في الوقت الذي كان فيه العديد من المسؤولين وقادة الأحزاب السياسية المغربية يضعون أيديهم على قلوبهم مخافة أن تعصف بهم قرارات الملك محمد السادس، خصوصا بعد خطابه القوي تجاه الطبقة السياسية في ذكرى عيد العرش (29 يوليوز 2017)، نزل خطاب 20 غشت، بمناسبة ذكرى “ثورة الملك والشعب”، والذي ألقاه العاهل المغربي، مساء اليوم الأحد، بردًا وسلامًا على قلوبهم، في ظل تركيز مضامين الخطاب على حصيلة العلاقات التي نسجها المغرب مع عدد من الدول الإفريقية خلال السنوات الفارطة، ودورها في خدمة مصالح البلاد وتطور القارة ككل.
وبحسب مجموعة من المتتبعين للشأن السياسي المغربي، فإن الملك محمد السادس لا يحتاج إلى أن يعيد الكلام نفسه الذي قاله في خطاب عيد العرش، والذي أرسل من خلاله رسالة واضحة إلى الحكومة والمسؤولون والإدارة المغربية، مفادها إما أن يشتغلوا ويخدموا مصلحة المواطنين أو يرحلوا، وبالتالي “يجب أن تترجم توجيهاته على أرض الواقع، لا أن ينتظروا المزيد من الخطابات”.
ويرى الدكتور إدريس الكنبوري، الأكاديمي والباحث والمحلل السياسي المغربي في تصريح لـ مشاهد24، أنه على عكس ما كان متوقعا من لدن الكثيرين، وهو أن الخطاب الملكي سيتطرق إلى قضايا داخلية وسيكون استمرارًا لروح خطاب العرش الماضي، “ركز خطاب 20 غشت، على القضايا الخارجية، وخصوصا الحصيلة الإيجابية لعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي بعد عقود طويلة من سياسة الكرسي الفارغ”.
وأضاف الكنبوري، أن الخطاب الملكي أشار إلى ما تحقق بفضل هذه العودة التاريخية، وعلى رأس تلك الإيجابيات تراجع عدد البلدان الإفريقية التي كانت تعترف في الماضي بالجمهورية الصحراوية الوهمية.
ويعتقد المتحدث، أن “الخطاب أراد أن يبقي هذه المناسبة، وهي ذكرى ثورة الملك والشعب، في إطارها التاريخي من دون أن يتطرق إلى القضايا الداخلية”، فخطاب العرش الماضي، يردف الخبير السياسي المغربي، “كان خطابا منسجمًا مع المناسبة، وهو سياسة الملك الداخلية لأن المناسبة ترتبط بوصوله إلى الحكم، فهي تهم الشق الداخلي وتدبير شؤون المغاربة، ولذلك رأينا أنه كان خطابا قويا، بينما ذكرى ثورة الملك والشعب، هي مناسبة لا تخص الملك محمد السادس وحده، بل تخص الملكين الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني، في ظل استمرارية لروح تلك الثورة التي وضعت المغرب في قلب منطقة المغرب العربي، والقارة الإفريقية، وأكدت الامتداد القاري والإقليمي للمغرب”.
وكان الملك محمد السادس، قد أكد في خطابه الذي ألقاه، أمس الأحد، بمناسبة ذكرى “ثورة الملك والشعب”، أن رجوع المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، يعد منعطفا دبلوماسيا هامًا في السياسة الخارجية للبلاد.
وأضاف العاهل المغربي، أن توجه المغرب نحو إفريقيا “لم يكن قرارًا عفويًا، ولم تفرضه حسابات ظرفية عابرة، بل هو وفاء لهذا التاريخ المشترك، وإيمان صادق بوحدة المصير”.
وأردف الملك قائلا: “إننا بصدد بناء إفريقيا واثقة من نفسها، متضامنة ومجتمعة حول مشاريع ملموسة، ومنفتحة على محيطها”.
وزاد الملك محمد السادس “المغرب، لم ينهج يومًا سياسة تقديم الأموال، وإنما اختار وضع خبرته وتجربته، رهن إشارة إخواننا الأفارقة، لأننا نؤمن بأن المال لا يدوم، وأن المعرفة باقية لا تزول، وهي التي تنفع الشعوب، وهم يعرفون ذلك، ويطلبون من المغرب التعاون معهم، ودعم جهودهم في العديد من المجالات، وليس العكس”. ثم استطرد، “أما الذين يعرفون الحقيقة، ويروجون للمغالطات، بأن المغرب يصرف أموالاً باهضة على إفريقيا، بدل صرفها على المغاربة، فهم لا يريدون مصلحة البلاد”.