حزب “الوردة”، هكذا يطلق عليه عامة الناس الذين شاهدوا كيف ذبلت أوراقه خلال السنوات الفارطة، وضعف إلى أن تحول في يومنا هذا إلى حزب عادي بعدما كان يُضرب له ألف حساب، فالأسباب التي ستساعد المرء لفهم هذا التراجع الكبير في شعبية حزب الاتحاد الاشتراكي العتيد متعددة، أبرزها الصراع الثنائي التاريخي الذي سبق وأن دار بين لشكر والراحل أحمد الزايدي والذي تمخض عنه شتات أكبر فيما بعد، وعدم تجديد النخب إلى أن تحول اليوم إلى حزب لا يمتلك لا طعم ولا رائحة.
كيف سنرى حزب الاتحاد الاشتراكي بعد الاستحقاقات التشريعية المقبلة؟ هل لازال المغاربة يثقون بـ”وردة” لم تعد تفوح منها رائحة النقاش السياسي البناء؟ ألن يستمر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مرادفا للنزاعات والمواجهات بين أعضاءه؟ هل سيعود إشعاع الاتحاد بعد محطة الـ7 أكتوبر؟
أسئلة وأخرى يطرحها كل متتبع لهذا البيت التاريخي، فمجموعة من المشاكل التي عاشها الاتحاد الاشتراكي أدت إلى تصدعه خلال السنوات الماضية، فخروج تيار رفاق الراحل الزايدي من الحزب وسعيهم لخلق حزب آخر والذي باء بدوره بالفشل، أظهر بالملموس الغابة الكبيرة التي كان يخفيها لشكر عن أعين المغاربة، وبالتالي كيف سيستطيع ما تبقى من الاتحاديين من إقناع المغاربة للتصويت عليهم، لاسيما وأن أغلب قيادات المكتب السياسي للحزب لن تخوض غمار انتخابات الـ7 أكتوبر المقبل، وفي مقدمتهم الكاتب الأول للحزب إدريس لشكر.
ثلاثة قياديين اتحاديين من المكتب السياسي هم من تم الاعلان عنه أنهم سيخوضون هذه المحطة المهمة ويتعلق الأمر، بكل من الحبيب المالكي، الذي اعتاد الترشح بإقليم خريبكة، وعبد المقصود الراشدي، الذي سيترشح في الدار البيضاء- عين السبع، وكمال الديساوي، في دائرة الدار البيضاء- أنفا، غير ذلك ستترشح أسماء عادية في جل الدوائر الانتخابية.
مصدر مطلع قال لـ مشاهد24 إن إقدام الحزب على هذه الخطوة المحتشمة تأتي بعد رفض القياديين الذين لم يحققوا نتائج إيجابية في انتخابات 4 شتنبر الماضي، من الترشح مجددا إذ قرروا التراجع للخلف وعدم خوض المعركة، لأن الانتخابات الجماعية كانت بالنسبة لهم بارومتر لقياس شعبيتهم.
مخاوف لشكر
في العديد من المناسبات عبر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ادريس لشكر، عن مخاوفه من دخول الولايات المتحدة الأمريكية على خط الانتخابات التشريعية.
إذ أكد في تصريحات سابقة له أن السفير الأمريكي السابق لم يكن محايدا في انتخابات 2011، مشيرا في حديثه إلى المرشحة للانتخابات الأمريكية هيلاري كلينتون والتي أبدت رغبتها في فوز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات التشريعية المقبلة.
التصريحات التي تدفع حسب لشكر إلى طرح “تساؤل كبير حول المرحلة، كما تطرح تساؤلا كبيرا حول الحزب المعني خاصة بعد ما سمعناه”، في إشارة منه إلى حزب العدالة والتنمية.
قد تكون مخاوف إدريس لشكر مبالغ فيها، وقد تكون بمثابة الحقنة المهدئة له إذا ما انهزم حزبه هزيمة نكراء في المحطة المقبلة، فالحجة جاهزة من الأمس القريب، وفشل الاتحاد راجع لأمريكا!
“البام” هو الأقرب
قد نشاهد لشكر يضع يده في يد إلياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، للتحالف في المستقبل القريب، سواء في معارضة أو لتشكيل أغلبية حكومية، وهو الشيء الذي انتقدته ابنة اليسار وهي نبيلة منيب الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، إذ سبق لها وأن قالت في حوار سابق أجراه معها مشاهد24: “كيفاش غادي نتيقو واحد تيقول ليك أجي نجمعو اليسار، شوية تتلقاه متحالف مع البام”، في إشارة إلى إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
ما يهم إدريس لشكر الآن هو أن يجد لنفسه مكانا داخل الحكومة المقبلة مهما كانت إديولوجية حليفه، فلم شمل اليسار شعار ولى عليه الدهر وباتت المصالح هي الأهم، لكن قد نقول أن “البام” هو الحليف الأول للبيت الاشتراكي، وهو الأقرب، إذا ما تبوأ المكانة الأولى، أما حليف الأمس أي حزب الاستقلال، فهو يبحث لنفسه طريقا أخرى قد يسلكها مع عبد الإله بنكيران.