الرئيسية / إضاءات / الحملة الانتخابية .. وماذا بعد؟ من يجمع ركام الدعاية الحزبية؟
الحملة الانتخابية
رسم كاريكاتيري ترمز لمحنة عمال النظافة في الحملة الانتخابية بريشة الفنان عبد الغني الدهوه

الحملة الانتخابية .. وماذا بعد؟ من يجمع ركام الدعاية الحزبية؟

لم تبق إلا ساعات قليلة وتنتهي الحملة الانتخابية، في منتصف ليلة غد الخميس، بعد  أيام  من التدافع والتنافس بين مرشحي الأحزاب ووكلائها، حول من يكون أكثر اقناعا واستقطابا للحضور الجماهيري في التجمعات الانتخابيات، التي شهدتها  كل مناطق المملكة، بمدنها وقراها ومداشرها، وحتى نقطها البعيدة المنسية، التي لم تطأها من قبل قدم  أي زعيم حزب، لدرجة أن هناك  من وجد نفسه عالقا، بعد أن حاصرته الفيضانات، في غياب البنية التحتية، مثال ذلك، صلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للأحرار،  الذي وجد نفسه محاصرا في جنوب البلاد.

وإذا كان من حسنة تذكر للحملة الانتخابية، فهي أنها أخرجت الزعماء الذين شاخوا على كراسي المسؤولية، من مقرات أحزابهم، ومكاتبهم الفخمة والمكيفة، وسط العاصمة السياسية، إلى الفضاءات الشاسعة، وجعلتهم  يلمسون عن قرب أن هناك واقعا أخر لمغرب آخر، في الأقاصي، هو ” المغرب العميق”، الذي يفتقد إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة، ويدين نتائج السياسات التي تسلكها الحكومات التي يشاركون فيها.

غدا، إذن،  تنتهي الحملة الانتخابية، ليبقى السؤال المطروح، وماذا بعد؟ من يجمع أوراق الدعاية  الحزبية المحملة بالوعود، ولا شيء غير الوعود، غير القابلة للتحقيق لافتقادها لرؤية استراتيجية حقيقة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، في أبعادها الشمولية؟

 الأرقام الرسمية الواردة على لسان محمد حصاد، وزير الداخلية، في اجتماعه ليلة أمس،  مع الزعامات الحزبية، تفيد أن  “عدد المبادرات التواصلية التي قامت بها الأحزاب ومرشحوها، خلال العشرة أيام الأولى للحملة الانتخابية، ناهز حوالي 9100 نشاطا، استقطب ما يقارب 540 ألف مشارك، وهو ما يمثل ضعف العدد المسجل بمناسبة الاقتراع التشريعي لسنة 2011”.

كل هذه التجمعات والمهرجانات الخطابية تستهلك أطنانا من المنشورات والمطويات، التي ترمى في الهواء، وتتناثر فوق الأرض، وتطارد المواطنين في الساحات العمومية والأزقة  الخلفية، وحتى في محلات سكناهم ، وفي مداخل العمارات، وتحت أبواب الشقق، وذلك في تناقض تام مع الخطابات السياسية لبعض الأحزاب، التي تدعو إلى حماية البيئة.

2hmla

أكيد أن مهمة عمال النظافة سوف تكون صعبة، وهم يقومون بجمع هذه الأوراق الانتخابية المرمية في كل مكان، نظرا لحجمها، ولما تشكله من مساس بجمالية البيئة، وخدش للمشهد العام في القرى والمدن، خاصة وانهم يعرفون أن بذلهم  للجهود  بشكل مضاعف، لن يجنوا من ورائه أي مردود إضافي، ولن يجنوا  سوى التعب، ولا شيء غير التعب، الذي يزيد من معاناتهم وظروفهم المهنية  الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة أصلا.

يذكر أن الياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، كان قد كشف في لقاء له مع الصحافة، أن تنظيمه السياسي بصدد التعاقد مع شركة خاصة لجمع أوراق  حملته الانتخابية، مشيرا في نفس الوقت، إلى أن هذه المنشورات صديقة للبيئة، وقابلة للتحلل.

ولمقاربة هذه الإشكالية، تحدث موقع ” مشاهد 24″ عبر الهاتف، مع عبد العالي الرامي، الناشط المعروف في المجتمع المدني،  الذي عبر عن أسفه لكون هذه الظاهرة تتكرر عند كل حملة انتخابية، وخاصة في يومها الأخير، حيث تتخلص الأحزاب من كل ماتبقى لديها دفعة واحدة، برميها في الشارع العام، دون مراعاة لظروف عمال النظافة، ولا لجمالية المدن.

2rami

ولاحظ المتحدث ذاته، أن موزعي تلك المنشورات المكلفين من طرف الأحزاب بتوزيعها في كل مكان، لايخضعون لأي تكوين أو تأطير، قبل قيامهم بهذه المهمة، خاصة وأن الغالبية منهم مجرد مستخدمين، ولا يرتبطون بأي علاقة تنظيمية مع الهيئات السياسية.

وسجل الرامي أن كل حزب يتبرأ من هذه العملية التي يندى لها الجبين، حسب تعبيره، والتي تضرب نبل الحملة الانتخابية في الصميم،  ولها انعكاس سلبي على الهيئات السياسية نفسها، “لأن الأساس في الحملة هو التواصل المباشر مع الناخبين، وليس رمي الأوراق بكيفية عبثية”، مضيفا أن هناك إمكانيات أخرى تتجلى في وسائل الإعلام  من إذاعة وتلفزة وصحف،ووسائط التواصل الاجتماعي وغيرها.

ولوضع حد لهذه الظاهرة، دعا  السلطات المحلية إلى تطبيق القانون،  بفرض ذعيرة على كل  من ثبت في حقه تلويث البيئة، والمساس بها، على اعتبار أن ذلك  يدخل في خانة رمي الأزبال في الشارع.