خطاب الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى 47 للمسيرة الخضراء، يمكن عنونته بأنه خطاب الاستمرارية التنموية، الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه، ولذلك انكب المغرب على البعد التنموي للأقاليم الصحراوية المغربية، بعد استرجاعها فورا… عمق مقاربته منذ سنوات، وعبر النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، لأن مغربية الصحراء حقيقة تاريخية وواقعة ثابتة وأصيلة…
إنه خطاب ملك مطمئن على مواصلة المسار التنموي المغربي في الأقاليم الصحراوية. ويعزز اطمئنانه للشرعية الدولية، قرار مجلس الأمن الأخير. ذلك القرار بات مرجعية شرعية تؤطر النزاع حول الصحراء المغربية، بما يناصر الحق المغربي، ويعتبر مضمون المقترح المغربي بالحكم الذاتي وجيها وواقعيا والوحيد المطروح للتفاوض حول حل سلمي لهذا النزاع الذي طال… وأضحى ثقيلا على الوضع الدولي وشاردا عليه…
الملك لم يتحدث عن أي مستجد دولي في قضية الصحراء… لقد بات حل النزاع مسؤولية الأمم المتحدة وبتوجيهات مجلس الأمن. الحل السلمي، نعم، وعلى قاعدة المقترح المغربي. أما حقيقة الصحراء المغربية، فهي لا ترتبط بقرار دولي… هي كذلك بموجب التاريخ والجغرافية… وتنميتها هي في أصول المسيرة الخضراء… في منطلقها، استرجاع تلك الأقاليم مرتبط بتقوية إدماجها بوطنها الأصل عبر تسريع تنميتها…
وذكر الملك بالنموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، الذي أوصى العاهل بتفصيله سنة 2012، وكلف بذلك المجلس الاقتصادي والاجتماعي… إنها حكامة دولة تعنى بكل الوطن… وقد عوملت الأقاليم الجنوبية بأفضلية وطنية… تستحقها.ذلك النموذج التنموي الذي عبأ 77 مليار درهم… بما يؤشر على حجمه وعلى نوعه… قبل عقد من اليوم… وقد تدخلت فيه الدولة بأدواتها الوطنية والمحلية وأيضا تدخلت فيه المجالس المنتخبة… والأهم أنه أنجز 80 بالمائة من مشاريعه… إنه رسالة إلى المنتظم الدولي… يقول بأن مقترح الحكم الذاتي لم يكن، سنة 2007، مجرد مناورة سياسية… لقد تلى ذلك المقترح انشغال بتنمية الأقاليم الجنوبية المغربية… إنها الثقة في أن الشرعية الدولية ستواكب الحق المغربي، وأيضا هي تعبير عن أن العناية بتلك الأقاليم المغربية، ليست مشروطة بالمباركة الدولية… إنها رعاية ملكية… مندرجة في سياق المشروع الإصلاحي و التحديثي الملكيلكل المغرب…
وفي الخطاب تلك الإشارات الملكية للإنجازات الهامة المحققة في الأقاليم الجنوبية، وبصلتها مع أصلها المغربي… من نوع النهوض بالثقافة وتعبيراتها الحسانية.وبالمنشآت الاقتصادية والاجتماعية، من نوع الطريق السيار الذي سيربط طنجة بالداخلة، مرورا بتزنيت… وجدير بالاهتمام دعوة الملك لتعبئة القطاع الخاص بالنفس الوطني لمواكبة النموذج التنموي بالأقاليم الجنوبية…
ولا شك أن الصحراء المغربية، لدى الملك هي منطلق التعاون مغربي-إفريقي، استراتيجي، وذلك ما يعبر عن التعاون المغربي-النيجيري في نقل الغاز إلى المغرب ومنه إلى أوروبا… إنها آفاق واسعة… وهي آفاق مستمرة… تعززها القرارات الدولية… ولكن الشرعية الوطنية هي ضمانتها… وبالدمغة الملكية…