…..طردت من رأسي هذه الافكار السلبية وهذه الطاقة المظلمة ونظرت الى صاحب المحل وهو يقدم لي ببغاوات الكاسكو ويقول لي باسما هذه التي امامك اسمها روما والثانية اثينا انظر وتفحص واختر ما تشاء يا سيدي تفحصت الببغاوات واعجبني شكلهما معا ولكن ما اثار انتباهي هو وجود قط قريب من المحل ما ان رآني مشغول مع صاحب المحل حتى قفز منقضا على الببغاوات……ثم مياو مياو مياااااو نطقها بألم فالقط الغبي لم يرى سوى الطائرين ولم يعلم انهما داخل القفص فلما اراد البطش بهما اصطدم بالقفص الصلب بقوة وارتد الى الخلف وهو يتألم ويموء بشدة وبدأ صاحب المحل هو الاخر يموء ويقول بغباء “التسليم السي بوصنطيحة بغا يدليك الطيور ديالك وجوادك حبسوه واعطاوه قتلة ديال لعصة كان دايما تايكل لي طيور هادي هي لخرة لوالديه”…
نظرت اليه باستغراب وانا اتسائل مع نفسي اي “جْوَادْ وخرافة في هذا الموضوع القط تسرع وانقض على الببغاوات ولكنه تعثر في القفص الصلب واخذ جزاءه اظنني سأحتاج الى نظارات طبية في المستقبل فالناس اصبحوا يَرَوْ اشياء لا اراها انا اخترت الانثى الاشد جمالا والاكثر حيوية ونشاط فهي التي ستكون العلاج الفعال لريكو كم يبلغ ثمن هذه الانثى نظر الي صاحب المحل نظرة عتاب وهو يقول “حشومة اسي شريف تقول هاد الهدرة والله حتى غا تخد هاذ روما واثينا حتى هي فابور راحنا هما المباركين “اسي دوبل طيط” زرتينا وشفنا الكرامات ديالك بعينينا …!” لم اعد انزعج من هذا اللقب “سي دوبل طيط” او “سي بوصنطيحة” طالما انني اعيش مرفها بين الناس ومحترما فلينادوني حتى “بسي ميخي” او “سي بوقال” ليس لدي مانع قلت له وانا امثل بانني سوف اخرج المال من جيبي وانا لا احمل شيئا معي من البيت سوى اجرة الطاكسي فأمي هي التي تمسك بميزانية البيت وهي التي تعطينا مصروف الخروج انا واخي “البجغوط” رغم انني في اواخر الثلاثينات من عمري تصور…..!
فقلت له “لا لا ضروري نخلصك اسي بو فروج كان هذا هو لقب صاحب المحل الطيور” فأجابني على امتعاض وهو يقول “حرام علي ديني او ولادي اسي شريف إلا ما نشد منك ريال غير الى جات على خاطرك دفل لي على عتبة المحل باش تحل لينا البركة وتجري لينا على النحس والسحور” …فعلا سأبصق هذه المرة ولكن ليس على عتبة المحل انما على وجه “هاذ السي بو فروج” البصاق يحمل من البكتريا والمكروبات الملايين وهو يريدني ان ابصق على المحل لتحل البركة كنت اعتقد ان مثل هذه الخرافات قد ولت واكل عليها الدهر وشرب وان مثل هذه الخزعبلات والخرافات لم يعد مقتصرا الا على الهند وبعض الدول الافريقية ولكن للأساطير والخرافة تأثير دائم في كل عصر وفي كل مكان فاردت ان العب الدور وانسجم مع هذه الظروف التي وجدت نفسي فيها…
فجأة فقلت وانا اصرخ آآآآآ بركة الجداد واخدمة لجواد وقفوا مع سي بفروج ولد البلاد ثم آآآآخ تفوووووو رميت فأصبت صرصار ما ان التصق به البصاق انقلب على ظهره رافعا رجليه ميتا في الحين نظر الي صاحب المحل وهو يقول غير مصدق “تسليم اسي بو صنطيحة اه كانو دايرين لي سحور فسراق زيت ولاد الحرام الله يرحم الوالدين دابا غادي نزيدك ها….قاطعته قائلا ما عندك ماتزيدني صافي غادي ناخد هاد نتيوات والله يجعل البركة استغربت بحق كيف مات هذا الصرصار المسكين من بصقة واحدة وهو الذي كانت له مشاريع جنسية لم يحققها بعد في محل سي بو فروج وان يجعل من محله عشا لصراصيره الصغار ودعت صاحب المحل عائدا الى بيت المدير الا انه اوقفني وقال لي وهو يتوسل السي بو صنطيحة فاش دوش نهار جمعة جمع لما ليبقى من تدواش نرش بيه المحال .كادت ان تصيبني الجلطة من حماقات سي بوفروج ولم استطع تحمل كل هذه التفاهات فقلت له متهكما لا لا لن تحتاج ففي المرة القادمة سوف اتبول امام المحل وهكذا تعم البركة و برائحة الزكية تجلب الزبائن نظر لي خجلا وهو يقول والله لقد كنت انوي ان اطلبها منك لكني استحييت منك يا سيدي كاد ان يطير عقلي من مكانه وكدت ان انفجر غضبا في وجهه ولكني تمالكت نفسي وانسحبت بسرعة قبل ان ارتكب حماقة اندم عليها من بعد….
وجدت المدير وزوجته في انتظاري والطفلة نائمة بجوار قفص ريكو جلبت معي الانثى اثينا فهي الانسب لريكو في هذه الحالة كانت مائدة الافطار مملوئة عن آخرها وانا لم افطر بعد وببغاوات بطني تغرد نظرت الى الطفلة وتنفسها فوجدته طبيعي جدا وحرارتها عادية توجهت الى ريكو النائم فوجدته ايضا يتنفس بشكل عادي وحرارته لابأس بها اذن الامور على ما يرام وليس هناك ضرر من اطعام ببغاوات بطني واسكاتها وضعت اثينا بجنبي وهي تدير عينيها في المكان الجديد وتتفحصه تركتها تتعرف على منزلها الجديد وصببت كأسا من الحليب الدافئ وانا اسأل المدير كيف كانت حالتهما هذه الليلة ؟ اجابني المدير وهو يقول باسما بعدما اطعمتهما وسقيتهما خلدا لنوم هادئ ومازالا مستغرقان في النوم لحد الأن…
في هذه اللحظة بدأت أثينا تطلق بعض صيحات الدهشة كعادة الطيور لا ادري مما يستغربون وواصلت حديثي مع والدي البتول في المرحلة القادمة يجب ان تتبعوا برنامج سأعطيه لكما تقومان به بحذافيره مفهوم سألتني الام وهي تقول خيرا ان شاء الله يا شريف ما المطلوب منا اجبتها وانا املا بطني واستمع للبغاء ريثا التي بدأت تنسجم مع المكان وتسمعنا موسيقى طبيعة افريقيا الحية بصوتها العذب المطلوب منكم سيدتي ان تهتموا بها اكثر من اهتمامكم بجمع المال وهذا يتضمن ان تلعبوا معها من نصف ساعة الى ساعتين في اليوم وان تقوموا بإخراجها من البيت مرتين في الاسبوع زادت أثينا من تغريدها وابداعها حتى اني فكرت ان اردها معي الى البيت وليمت ريكو ويريحنا من اكتئابه هاهاها وهل عندما نخرجها نأتي بريكو معنا سألتني امها بحيرة اجبتها لا لا على العكس فالمطلوب هو ان يعود كل شيء الى مكانه الطبيعي اي ان يملأ اهتمامكم وحنانكم الفراغ الذي ملأه ريكو وتصبح الطفلة عادية لديها والداها يهتمان بها ودراستها والعالم الخارجي الذي سيملأ فكرها وحبها للاكتشاف والمعرفة…
وهنا بدأت اثينا ترفرف جناحيها بانفعال وتزيد من حدة صوتها وهي تركز بصرها على قفص ريكو الذي بدأ يستيقظ ويحرك جناحيه بدوره ببطء ويركز هو الاخر على اثينا قطعت الحديث مع الوالدين وتركت لغريزة الطبيعة وقدرتها وسحرها مفعولها العجيب في الشفاء بدأ ريكو كفرخ صغير يحاول الحركة والتكلم لأول مرة فهو يحاول جاهدا مجاراة اثينا في الغناء والنداء واثينا تحفزه وتشجعه خرج اول مرة صوته ضعيفا جدا وعاود الكرة مرة ومرة اخرى وهو يحاول الطيران وفرد جناحيه نظر الاب والام الي بخوف ورهبة كأني انا الذي وراء قيام ريكو بهذه الحركات الغريبة والمسؤول عنها وهما شخصان متعلمان واكاديميان ولكن احيانا العجز وقلة الحيلة تجعل من الذكي غبي ومن العالم جاهل اخيرا بدأ ريكو ايضا في الغناء وفرد جناحيه بقوة وهو يستجيب لنداءات اثينا ويصرخ بدوره ويقوم بحركات غبية لجلب انتباهها فعلا وراء كل ببغاء بليد انثى هاربة من العش وفجأة بدأت حركة غريبة في سرير الطفلة وسقط الغطاء من على السرير و….ريكو حبيبي تعالى الى امك اني انتظرك……….يتبع