بقلم: نوفل البعمري
ستكون القمة، التي من المفترض أن تنعقد بالجزائر بتاريخ 1-2 نونبر، واحدة من أكثر القمم العربية تكريساً للانقسام العربي، حيث أنها تنذر بكل عوامل الانفجار والفشل، نتيجة التحركات المريبة للنظام الجزائري الذي يريد تحويل القمة من قمة عربية لمناقشة القضايا التي تهم الشعوب، إلى قمة لالتقاط الصور بحضور شنقريحة الذي سيكون الجنرال الوحيد الذي سيتواجد في ردهات القمة، باعتباره الحاكم بأمره في الجزائر، وما تبون إلا واجهة العسكر والجنرالات المدنية التي تحكم من خلفه.
القمة العربية إذا ما انعقدت، لأن كل شروط عدم انعقادها موجودة بسبب التحركات التي يقوم بها تبون وشنقريحة التي تعتبر مستفزة للدول وللقادة العرب، يجب أن تهتم، والمغرب عازم على تلبية الدعوة، بالتدقيق في عدة قضايا أساسية منها ما يتعلق بالجوانب الأمنية ثم اللوجيستيكية وبعدها المرتبطة بالقمة نفسها وجدول أعمالها والبيان الذي سيصدر عنها وقد يكون تبون هو من يتلوه.
المغرب ليس عليه أن يقاطع القمة، بل يجب أن يشارك وستكون مشاركته معركة وطنية حقيقية، معركة دبلوماسية وسياسية، وستكون مناسبة للكشف عن قوة الصف العربي الداعم للوحدة الترابية المغربية ولمبادرة الحكم الذاتي. وهنا لابد من التأكيد على ثوابت أساسية، والمغرب يستعد للمشاركة في حال انعقدت القمة ولم يتم تأجيلها.
الجامعة العربية وجل القمم التي سبق أن انعقدت أشادت بدور لجنة القدس ورئيسها الملك محمد السادس، وهي إشادة تعكس وعيا عربيا بأهمية الدور الذي تقوم باللجنة برئاسة العاهل المغربي في دعم الشعب الفلسطيني، والحفاظ على الطابع العربي والإسلامي للقدس الشريف، وهي إشادة يجب أن تكون واضحة في البيان الذي سيصدر عن القمة، بنفس العبارات التي تشيد بالمغرب وبرئيس لجنة القدس، ولا يمكن السماح بأية مناورة عسكرية جزائرية قد تتجه نحو التراجع عن هذا الثابت من ثوابت لغة الجامعة العربية.
القمم العربية كلها والجامعة نفسها لها موقف واضح من الوحدة الترابية للدول العربية، وعلى رأسها المغرب، الجامعة العربية لها موقف واضح من تقسيم الدول والشعوب العربية، وسبق لها أن أكدت على وحدة سوريا رغم أن عضويتها داخل الجامعة مازالت معلقة، وهناك خلافات عربية حادة مع نظام بشار الأسد، ولهذا لابد من الحرص الشديد على أن يتضمن بيان القمة موقفا واضحا من احترام وحدة الدول العربية وعلى رأسها المغرب، والوقوف ضد كل الأعمال التي تستهدف شعوب الدول الواحدة، ووحدة الدول العربية.
القمم العربية، وهنا من الناحية الشكلية، تتواجد بها صور لخرائط الدول العربية، كما هي معترف بها من طرف الأمم المتحدة والجامعة نفسها، وعلى رأس هذه الخرائط العربية خريطة المغرب التي سبق للنظام الجزائري أن ناور بشكل خبيث في عدة مناسبات وعمد لتقسيمها، ولا يجب أن ننتظر مفاجأتنا ونحن نتابع القمة على شاشات التلفزة بوجود خريطة المغرب غير كاملة، بل يجب أن يكون هناك حرص شديد على هذه النقطة ومختلف التفاصيل التي قد تبدو صغيرة ولكنها مهمة للمغرب وللمغاربة.
المغرب مادام قد وُجهت له الدعوة من طرف الجزائر، فيجب أن ينتقل في رحلته الجوية في خط مباشر من المغرب إلى الجزائر، وأن يسافر على الخطوط الملكية المغربية، وليس عليه أن يلتزم بقرار النظام الجزائري بوقف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين، فهذا الأمر يعني النظام الجزائري، ومادام أن الجزائر قبلت بعقد القمة على ترابها فيجب أن تحترم مختلف القواعد والأخلاقيات التي يجب على الدول احترامها وهي تستقبل الوفود المشاركة على ترابها في المؤتمرات والقمم.
النظام الجزائري يجب أن يفهم جيدا، وهذا دور الأمين العام للجامعة العربية، أن الجزائر تحتضن فقط القمة وأنها تنعقد فقط على أرضها، لكن ما يتعلق بالترتيبات واللوجيستيك والتنظيم… وغيره، يخص جامعة الدول العربية وليس النظام الجزائري، الذي لا دور له في التنظيم غير الاحتضان.
التهييج الإعلامي الخطير التحريضي، الذي يتم ضد المغرب وضد مسؤوليه، في وسائل الإعلام التي ترعاها الدولة الجزائرية يجب أن تنتبه له جامعة الدول العربية، لأن واحدة من نتائجه شاهدناها في نهائية كأس العرب لأقل من 17 سنة، تابعنا كيف أن هذا التهييج وصل لحد الاعتداء بشكل شنيع على اللاعبين المغاربة من طرف اللاعبين الجزائريين والجمهور في تساهل متعمد من طرف الأمن، الذي ظل في موقف المتفرج مما حدث من اعتداءات شنيعة لا تمت للرياضة بصلة. وإذا كان النظام الجزائري قد دفع بمراهقين للعنف في تظاهرة رياضية، فما بالنا بقمة عربية أكيد أن المواجهة الدبلوماسية والسياسية ستكون حاضرة فيها، وهو ما يطرح التعاطي الإعلامي مع الدول العربية المشاركة في القمة وعلى رأسهم المغرب.
يجب الانتباه إلى أن القمة ستنعقد تزامناً مع ذكرى فاتح نونبر، التي سيعمل النظام الجزائري وبلاشك، وكما هي عادته، على إقحام الأنشطة التي يقوم بها بالمناسبة من خلال دعوة الدول العربية للاحتفالات التي ينظمها بالمناسبة. المشكل ليس هنا بالضبط، المشكل في ما يمكن أن يقوم به شنقريحة بحيث يجب أن يكون هناك حرص على عدم استدراج الزعماء العرب لأية منصة وقد تم تسريب بن بطوش ليجلس أمامهم لالتقاط الصور وكأنه زعيم عربي أو رئيس دولة عربية معترف به، فكثيراً ما وُجد الزعماء العرب وقد انبعث معهم ابراهيم غالي، فهذه الاحتفالات هي مناسبة ليس للاحتفاء بل هي بالنسبة للعسكر مناسبة لمناقشة المغرب، هنا لابد من التحرك لتنبيه الدول العربية الصديقة لهذا اللغم الفخ الذي سيجر إليه شنقريحة الدول العربية للترويج لأطروحته الميتة.
القمة العربية التي ستنعقد في الجزائر، تحمل في طياتها كل عناصر الفشل والانفجار هذا في حال انعقدت لأن النظام الجزائري يتصرف وكان الأمر يتعلق بقمة عسكرية، وهي كذلك بالنسبة إليه.