وهنا قلت للأم مطمئنا لها خير إنشاء الله سوف أرى ما يمكنني فعله ومن ماذا يعاني ولدك وكنت كمن أزال القفل من فمها أو ضغط على زر إشتغال المذياع فبدأت المرأة تحكي “شوف أسيدي الدري كان عادي يضحك ويلعب مع صحابو كينعس مزيان وياكل مزيان حتى دخلناه المدرسة دابا هذي ثلت سنين والدري تبدل مائة بالمائة” وسكتت لتلتقط أنفاسها وتستكمل “دخلتو المدرسة وندمت دري ولى لي مغول خايف ما يلعب ما يضحك وفاش كينعس فالليل كيحلم بالكوابيس نظل غادية جاية عندو من الغوات ديالو والبكى وفي الصباح كيفيق مسرد فراشو حاشاك أسيدي” سألتها مستفسرا هذه الأعراض ظهرت عنده منذ دخوله للمدرسة؟ أجابتني “أييه أسيدي”…
بحكم دراستي العلمية ومعلوماتي الهامة حول علم النفس والفلسفة أكاد أجزم بأن هذا الصبي قد تعرض لعنف نفسي وحتى جسدي رهيب سألتها مرة ثانية بعد لحظة تفكير ألا توجد كدمات على جسده زرقاء أو سوداء أجابتني على الفور لا أسيدي لا توجد وإنما أذكر أنه مرة أو إثنين رجع إلى المنزل وكدمة زرقاء أسفل عينيه وحينما سألته أجابني أنه سقط من درج المدرسة وسألتها أهم سؤال عندي فقلت لها هل ذهبت به إلى الطبيب أجابتني وهي تغالي دموعها نعم ذهبت به إلى ما يزيد عن عشرين طبيب خلال هذه الثلاث سنوات الأخيرة وكلهم حارو في حالته وأغلبهم نصحوني بتغيير المدينة وأنا لا أستطيع أجبتها وقد أخدت المعلومات التي أحتاجها ولم يتبقى لي سوى جلسة تفسيرية وتحليلية مع الولد الصغير إطمئني يا خالة لا أحد سيرحل عن هذه المدينة إن شاء الله وإبنك سيشفى بإذن الله حاولت المرأة المسكينة تقبيل يدي وهي تتلعثم في كلامها الله يكثر خيرك أسيدي ” غير شافي ليا ولدي ونعطيك لي بغيتي” وهنا تكلمت أمي كأنها فقط تنتظر هذه الجملة “أييه الشريفة ولدي غيقضي لك الغرض وأنت عليك بالبياض والفتوح” إستغربت من كلام أمي غاية الإستغراب من أين تعلمت هذا الكلام وهذه الجمل المقدسة في عقلية معظم الناس ضحكت في سري وقلت لهم بجدية مزيفة الأن دعوني أنا والصبي لوحدنا فقط ولا يقاطع أحد جلستنا مهما حصل نظرت أمي إلى المرأة وهي تسحبها من يدها سمعت الشريفة “شنو قال يالاه نخليوه مع ولدك ويكون الخير إن شاء الله” نظرت الأم إلى إبنها نظرة ملئها الحب والحنان وقبلته في وجنته وهي تهمس في أذنه “ما تخافش أولدي أنا غادي نخليك مع عمو ونرجع ما تخافش منو راه ظريف صافي أولدي نظر لها الولد وفي عينيه شلال من الدموع وتشبت بها إلا أن أمه أزالت يده وخرجت مع أمي وتركانا لوحدنا في الغرفة…
أول خطوة فكرت في الإقدام عليها هي كسب ثقة الولد بأي طريقة كانت خصوصا وأن لدي تجربة عملية مع الأطفال فأنا كنت أقوم بعمل “الكلون” للأطفال في مناسبات الأعياد الوطنية والدينية وحتى أعياد الميلاد الخاصة بالأطفال وكانت لدي حصص رسمية مع الأولاد في بعض المدارس الخاصة كنت أجد في دور “الكلون” متنفس نفسي ومدخول مادي مهم “بريكول ديال ساعتين كان يقضي الغرض” المهم ذهبت بسرعة وارتديت بدلة المهرج وقمت بعمل المكياج بسرعة وعدت إلى الطفل في أول الأمر لم يعرني الولد أي إهتمام وبدأت أقلد بعض الأصوات للحيوانات التي تحبها الأطفال كالببغاء والقرد والفيل والديك المهم لم أقصر من جهدي لجذب إنتباهه نحوي وفجأة بدأ الولد يتجاوب معي خصوصا بعد تقليد صوت الكلب فتيقنت أنه من الأطفال الذين يحبون الكلاب والأن كان يجب علي أن أقوم بعمل يجعله يضحك فبدأت أقوم ببعض حركات خفة اليد أخرجت له درهم وقلت له أين سأخفي هذه نظر إلي وهز كتفيه أنه لا يعلم عندما رأيته قد هز كتفه أدركت أن الولد يتجاوب معي أخفيت الدرهم وأخرجتها من أذنه طبعا بحركة خفيفة من يدي ولم يصدق الولد وبدأ يبحث في أذنه عن الدرهم وهو يبتسم ولما أخرجتها من شعره إنفجر ضاحكا وقال لي عمو “كيفاش درتي ليها” وهنا ظهرة لي النقطة التي سأدخل منها لكي أقوم بعملية ” سبر أغوار النفس البشرية” فقلت له “بغيتي تعرف كيفاش وشوف مزيان ثم إصطنعت أني بلعت الدرهم وقلت له أنظر جيدا ثم أطلقت الريح وأخرجتها من خلفي” وكانت هذه هي حركة المفتاح السحري للولد فقد إنفجر ضاحكا ولم يسكت وفي خارج الغرفة إهتزت الزغاريد والصلاة على الرسول عليه الصلاة والسلام والأم تصيح بجنون والحمد لله “ولدي رجع يضحك ليا أفرحي أسعدي ثم حاولت الدخول….
فنهرتها أمي غاضبة ألم تسمعي ما قال الشريف لا يدخل أحد الغرفة مهما حدث إرتدت الأم المكلومة إلى الخلف وهي تقول “أه نسيت” كنت فقط أريد أن أرى إبني وهو قد استرجع ضحكته وفرحته فقالت لها أمي دعي الفقيه يكمل عمله ولا تجعلينا نشوش عليه هدأ الموقف بالخارج سألت الولد وأنا أقترب منه أتريد عمو يعلمك حركات سحرية أخرى أجمل من هذه أجابني الولد بفرحة الأطفال البريئة أجل فألعابك تضحكني وهنا تأكدت أن وراء صمت وسكوت هذا الطفل سر خطير يجب أن أكتشفه وفي الحال…يتبع