… نزلنا أنا وأمي بسرعة لنلحق بالحافلة ليس لركوب فيها بل للبحث على “عبيقة” لكي يعيد لنا أموالنا خرجنا نبحث عن الحافلة وأنا كلي غضب وأمي تعاتبني وتقول “يا ودي على لقرايا داروها بيك باش نافعاك ديك لقريا هنتا كتشوف فيهم لمخير خارج من تحضيري وقولبك يا ودي على الرجال والله يا ولدي أنا حرت في ديك الجنية المسخوطة أش عجبها فيك” ثم فجأة لمحت “عبيقة” يقف بين حافلتين مختبئ على أعين المارة ويخرج المال الذي تحصل عليه من النصب من جواربه ليعده ذهبت إليه خلسة وفي غفلة منه وقفت أمامه فلما رأني أصابه الذهول وقال لي وهو يرتجف “ما مشتيش للمراكش ” قلت ليه “لا ما بقيتش غدي لمراكش وليت غدي لبرشيد” وقبل أن ينطق كلمة أخرى صفعته بقوة حتى أنه بدون شعور اخرج بطاقته الوطنية وقال “ها هي الشاف” وانا نقول ليه “هذي أش غندير بيها تجبد عمر لبينغا ديالي” المهم اخرج 40 درهم فقلت له زيد فقال لي “سمح ليا نسيت” ثم أضاف 10 دراهم فقلت له بغضب “زيد” فقال لي “أش غدي نزيد راه زيادة من راس الحمق ” فقلت له “دبا الحكومة حمقين ” سمعني مزيان بالخاطر صحة غدي تزيدني 50 درهم خرى تعويض ديال روطار” …
أخدت من “عبيقة” 100 درهم كعقاب له وركبنا حافلة أخرى متجهة إلى مراكش وصلنا المحطة الطرقية وأخدنا سيارة أجرة إلى امليل ومن ثم صعدنا إلى شمهروش… تجاوزت شهرة أسطورة “شمهروش” ملك ملوك الجن في الموروث الشعبي المغرب إلى جميع أنحاء العالم العربي وانتشرت شهرته في شمال أفريقيا حيث اشتهر بأنه “قاضي الجان ورئيس أعلى هيئة قضائية لهم و له القدرة علي شفاء الأمراض” و”لشمهورش” ضريح عبارة عن قبة تقع وسط جبال الأطلسي تحيط بها أسراب من الغربان “المسكونة بالأرواح” بحسب ما يعتقده القائمون ويعتقد كل من يزور ضريح “سيدي شمهورش” أن هذا المقام يعتبر “محكمة للجن تفض فيها النزاعات بين الإنس والجن ويقتص من الظالم وكل يأخذ حقه” كما يعتقد البعض أن هذا الضريح هو أعلى سلطة للجن ويتزعمهم “شمهروش” الذي هو يعتبر ملك الجن بحسب المعتقد الشعبي المغربي.
لما وصلنا شمهروش لفت انتباهي أن معظم الزوار من النساء فمع تزايد معدلات العنوسة وتأخر الزواج وانتشار حالات الطلاق وغيرها من المشكلات بين أفراد المجتمع تتفاقم ظاهرة “السحر والشعوذة” حيث انتشر الدجالون والمشعوذون بشكل كبير مستغلين بعض هذه الأمراض المجتمعية من أجل مكتسبات مادية وربما “جنسية” فأغلب المترددين على السحرة والمشعوذين من النساء كثير من هؤلاء السحرة تخصصوا “سفلي” أي يأتون الأعمال ال****ة والقذرة فيخبرون المرأة أن الجني يريد معاشرتها جنسيا عبر الساحر كشرط لشفائها وتستجيب المرأة وتحت هذا البند قام الكثير من السحرة بالزنا واغتصاب النساء نيابة عن الجن!! وهناك فتيات كثيرات فقدن عذريتهن مع السحرة بعد أن يختلي بها في حجرته المظلمة ولا يفوت أن نذكر بأن بعض العطارين يعملون على ترويج بضاعة السحرة والمشعوذين حتى يبيعوا بخورا أكثر فيجمعوا بذلك أرباحا طائلة والدافع الرئيسي لهؤلاء الدجالين والمشعوذين والسحرة هو جمع المال وكذلك ممارسة الفاحشة مع النساء كيف يخدع الساحر ضحاياه؟ وربما يتساءل البعض: كيف يتمكن الساحر من خداع الناس؟ وأتصور أن الساحر يتمتع بشخصية فريدة وله قدرة كبيرة على الإقناع وعلى درجة عالية من الثقافة والذكاء ويعرف تفاصيل كثيرة عن المترددين عليه إذ يقوم الساحر بعمل ملف لكل شخص يتردد عليه يشمل كل بياناته فإذا حضر إليه الشخص المسحور ذكر له الساحر بياناته فيندهش الشخص من معرفة الساحر “الفقيه” لكل هذه المعلومات رغم عدم وجود معرفة سابقة بينهما والواقع أن الساحر أو الدجال يكون شبكة من الأفراد يتقاسم معهم المكاسب المادية التي يستولي عليها من ضحاياه فالعراف أو الساحر يكون له في منطقة نشاطه مساعدون يقومون بجمع الأخبار والمعلومات عن الشخص الذي يتردد عليه لو لمرة واحدة فإذا حضر ثانية يطلب منه الساحر “أثرا” ويذكر له كل مشاكله وتفاصيل حياته فيندهش الشخص ويسلم نفسه للساحر كما أن مساعدي الساحر يجلبون له الزبائن فأي شخص تظهر عنده بوادر مشكلة مرضية أو نفسية أو زوجية يسرع المساعد على الفور لينصح الشخص بمعاودة الساحر قائلا له: “الفقيه فلان لديه العلاج لمشكلتك” ويكرر عليه ذلك على مدار أكثر من يوم سواء في المسجد أو في الشارع كما يعمد مساعد الساحر أن يجلب الزبائن ذوي المكانة الاجتماعية مثل البرلمانيين أو التجار وللأسف فإن البيئة الثقافية للمجتمع تساعد على نمو فكر الدجل والشعوذة.
…كنا نجلس في قاعة كبيرة للإنتظار وكانت مكتظة عن أخرها وكان رقم قضيتنا هو 13 واليوم هو الجمعة هذه الأمور في الموروث الشعبي الأوربي تعني الشئم والنحس فقلت مع نفسي “متعودة ديما” المهم مرت ساعات وسمعنا امرأة تنادي رقم 13 رقم 13 ففرحت أمي وقالت انه دورنا هيا لندحل دخلنا إلى غرفة مظلم وبها بعض الإكسسوارات لزوم العرض جثث ضبع معلق على الحائط بومة محنطة أثار يد بالدم على الحائط وكان في زاوية الغرفة يجلس رجل في الخمسينات من عمره ملامحه تدل على انه شخص نصاب ومجرم المهم قال لنا “أش حب لخاطر” فقالت له أمي “جينا أسيدي نطلقو راه ولدي شداه واحد جنية ومضيعاه في حياتو” نصف ساعة وهي تحكي له معاناتي مع البطالة والمرض بسبب زوجتي الجنية المهم انتهت أمي من الحديث انتظرنا “الدجال” أن يعطينا الوصفة لكي نرحل فقد بدأت احس بالاختناق بسبب رائحة البخور الكريهة لكنه فاجئنا وقال “دبا نسمعو لزوجة باش نحكموا بالعدل” هنا أمي امتلكها الخوف والرعب وبدأت تتسائل “واش غدي يحضر الجنية أمامنا” أما أنا فتملكني الفضول والفرحة في نفس الوقت لأننا سأرى جنية…بدأ الدجال بقراءة الطلاسم وهو يرمي بعض المواد في “المجمر” وفي لحظة صرخة بقوة حتى كاد يغمى على أمي ونظر إلى سقف البيت وقال “تكلمي ابنتي حنا هنا باش نسمعوا ليك” رفعت أنا وأمي رأسنا للأعلى فلم نرى شيء هنا أصبت بضحك هستيري هنا نطق الفقيه وقال وهو ينظر لسقف “كملي ابنتي ما دهاش فيه” ثم بدأ يقول “يا لطيف يا لطيف” ثم أمرني بالإقتراب منه وقال “مرتك كتشكى منك وكتقول أنك مثقف” فقلت له بصوت مرتفع “وأنا انفخ صدري مثل الطاووس نعم أنا إنسان مثقف وما لعيب” هنا أمي لطمت على وجهها وبدأت بالبكاء فقال لها الفقيه لا تبكي يا سيدتي فحله عندي ولكن قبل هذا أنا سأحكم بطلاق ابنك من الجنية وان يعطيها نفقة فهي عندها “بنت وولد كتقريهم في المدارس الخاصة زائد مصاريف الشهر لمجموع 5000 درهم يرسلها لي كل شهر وانا نعطيها لمرتوا حسب قوانين الجن “ولا معجبكمش الحال راه تقدر تعوق ليك ولدك” فقالت له أمي المسكينة وهي تبكي “صافي أسيدي سمح لينا ما بغينا طلاق حنا كنا عيشين كاملين في دار غير ب3000 درهم ودبا ولينا في 5000 درهم صافي نرجعوا كما كنا” فقال لفقيه وهو غاضب مزيان ادن رفعت الجلسة ” الله يعونكم قبل ما تخرجوا دوزو خلصو صندوق المحكمة” دفعنا مبلغ 500 درهم وخرجت وأنا ألوم نفسي على ضياع مبلغ كنا سنستفيد منه أخده نصاب محترف…يتبع