الجماعات المسلحة، لكن يدفع آخرين للانضمام إلى الجماعات أو القوات المسلحة، بسبب عوامل اجتماعية واقتصادية، مثل الفقر المدقع أو عدم الحصول على التعليم.
– تشمل النزاعات المسلحة آثار ضارة على الأطفال المتورطين بشكل مباشر في أعمال العنف والفظائع، حيث تترك عند الفتيات والفتيان، الذين يتعرضون لأهوال الحرب، ندوبا نفسية طويلة الأمد، ويحتاجون في كثير من الأحيان إلى الدعم النفسي والاجتماعي عند إطلاق سراحهم.
– إذا لم يتم دمج الجلود الأطفال السابقين بنجاح في المجتمع، فهناك خطر كبير من إعادة تجنيدهم مرة أخرى، حيث يقول عمال الإغاثة إن برامج دعم إعادة الإدماج غالبا ما تعاني من نقص التمويل.
هذه الخلاصات، التي وصلت إليها الأمم المتحدة حول تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة، هي كلها ترتبط ارتباطا كبيرا بالوضع العام، الذي تعيشه عدة مناطق نزاعات، وتظل مخيمات تندوف أخطر هذه المناطق وأكثرها استغلالا للأطفال في أنشطة تقوم بها مليشيات البوليساريو كلها عسكرية – مليشياتية، تتمثل في احتجاز أطفال المخيمات بمراکز مسلحة بصحراء تندوف جنوب الجزائر، مفتقدين فيها لأبسط مقومات الحياة، و بعيدين عن أسرهم، وخارج قاعات الدراسة حيث يجب أن يوجدوا.
مخيمات تندوف، التي تعيش وضعا غير طبيعيا بفعل الوضع العام الذي تعيشه، تزداد سوءا مع ما يتعرض له أطفالها من استغلال وتجنيد قسري لهم في نزاع تريده الأمم المتحدة أن يكون سياسيا، ودفع به البوليساريو والدولة الجزائرية نحو التسلح، حيث الأطفال هم وقودها ووقود البوليساريو لإشعال المنطقة، خدمة لأجندات العسكر الجزائري،
و قد سبق للمغرب أن طرح الملف غير ما مرة داخل الأمم المتحدة، ورغم محاولات الدولة الجزائرية إنگار الأمر، لكن الفيديوهات والصور، التي تم التقاطها من داخل المخيمات، وقدمت في ندوات صحافية نظمها السفير المغربي عمر هلال بمقر الأمم المتحدة، كانت كافية لتقنع هذه الأخيرة والعالم أجمع بخطورة الوضع على ساكنة المخيمات عموما، و على الأطفال خصوصا إلى جانب النساء، مما دفع الفاعلين الدوليين، خاصة منهم الحقوقيين في مختلف بلدان العالم إلى مراسلة الأمين العام للأمم المتحدة، قصد التدخل لحماية أطفال مخيمات تندوف، ووقف هذا الاستغلال البشع لهم، و المتنافي مع اتفاقية حقوق الطفل والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ومیثاق الأمم المتحدة.
البوليساريو وهي ترتكب هذه الجريمة، التي تنضاف لجرائم أخري ارتكبتها وترتكبها، وسقط فيها العشرات من الضحايا من المدنيين العزل و النشطاء، ثم الأطفال الذين حاولت البوليساريو ومن ورائها الدولة الجزائرية دفعهم في الأزمة الأخيرة، التي شهدتها المنطقة، ليكونوا وقود حرب، التي لم يسايرها فيها المغرب، حفاظا على أرواح المدنيين، و أمن المنطقة، في مشاهد وثقها العالم، خاصة في البروبغندا التي قدمتها وسائل إعلام رسمية جزائرية في دعايتها للحرب الوهمية، التي قادها قنواتها.
12 فبراير ليس فقط يوما لحماية الأطفال من النزاعات المسلحة واستغلالهم، هو يوم لتسليط الضوء على أسوء مخيم وأبشع استغلال للطفولة في مخيمات تندوف من طرف ميليشيات البوليساريو، و النظام الجزائري العسكري، هذا النظام الذي يظل مسؤولا عن هذا الاستغلال المتنافي مع القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، ومع الحماية التي يوفرها، خاصة للفئات الهشة أولها فئة الأملفال، الذي يجعل من النظام الجزائري نظاما مسؤولا أمام القانون الدولي، ويتحمل كامل المسؤولية الجنائية عما يتعرض له أاطفال المخيمات من تجنيد قسري.
لقد حان الوقت لدعوة الأمم المتحدة لتوفير الحماية القانونية اللازمة والحقوقية لأطفال المخيمات من هذا الاستغلال المحظور لهم في النزاع المفتعل حول الصحراء، بحيث يتم تحويلهم لمشاريع مرتزقة، ويتم الزج بهم في صراعات داخلية، كما حدث في ليبيا فترة الثورة سنة 2011.
الأمم المتحدة عليها أن تضع نفسها أمام مسؤوليتها الأخلاقية أولا، ثم الحقوقية والإنسانية، و إذا كانت عاجزة عن فرض الحل السياسي على النظام الجزائري، وفقا للمعايير المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن، فعلى الأقل عليها أن تخفف من معاناة أطفال المخميات، بمتابعة كل من يقوم باستغلالهم والزج بهم في أنشطة عسكرية مسلحة، و إخراج الأطفال من المخيمات وإعادتهم لوطنهم الأم المغرب، حيث توجد أسرهم، التي فرض عليها التشتت بين الأراضي الجزائرية والجنوب المغربي، بفعل الحصار العسكري، الذي يفرضه العسكر على ساكنة المخيمات.
واستمرار هذا النزاع، الذي تعرقل فيه الجزائر أي حل سياسي جدي لطيه. ووضعية أطفال المحميات، وحجم استغلالهم اللإنساني، هو الوجه البشع للنظام الجزائري ومليشيات البوليساريو.