نظرت بخوف وإستغراب إلى موقف “اللينݣوص” الغريب هذا وكان علي أن أتخذ قرار فوري في هذه الحالة وتذكرت بعض الحركات القتالية التي تعلمتها في نادي فنون الحرب والدفاع عن النفس فاتخذت قراري قفت مستعدا لحركة الجودو الشهيرة وأطلقت صرخة قتالية أفرغ فيها توتري وأستجمع قواي وفي لحظة قال “اللينݣوص” “كيداير أسي الشريف جات واحد لكليانة مهورة تتسول فيكم قالها “لينݣوص” وهو ينحني لتقبيل يدي بإجلال سحبت يدي من فمه كعادتي حين يحاول أحدهم تقبيل يدي وسألته غاضبا لكليانة عرفناها ومالك جاي كتجري وفيديك هاد الحبس أجابني وهو يتلعثم “لا والو غير السيدة جايبة ليكم الدبيحة وقلت نجي نعلمكم أنا الأول” نظرت إليه بإمعان إذن هذا الموقف بأكمله وهذا الجري لمجرد أن يعلمني وطبعا ليأخذ بعض الدراهم مني قلت له بلهجة حادة مرة أخرى كيف ما كان الخبر لا تأتيني بهذه الحالة المفاجئة ألا تعرف كيف تتأدب مع الناس أجابني بإنكسار معذرة يا سيدي خطأ لن أكرره مرة ثانية وإلتفت يحاول الإنصراف فمنعته…
قائلا قل لي ما نوع هذه الذبيحة أجابني “لينݣوص” بسرعة خروف يا سيدي خروف مليح فقلت مع نفسي حصلنا على أضحية العيد إذن قلت له لا تذبح الخروف على عتبة الدار إصعد به إلى السطح واربطه هناك وقل للسيدة هذه أوامر السي شريف أخرجت من جيبي ورقة من فئة مائة درهم ونفحت بها قائلا بعد نصف ساعة من الأن دع السيدة تصعد إلى الدار أكون خلالها رتبت أموري أخذ “لينݣوص” المائة درهم وهو يكاد أن يغمى عليه فكم من أسبوع كان يمر عليه من دون كسب حتى درهم و”بَاسْ” يدي هذه المرة عنوة وقال الله يخلف السي الشريف “كون هاني دبا نوصل ليها خبار” رميت أخر نظرة على الصالون أملا في رؤية غزالي ولكن كانت الأبواب مغلقة وبدا لي وجود شخص ما خلف الباب ولكني أسرعت الخطى إلى المنزل حتى أعد الجلسة اللازمة للسيدة القادمة وبعد نصف ساعة بالضبط أمي واقفة عند باب الغرفة أو الزاوية كما يحب الناس أن يلقبونها وهي تطرق الباب تطلب الإذن بالدخول عدلت من جلستي وأنا أقول لأمي مرحبا بضيف الله دخلي الوالدة ودخلي معاك السيدة قالت أمي والزبونة بصوت واحد تسليم أسيدي تسليم أسيدي ثم تابعت أمي وهي تسأل بصدق وباستغراب “كيفاش عرفتي أسي شريف بلي لمرة معايا” ضحكت في سري من كثرة هذا الجهل وهذا الغباء الذي يعمي بصائر الناس ويذهب بعقولهم وتصنعت الجدية وأنا أقول لأمي “لجواد ما تخفى عليهم لا مارية لا سعاد واخا يكونو فأخر لبلاد” أطلقت المرأة شهقة مكتومة وهي تقول بصوت مختنق “تسليم أسيدي كيفاش عرفتو سميتي سعاد” نظرت لها أنا أيضا باستغراب حقيقي…
وخفت أن تفضحني نظراتي فحاولت أن أزيد من إبهارها وإجلالها مادام الحظ في جانبي وهذه الأبيات الشعرية تأتي مفعولها السحري رغم أنني ألفتها بتلقائية وبعفوية “شوفي ألالا سعاد حنا كنعرفو كلشي واخا لعزيز هو مول هادشي” جملة لا محل لها في الإعراب ولا معنى لها في الكتاب مجرد هرطقات كلام لا أنكر أني وضعت كلمة العزيز عن قصد لأني أعرف أن معظم مشكلات النساء وراءها رجال وأغلب مشاكل الرجال خلفها نساء فكانت ضربة معلم فما إن أتممت جملتي حتى بدأت المرأة بالبكاء والنحيب وهي تشهق وتحاول الكلام هدأتها أمي برفق وهي تقول لها “صافي أبنتي ما تبكيش انت قصدتينا والمقصود الله دابا يتهلا فيك السي الشريف كوني هانية غير هو خاصك حتى أنت تهلاي” أه على أمي أصبحت رأسمالية من الدرجة الأولى ففي شؤون المال كنت أدعها هي التي تتكلم مع الزبائن فيها وكنت غالبا ما أوصيها أن لا تطلب ما لا يطاق من الناس إلا أن أمي كانت دائما ترفع المبلغ وهي تقول لي أنا “كنعرف ليهوم هادو راعندهم ليتحرق ما يتم” ولقد بدأت أصدق كلامها هذا بالرغم من الأموال الطائلة التي تطلبها الوالدة إلا أننا كنا نحصل على ضعفها إن عالجنا المريض فعلا أين يخبئ كل هذا المال…ثم قالت المرأة “أييه السي الشريف لعزيز ديال راجلي هو لمنو هادشي وهو لي معذبني في حياتي” إلتفت يمينا ويسارا أبحث عن شخص خفي يقوم بمساعدتي فهذا الحظ الذي أعيش فيه هذه الأيام كَوَنَ عندي رعب هائل خوفا من أن يأتي يوم وتنقلب فيه الأمور ويفر الحظ من عقر الزاوية…
حاولت التركيز على هذه الحالة الجديدة وهذا اللغز المحير الذي علي فك رمزه وطلاسمه فكان علي أولا أن أتعرف على الحالة عن قرب فقلت لها بلهجة الفقهاء زيدي قربي ألالة زيدي باش نشوفوك وتشوفينا وتحل البركة إن شاء الله أنا ليس معي مشكل في التعامل مع النساء فقد كنت طلبت من أمي أن ترافق كل النساء اللواتي يزرنني قصد العلاج ولا تتركهن إلا وهن يغادرن باب الدار ولاقت إستحسان كبير من طرف الزبائن وأزواجهم ولا من طرف أمي التي قالت لي يومها هذه تربية الرجل الصالح “دوبل طيط” الأكبر رحمه الله كان لا يهز عينيه في إمرأة أو يقل أدبه إقتربت السيدة ومعها أمي بالطبع وهنا بدأ عقلي يشتغل ويحلل كل حركة في المرأة من ثيابها إلى رعشة فمها فأول ما لا حظت إمرأة في الثلاثينيات من عمرها لها حظها من الجمال بدينة شيئا ما ترتدي عباءة سوداء كانت مودة في تلك الأيام وسلسلة ذهب معلقة في عنقها وثلاث خواتيم في أناملها مع مجموعة من دبالج الذهبية مرصوصة في ذراعيها وقلت مع نفسي لن تدع أمي هذا الكنز يمر أمامها من دون أن تأخذ حظا منه ثم سألت السيدة قولي لي يا سيدتي ما المشكلة التي بينك وبين زوجك قالت لي وهي تسألني على استحياء هل من الممكن أن أقول لك كل شيء أجبتها بلهجة مطمئنة سيدتي عامليني كما تعاملين الطبيب هل يجوز لك أن تخفي شيئا عن الطبيب أجابتني لا يا سيدي كلامك على صواب وقلت لها لأزيد من طمأنتها أنا هنا لعلاجك وحل مشكلتك وقلت لها بلهجة صادقة لا يهمني المال ولا الكنوز المهم عندي هو تعيشوا حياة سعيدة ترضي الله وترضيكم وأنا لست السي الشريف الأن أنا “خوك صافي” إتفقنا ردت علي وقد بدت علامات الرضى على وجهها إتفقنا “أسيدي خويا” سأروي لك كل شيء عني وعن زوجي ثم ذرفت دموعا غزيرة وهي تقول لقد تزوجنا عن حب فزوجي إبن عمتي وأنا إبنة خاله كانت علاقتنا مبنية على الحب والإحترام وكان زوجي لا يمر يوما من الأسبوع إلا وقدم عندنا ضيفا للمنزل توقفت المرأة لتنظم أفكارها وتأخذ نفسها فإذا بالوالدة تفتح النافذة عل مصراعيها وهي تصرخ ولدي شي ثعلب عندك ميتة هنا….يتبع