بقلم: مولاي عبدالله شبوبة
شهدت إحدى السهرات المنظمة من طرف وزارة الشباب والثقافة بفضاء السويسي بالرباط، مستوى غير مسبوق من الابتدال والإسفاف، إذ قام بعض المغنيين بالتفوه بعبارات غير أخلاقية وخادشة للشعور العام للمغاربة، لم يقف عند الحركات الجنسية والكلمات النابية التي عرفها الحفل، بل تعدى إلى الدعاية للحشيش من طرف أحد المغنيين المنحرفين الذي اعترف بتعاطيه المخدرات بشكل علني أمام وسائل الإعلام، التي حضرت ندوته الصحفية، وإعطائه القدوة السيئة والتحريض على الإخلال العلني بالحياء العام، وحث اليافعين والشباب على التعاطي للمخدرات والسكر، يجعل فتح بحث قضائي معه أمرا ضروريا لارتكابه جريمة استهلاك المخدرات وإخلاله بالحياء العام من خلال تلفظه بألفاظ نابية أمام آلاف القاصرين وفي مكان عمومي.
فعندما نتنازل عن نسبة من ثقافتنا وثراتنا نكون قد عبدنا الطريق لمثل هذه الكائنات والسلوكيات التي تتنافى مع مبادئنا وتربيتنا، فإذا أردت هدم وطن فما عليك إلا تدمير القيم الأخلاقية ونشر الرذيلة بالبحث عن عديمى الضمير والقيم الأخلاقية، وبعض المضطربين نفسيا، وتجميعهم فى بوتقة واحدة، وتحريكهم فى إتجاه واحد، وبقوة دفع واحدة، وما هو إلا وقت قليل، حتى يبدأ المجتمع فى الانزلاق التدريجى فى مستنقع الفساد وتدمير الأخلاق، والسير عكس كل القيم، وانتهاك شرف المنطق والحكمة، وبالتالي لا يعلو صوت فوق أصوات السفالة والرذيلة والشتائم البذيئة.
ولن يتسنى نجاح تدمير القيم الأخلاقية، إلا بتشويه الدين، والنفور منه، والدعوة لاستئصال الوعى المستمد من التعليم، عن طريق التسفيه والتسخيف ، والدعوة للانحلال والسفالة وسحق القيم الأخلاقية، وتخريب الذمم والضمائر، وهما العاملان الرئيسيان اللذان تنهض على أساسهما الأمم. والمؤلم أن كل الأديان السماوية نادت بترسيخ القيم الأخلاقية، وما قول المولى عز وجل فى كتابه العزيز إلا نبراسا وهدى، عندما وصف رسوله الكريم فى صورة القلم: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ».. صدق الله العظيم..!! ويقول رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام ” إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً”. ويقول أيضا “ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخُلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيّ “رواه الترمذي. وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أن الأخلاق الكريمة هي الهدف الأسمى من الرسالات السماوية.
لقد جاء المبعوثون بكثير من هذه الأخلاق وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارمها . وإذا كانت مكارم الأخلاق هدف الأنبياء فمعنى ذلك أن تكامل الإنسان هو الهدف الأسمى من خلقه و لا يكون إلاَّ بواسطة التحلّي بهذه الأخلاق لذلك، من يلجأ إلى تدمير القيم الأخلاقية، وتدشين السفالة والانحطاط، والشتائم البذيئة، يسير فى مخطط تدمير المجتمع، سواء بقصد، أو بدون، ويجب التصدى لهؤلاء بقوة القانون.
*دكتور باحث في القانون الخاص