جاءت استقالة إيمانويل ماكرون ، وزير الاقتصاد الفرنسي السابق، لتعزز الكلام الدائر حول نيته الترشح إلى رئاسة فرنسا العام المقبل، في حين يرى البعض أن المسألة لا تحتاج إلى تخمين، وأن السياسي الشاب سيتقدم فعلا لرئاسيات 2017.
ماكرون مهد لاستقالته قبل أشهر بمحاولة استقطاب عدد من النواب من “الحزب الاشتراكي” الذي يقود الحكومة الفرنسية الحالية، والذي ينتمي إليه الرئيس فرانسوا هولاند.
صحيفة “لوموند” الفرنسية أكدت أن ماكرون يحظى بدعم عدد محدود من النواب الاشتراكيين الذين يرون أن فرانسوا هولاند “ورقة محروقة” في الانتخابات المقبلة.
وهنا، لا حاجة إلى التذكير أن شعبية الرئيس الفرنسي تدنت بشكل كبير ما يطرح تساؤلات حول مستقبله السياسي وما إذا كان سيكون هو مرشح اليسار للانتخابات الرئاسية المقبلة.
ويبدو من غير المؤكد ما إذا كان العديد من أعضاء “الحزب الاشتراكي” سيعلنون دعمهم لوزير الاقتصاد السابق لأن ذلك قد يقوض وضعهم في الحزب.
الظاهر من خلال ما نقلته بعض وسائل الإعلام أن إيمانويل ماكرون سعى، من خلال منصبه الوزاري، إلى التسويق لنفسه والتصرف بفردانية، وهو ما جر عليه عداء بعض الأوساط.
“لوموند” نقلت عن عضو “الحزب الاشتراكي” جون ماري لوغون وصفه لماكرون بانه “ظاهرة سياسية” وأنه “شخص ذكي” ولكن لديه أيضا “جانب صبياني ومتعجرف يجعل منه إنسانا غير حذر”.
طريق إيمانويل ماكرون إلى قصر الإليزيه لن تكون مفروشة بالورود، إذ يتعين عليه أولا الحصول على دعم 500 منتخب وإطلاق حملة انتخابية قوية ستتطلب الكثير من الموارد.
نجاح وزير الاقتصاد السابق في مجال الأعمال لم يوازه بعد نفس النجاح على المستوى السياسي، حيث لم تصل حركته En Marche! بعد إلى المستوى الذي تضمن له موارد مالية وكافية وما يلزمه من الأنصار لدعم طموحه السياسي.
استقالة إيمانويل ماكرون مكنت حركته من جذب ألفي منخرط جديد في ظرف ساعتين، كما يؤكد مستشاره بينجامان غريفو، الذي أوضح أن الحركة تستهدف بالأساس الحصول على دعم المجتمع المدني.
وأوضحت “لوموند” أن ماكرون يريد السير على خطى سيغولين رويال، من خلال فرض نفسه عبر استطلاعات الرأي، حيث سبق للمرشحة للرئاسيات الفرنسية ضد نيكولا ساركوزي أن تحولت إلى شخصية ذات شعبية مفاجئة عام 2006، ما جعلها تحصل على ترشيح “الحزب الاشتراكي” رغم معارضة أجهزة الحزب.
أحد مستشاري الوزير الأول الفرنسي الحالي، مانويل فالس، وصف أعضاء حركة ماكرون بأنه أشبه “بمعجبي” سيغولين رويال سابقا، وهم أشخاص ليست لديهم ثقافة سياسية لكنهم كانوا منبهرين بالمرشحة السابقة التي لم تتمكن من إتمام “المعجزة السياسية” بعد خسارتها أمام ساركوزي في انتخابات 2007.
صحيفة “ذي غارديان” البريطانية المعروفة وصفت إيمانويل ماكرون بأنه “غر في السياسية”، حيث أنه لا ينتمي لأي حزب سياسي ولم يسبق له الترشح لأي منصب منتخب، في الوقت الذي كان فيه تحمله لحقيبة الاقتصاد بمثابة أمر غير معتاد، خاصة وأنه قد يتقدم اليوم للترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وهو سيناريو ما كان أحد ليتوقعه قبل خمس سنوات.
غير أن كون السياسي ذي 38 عاما غير منتم لأي حزب سياسي هو بالنسبة له امتياز، تقول “ذي غارديان”، في مناخ سياسي يتميز بتعب الرأي العام من البنى الحزبية التقليدية.
وفي الوقت الذي تشير فيه استطلاعات الرأي أن الوزير غير الاشتراكي في حكومة اشتراكية يحظى بدعم أوساط من اليمين والناخبين من كبار السن والمهنيين، لا يزال إيمانويل ماكرون مدعوا إلى توسيع قاعدته الانتخابية.