رغم هذه النتيجة المبهرة التي وصلنا إليها إلا أني لم أشك قط في أن هذا المتنمر سيفكر في الإنتقام وبأبشع صورة لهذا كانت عندي خطة بديلة فلقد أصريت على الأم من ضمن التوصيات التي وصيتها على الولد أن تقوم بإشراكه في نادي للفنون القتالية والدفاع عن النفس حتى أضمن أن شعلة الحماس والشجاعة والثقة بالنفس لن تنطفئ مجددا عند الفتى وفي نفس الوقت كان علي أن أمنع هذا المجرم القاصر من تعديه وظلمه مرة أخرى للأطفال الأبرياء لأن مثل هذه العقلية الإجرامية لا ينصلح حالها بين عشية وضحاها لذلك كان من ضمن الخطة المدروسة التي قمت بها أنا والولد أن يعرف هذا الأخير ما تحتويه حقيقة عصام بيدرة وكان كما توقعت فيوجد في حقيبته سكين كبير وبعض أنواع المخدرات التي يقوم بترويجها داخل المؤسسة التعليمية وبيعها للأطفال وهذه هي الفرصة التي أبحث عنها ولن أضيعها….
ففي صبيحة اليوم الموالي ذهبت إلى مدرسة الفتى لتقديم شكوى لمدير المؤسسة قابلت الحارس الذي لم يسبق لي أن رأيته من قبل ولكن ما إن رأني هو وتبين ملامحي حتى إرتمى على يدي يريد تقبيلها مرحبا أسي الشريف نهار كبير هذا زارتنا البركة تفاجأت حقا من حفاوة ترحيبه ومن معرفته لي بهذه السرعة “أش حب لخاطر أمولاي ياك ماباغي تشوف المدير؟” سألني بلهفة وهو ينظر إلي كمن رأى ملاكا نازلا من السماء أجبته أجل أريده في أمر هام وضروري هل يمكنني رؤيته أجابني وهو يكاد أن يحملني فوق رأسه تفضل يا سيدي تفضل أنت تدخل بلا إستئذان دخلت إلى مكتب المدير بسرعة دون أن أطرق الباب ليس تكبرا وإنما كان بالي مشغول بالطفل والمتنمر صرخ المدير في وجهي ماذا تفعل هنا يا سيد من أذن لك بالدخول؟ لم أدري بما أجيب وقفت متسمرا في مكاني إلى أن أنقدني الحارس اتجه بسرعة إلى المدير وبدأ يهمس له في أذنه وعيناي المدير تتسع وتتسع حتى نهض فجأة وهو يطير من الفرح أسي “دوبل طيط” عندنا مول الكرامات شريف الصالح لم أستسغ لفظ سي “دوبل طيط” فهو يذكرني بفتلة الزين خاصتي ولكن تغاضيت عن ذلك واصل المدير ترحيبه بي “أش تشرب أسيدي ولا نجيبو الفطور؟” أجبته بإختصار شكرا جزيلا يا سيادة المدير أنا هنا من أجل تقديم شكاية فجأة إصفر وجه المدير بلا سابق إنذار وبدأت ترتعش أطرافه بلا سبب ظن المخبول أني سأقدم شكاية في حقه أو في حق المدرسة سألني وهو يرتعد ماذا فعلنا لكم يا سيدي هل هناك شيء لا يعجبكم في مدرستنا؟ قلت في نفسي “مول الفز كيقفز” من الممكن أن يكون وراء هذا المدير سر من يدري ولكن يجب علي أن أتمم المهمة التي جئت من أجلها…
فقلت له يا سيدي عندكم تلميذ في المدرسة يشكل خطر على التلاميذ وحتى على الأساتذة تنفس أخيرا المدير الصعداء وهو يتفادى لكمة طائشة كادت أن تطيح بعرشه على المؤسسة إصطنع الحماسة وهو يقول من يا سيدي من التلاميذ وأنا أتي به راكعا أمامك ها نحن نرجع لزمن العبودية مرة أخرى أيتحدث هذا عن تلميذ أم عن عبد من زمن أبي جهل أجبته بحدة لا أريده أن يأتيني راكعا بل أريده أن يفصل من المدرسة ويقدم للعدالة فتح المدير فاه كفيل ضخم يتثائب من النوم وهو يقول مستغربا من هذا التلميذ يا سيدي من يكون أجبته بانفعال إنه عصام الملقب بعصام “بيدرة” صعق المدير من المفاجأة وسألني وهو منفعل ماذا فعل لكم هذا الولد يا سيدي إن سمعته سيئة في المدرسة أجبته على إمتعاض سمعته سيئة داخل المؤسسة وخارجها هذا الفتى يحمل السلاح الأبيض في حقيبته دائما ويقوم بترويج المخدرات داخل المؤسسة بين التلاميذ يا حضرة المدير إندهش المدير من هذا الكلام كأنه لا يعلم ما يجري داخل المؤسسة وقال لي وهو يتأملني بحذر هذا الكلام خطير يا سيدي ألديك حجة على ذلك أجبته بسرعة نعم قم وأحضر الفتى من القسم وسنرى العجب الذي سنجده في حقيبته أمر المدير الحارس بإحضار “بيدرة” من القسم وهو يدير عينيه في المكان لا يدري ماذا يقول وماذا يصنع بعد فترة وجيزة جاء الحارس ومعه “بيدرة” وما إن رأني حتى إرتجف وبدأ يتحسس كدماته متذكرا قتلة البارحة صرخ المدير في المتنمر أنت يا ولدي تقدم أجل هنا ماذا تحمل في حقيبتك إزداد خوف “بيدرة” وهو يقول متمتما لا شيء مهم يا سيدي غير الدفاتر والأقلام نظرت إلى المدير وهو يقول بسذاجة أرأيت يا سيدي لا شيء مهم غير الدفاتر والأقلام نظرت إليه نظرة نارية وقلت له إذن تكذبني أنا وتثق به وهنا صرخ الحارس تسليم أسيدي راه جاهل ما “كيعرفكش سامحو أسيدي سامحو تسليم” نظر إلي المدير بفزع وهو يقول لا تقلق يا سيدي سوف نبحث في حقيبته الأن لا تقلق ثم خطف الحقيبة من يدي المتنمر وبدأ يبحث فيها وتوقف فجأة وأخرج منها سكين كبيرة وأخذ يبحث قليلا ثم أخرج المخدرات ونظر إلي وهو يرتجف “تسليم تسليم أسيدي لي معرفك جهلك حنا مسلمين أسي دوبل طيط” كلامكم هو الكبير “كيفاش عرفتي أسيدي هادشي فشكارتو” نظر إليه الحارس موبخا وقال له نحن لا نسأل الأسياد الأسياد يعرفون كل شيء تسليم أسيدي “دوبل طيط” ها هو يستفزونني بهذا اللقب القديم صرخت في وجه المدير إسمع سوف تفصل هذا المجرم القاصر عن المدرسة لا أريد أن أراه لا في المدرسة ولا في أنحائها ثم ستتصل بالإصلاحية ليقضي عندهم فترة عقوبته حتى يكون عبرة لمن لا يعتبر ويتعلم أن يعتمد على نفسه ويصلح من حاله ثم رفعت أصبعي السبابة والإبهام مشيرا إلى عيني ثم وجهتهما إلى “بيدرة” وأنا أقول له بصوت خافت سأكون كظلك سأكون معك في أي مكان سأراقبك كالصقر وإن رأيتك تعصي أوامري أو تأذي أحد سأنقض عليك كالصاعقة وهنا خرجت أصوات الثلاث المتنمر والحارس والمدير تصيح تسليم أسيدي تسليم أسيدي “دوبل طيط” حينها ظننت أنهم يسخرون مني ولا يعظمونني حتى إرتمى الثلاثة على يدي يريدون تقبيلها يا لسخرية الأقدار ثلاثة أجيال ترتمي تحت يدي تحاول تقبيلها لا سلطة لي عليهم إلا إعتقادهم المريض بالخرافة والأسطورة الموروثة أب عن جد المهم أكملت هذه القضية بنجاح فالمتنمر أخذ عقابه والطفل البريء أخذ مساره الصحيح والمدير أخذ رقمي الشخصي الخاص ولا أدري لماذا ولكنه أصر علي وقال لي سأحتاجك أسيدي “دوبل طيط” يوما ما فأعطني رقمك أعطيته إياه وأنا أستغرب من موقفه وذهبت إلى البيت وأنا قرير العين من هذه النتيجة وسعيد بفتح باب الخير أمام الصبي وبغلق باب الشر على المتنمر نمت هذه الليلة متأخرا فقد كنت أطالع كتابي المفضل لسقراط الذي يتحدث عن النفس البشرية أمام الطبيعة وما هو إعتقاد غيبي وتأثيره عليها سلبا أو إيجابا وفي الصباح إذا بي أسمع ضجة أمام الباب موسيقى وزغاريد وأغاني “دقيقية” تصل إلى غرفتي تذكرني بأخر عرس كنت قد حضرته وفجأة أمي تفتح الباب وهي تزغرد وتقول نود أوجه السعد صافي هذه مراتك جنية “جاية تردك وجايبا ليك هدية وأنا موافقة تعيش معانا”…يتبع