بقلم: نوفل البعمري
عاش المغرب من شماله لصحرائه عرساً كروياً كبيراً في كأس العالم الذي تحتضنه قطر، و هو العرس الذي احتفى به المغاربة بعفوية كبيرة وأظهروا فيه انتماءهم وجبهم لهذا الوطن العريق اسمه المغرب.
المغاربة كانوا في حاجة للحظة فرح حقيقية، للحظة ترسم على وجوههم الابتسامة التي كانت متعبة من الكوفيد وارتفاع الأسعار والأزمة الاقتصادية العالمية التي ارتدت على المواطن، و هي اللحظة التي صنعها الفريق الوطني لكرة القدم، بقيادة الناخب الوطني وليد الركراكي، الذي استحضر وفقة لاعبيه حجم المسؤولية الملقاة عليه وفهم حاجة المغاربة لأن يسعدوا ويفرحوا ويعزفوا النشيد الوطني بحب، فكان بحق هو وجل الفريق الوطني على قدر كبير من المسؤولية الوطنية.
كرة القدم لم تعد فقط تلك اللعبة التي تحضى بشعبية كبيرة في أوساط الشعوب، بل أصبحت اليوم تقاس من خلالها قوة الدول و الشعوب من خلال ما يتم تحقيقه من نتائج كروية، و أصبحت كذلك تعبير عن حالة سياسية ووطنية قد تعيشها الدول، وهو ما حصل مع المغرب في الانتصارات التي حققها في الدور الأول وتأهله للدور 16، بحيث تقاطرت على المغرب رسائل تهنئة من مختلف القادة العرب والسفارات الأجنبية والاتحاد الأوروبي وأصدقاء المملكة من مسؤولي العديد من المنظمات القارية، وهي كلها تعكس حضور المغرب الدولي والدبلوماسي في المنطقة، فظهر الجانب الآخر من الدبلوماسية المغربية الكروية، وعكست قيمة المغرب إقليميا ودوليا، وعززت من هذا الحضور الدولي والإقليمي حتى بات هناك من يقول أمام حجم التهنئات التي وصلته من الدول العربية أن ما فشلت فيه القمة الجزائرية نجح فيه المنتخب الوطني، لم شمل العرب شعبيا ورسميا.
الفرحة لم تكن فقط مقتصرة على هذا أو ذاك، بل كانت مناسبة ليظهر للعالم حجم الشعور الوطني الكبير الموجود لدى الساكنة الصحراوية بالأقاليم الجنوبية، من الداخلة والعيون وبوجدور والسمارة… وغيرها من المناطق خرجت ساكنتها عن بكرة أبيها لتحية المنتخب الوطني ولترديد النشيد الوطني ورفع الأعلام الوطنية، فكانت رسالة وطنية وسياسية بطعم كروي خالص، رسالة للجميع أن هذه الساكنة هي جزء أصيل من هذا الشعب وأنها منخرطة في التعبير عن فرحها وسعادتها بتأهل المنتخب الوطني المغربي كتلك الجماهير التي خرجت في الرباط طنجة من شفشاون، وجدة…. هي لحظة لم تكن فقط كروية بل كانت وطنية.
الفرحة بالتأهل كانت لحظة رأينا فيها أبناء هذا الشعب متلاحمين ويشجعون بحب فريقنا الوطني، من العامل البسيط إلى الأستاذ إلى حراس الأمن ببلادنا “عبد اللطيف الحموشي/ياسين المنصوري” إلى الحارس على الدبلوماسية المغربية “ناصر بوريطة”، وأكيد أن هذه الفرحة كانت ممتدة لمختلف المستويات، وهي لحظة أظهرت معدناً آخرا من معادن هؤلاء الرجال، معدن الفرحة بشكل طفولي وعفوي وفي لحظة تعبير عن حب الوطن بشكل صادق، وهي اللحظة التي تناقلتها رسائل التواصل الاجتماعي، وشهدت تفاعلا كبيرا من طرف المغاربة وإشادة بأصحابها أن تأكد لهم أنهم يشبهوننا…. مثلنا يفرحون للمنتخب، يهيحون في الملاعب، يشجعون….!!
الفرحة التي صنعها المنتخب الوطني هي بحجم هذا الوطن، وكيفما كانت نتيجة المقابلة التي ستجمعه مع إسبانيا والتي نتمناها أن تكون انتصاراً للفريق الوطني، لأن له كل المؤهلات للفوز، فإننا سنحتفي بوليد ووليداتو وسننشد معهم “نشهد الدنيا… أن هنا نحيا… بشعار الله، الوطن، الملك”.