بعد سقوط نظام بشار الأسد، خسرت الجزائر آخر حليف عربي لها في الشرق الأوسط ما يفاقم عزلة “الكابرانات” في الساحة الإقليمية والدولية، ويضع سياستهم الخارجية على المحك.
وأحدث سقوط الأسد بعد سيطرة المتمردين المسلحين على دمشق والمؤسسات الرسمية في البلاد دون أدنى مقاومة؛ رجّة كبيرة داخل ردهات النظام الجزائري الذي عاين بدهشة تحولا دراماتيكيا في المشهد السوري، خاصة وأن الجزائر ظلت تدعم “المجرم” بشار وسياسته الديكتاتورية بشكل مطلق إلى حين فراره صوب روسيا، بينما كان يصف عناصر المعارضة السورية بـ”الإرهابيين”.
ورغم أن هذا الدعم الكبير كان يتعارض في فترات عديدة مع إرادة الشعب السوري الطامح إلى الحرية، إلا أن النظام الجزائري وقف إلى جانب نظام بشار الأسد، متجاهلا التنديدات الدولية بانتهاكاته لحقوق الإنسان واستخدام الأسلحة الكيماوية وغيرها.
وتُظهر الأحداث المتسارعة في سوريا أن الدبلوماسية الجزائرية لا تمتلك الرزانة والرؤية الاستباقية، كما وضعت نفسها في موقف حرج، بعدما غيّرت لهجتها تجاه المعارضة بسرعة البرق، إذ باتت تصفهم بين ليلة وضحاها بـ”الأطراف السورية”.
ويبدو أن البيان الجديد لوزارة الخارجية الجزائرية لم يكن إلا محاولة فاشلة لإنقاذ ماء الوجه أمام التحولات السريعة في سوريا.
جنرالات الجزائر في صدمة!
قال الدكتور عبد الرحمان مكاوي الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية أستاذ العلاقات الدولية بجامعة “ديجون” الفرنسية، إن سقوط بشار الأسد خسارة كبيرة للجزائر وأيضا لميليشات “البوليساريو” الانفصالية التي كانت تستفيد من تدريبات عسكرية في سوريا تُنسّقها “الوحدة 255” التابعة للمخابرات السورية مع نظيرتها الجزائرية والإيرانية. مبرزا أن سوريا ظلت من الدول المعترفة بـ”البوليساريو”، فيما كان نظام بشار يؤكد موقفه باستقبال زعماء الجبهة الانفصالية.
وأضاف مكاوي في تصريح لـ”مشاهد24″، أن الخاسر الأكبر من هذا السقوط بمنطقة المغرب العربي هو النظام العسكري الجزائري؛ الذي نسج علاقات تاريخية مع سوريا.
وأشار الخبير العسكري إلى أن العلاقات الثنائية بين الجزائر وسوريا كانت جيدة حتى خلال “العشرية السوداء”، إذ كوّنت سوريا مجموعة من الضباط الجزائريين، مستدركا بالقول: “إن سوريا هي الدولة الوحيدة الحليفة للجزائر منذ استقلالها إلى سقوط نظام بشار الأسد لأسباب تاريخية ومتعددة”.
وأبرز المتحدث أنه مع سقوط بشار الأسد ظهرت أصوات داخل الفصائل السورية تشيد بسياسية المغرب وبالشعب المغربي، مؤكداً أن الحكومة الانتقالية في سوريا ستُغير سياستها الخارجية حسب ما اتُفق بشأنه ما سيضُر بمصالح النظام الجزائري.
وشدد مكاوي على أن قادة المعارضة من خلال بيانهم السياسي الأول، لا نية لهم في التدخل في المشاكل العربية، وهمهم الوحيد هو إعادة بناء “سوريا الديمقراطية”.
ومع سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، فقدت إيران واحدة من أهم ركائز نفوذها الإقليمي – يردف مكاوي – فإن هذا سينعكس بشكل سلبي على جبهة “البوليساريو” الانفصالية؛ التي كانت تطمح إلى الحصول على إمدادات عسكرية إيرانية وتدريبات في بعض القطاعات السورية بشكل سري.
واعتبر الخبير العسكري أستاذ العلاقات الدولية بجامعة “ديجون”، أن سقوط بشار الأسد وهروبه نحو روسيا يثير مخاوف قصر المرادية. مشدداً على أن النظام الجزائري ونظيريه السوري الذي كان يقوده بشار الأسد بالحديد والنار، يتشاركان في مواقف وصفات عديدة.