بقلم: نوفل البعمري
الذي تابع ما دار في المؤتمر 44 للكاف، الذي انعقد بمدينة أورشا التنزانية، سيتأكد أننا أمام “حرب” شاملة في مواجهة خصوم المغرب، الذين يصرون على استغلال موارد الشعب الجزائري ومؤسساته، لمحاولة تسجيل نقط ضد الوحدة الترابية الوطنية للمملكة، لتكون مناسبة للاحتفال والاحتفاء من طرف العسكر والجنرالات الذين يحكمون الجزائر؛ هي حرب لم تعد تقتصر على المجال السياسي أو الدبلوماسي الرسمي، بل يريدها العسكر حرباً شاملة ضد الوحدة الترابية للمملكة، وهي الحرب التي تنتهي دائما بهزيمة، وبتليقهم “طريحة” تعيدهم إلى حجمهم الطبيعي، وتعكس يقظة المغرب بكل مؤسساته.
هذه المرة كانت اليقظة من طرف الجامعة الملكية لكرة القدم، التي تحركت في الوقت المناسب لإيقاف المهزلة التي حاول رئيس االاتحاد الجزائري لكرة القدم جهيد زفيزف، المعين حديثا على رأس هذا الاتحاد الكروي، والذي قدم مرافعة طويلة لفرض ما يسمى بـ”المنتخب الصحراوي” داخل الكاف، ضداً على لوائح الفيفا والكاف التي لا تقبل بالانضمام فيها إلا للمنتخبات التي تمثل الدول العضوة والمعترف بها من طرف الأمم المتحدة، بموجب التعديل الذي شمل المادة الرابعة من النظام الأساسي للكاف سنة 2021.
وقد كان رئيس الاتحادية الجزائرية السابق من الداعمين له والمصوتين على هذا التعديل، الذي تقدم به المغرب، ليلائم لوائح الكاف مع الفيفا. وقد كلف هذا التعديل رئيس الاتحاد الجزائري السابق شرف الدين اعمارة، الذي تم اجباره على تقديم الاستقالة سنة 2021، مباشرة بعد إقرار التعديلات التي استطاع المغرب تمريرها، والتي منعت انضمام فرق كروية غير معترف بها من طرف الأمم المتحدة (هذا إذا ما اعتبرنا ما يسمى بالمنتخب الصحراوي فريقا كرويا) أو انضمامها لدواعي وأسباب سياسية، و كأن الذين قرروا هذه التعديلات كانوا يعلمون بنوايا النظام الجزائري الذي يريد استغلال كل شيء من أجل معاكسة المغرب. وبمنطق المدعو جهيد زفيزف، هل كان سيقبل تقديم طلب آخر من طرف ما يسمى بمنتخب جمهورية القبايل؟! المغرب لم يقدم على هذه الخطوة لأنه أكبر من أن ينخرط في هذه اللعبة، لعبة الصغار ممن لايرون في الدبلوماسية غير شد الحبل ومطاردة الآخرين، ولأن المغرب يتحرك تحت الشرعية الدولية والقوانين التي تطبق بالكيانات الإقليمية سواء أكانت إفريقية أم دولية.
في الرد على المرافعة الطويلة التي حاول فيها جهيد زفيزف التحايل على اللوائح المنظمة للكرة، لقد كان قرار الكاف واضحاً، برفض تعديل المادة الرابعة من القانون الأساسي للكاف، بل تم رفض إجراء تعديل جزئي قد يتم استغاله لدفع البوليساريو للتسلل للكاف، مما شكل فضيحة كروية ببعد سياسي للجزائر أمام الجمعية العامة للكاف، وما الصورة التي تم تداولها لمجيهيد وهو “مطأطئ الرأس ويده يرفع بها سرواله” لخير دليل على ما انتهى إليه ومن ورائه كل العسكر والجنرالات الذين حَّولوا المغرب أجندة في جدول أعمال دولة شنقريحة.
بالعودة للحديث عن كأس العالم للمنتخبات والفرق غير الدولتية، فقد فرض العسكر الجزائري على ما يسمى بـ”المنتخب الصحراوي”، الانسحاب منها بسبب مشاركة منتخب “جمهورية القبايل”، وهو موقف ُيظهر أولا أنه لا يوجد شيء اسمه “الدولة الصحراوية” لتكون لها منتخب صحراوي، بدليل أن فريق البوليساريو قرر الانسحاب من هذه البطولة، بمجرد ما أتته الأوامر من العسكر، وثانيا تأكد في كل محطة ومناسبة أن البوليساريو مجرد أداة من الأدوات التي يتلاعب بها العسكر الجزائري للبحث عن نصر ولو وهمي، للتعويض عن الهزائم التي تلقوا منذ 1963 إلى الآن، طيلة الصراع الذي فرضوا على المغرب الدخول فيه معهم، وهي هزائم تعكس هشاشة هذا النظام وعدم قدرته على التخلص من عقد التاريخ.
ومادام أن هذا النظام لايريد المضي قدماً، ومصرا على معاكسة المغرب وتوظيف كل إمكانياته التشويش عليه، فما عليه إلا أن ُيعد نفسه لـ”طريحة” أخرى كالتالي تلقاها في الكاف.