منذ استقالته قبل شهرين ونصف، ظل الترقب في المشهد السياسي الفرنسي بخصوص متى يعلن وزير الاقتصاد السابق عن ترشحه لرئاسة البلاد. واليوم، وبعد أن أصبح أمر الترشح رسميا، يبرز التساؤل حول حظوظ إمانويل ماكرون في الفوز بالانتخابات المقرر إجراؤها في أبريل 2017.
زعيم حركة En Marche، الذي ما يزال يعتبر غرا في السياسي، يبدو وأنه يملك طموحا جارفا للوصول إلى سدة الرئاسة في فرنسا، لكن هناك شكوكا كبيرة حول قدرته تجاوز الدور الأول خلال الانتخابات المقبلة التي تدور في ظل سياق لم يعرف فيه بعد من سيكون مرشح اليسار، مع العلم أن الرئيس الحالي فرانسوا هولاند يعاني من انخفاض في نسبة شعبيته حسب ما تؤكده استطلاعات الرأي.
بالمقابل، يبدو الرئيس السابق نيكولا ساركوزي وأنه يواجه صعوبات في تخطي عمدة مدينة بوردو، الوزير الأول السابق آلان جوبي، والذي يتصدر لحد الساعة نوايا التصويت الخاص باليمين. في المقابل، لا يعرف ما إذا كانت مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبين، قادرة على خلق المفاجأة أو بعثرة أوراق الانتخابات الرئاسية المقبلة.
الحديث عن حظوظ إمانويل ماكرون يقود إلى الحديث عن أول عقبة يجب أن يتجاوزها وزير الاقتصاد الفرنسي السابق، وهي الحصول على توقيع 500 منتخب يعلنون تأييدهم للمرشح الرئاسي.
الصحافة الفرنسية أكدت أن السياسي الشاب، البالغ من العمر 38 سنة، يملك الكثير من الجاذبية، لكن منتقدينه يرون أنه على خلاف ما يحاول الترويج له، يعكس امتدادا للنظام الذي يدعي أنه يرفضه.
ماكرون قال إنه كان شاهدا على كيف أصبح النظام السياسي الفرنسي فارغا، حيث جاء رافعا شعار التفاؤل والتغيير، وهو الشعار الذي قد يجد صدى خاصة لدى الشباب.
استطلاعات الرأي تقول إن ماكرون يتوفر حاليا على 15 بالمئة كتأييد من حيث نوايا التصويت، وهناك من يرى أن حظوظه للمرور للدور الثاني ستكون أكبر في حال نجح ساركوزي في الحصول على ترشيح اليمين.
تقدم ماكرون للترشح للانتخابات الفرنسية يرى فيه البعض مقامرة من قبل السياسي الطموح، بل يذهب البعض الآخر أبعد من ذلك في وصف مغامرته بأنها “محض جنون” لأنه حظوظه ضئيلة في الفوز.
من بين العقبات التي تعترض ماكرون هو أنه لا يتوفر على حزب سياسي يقف وراءه، لكن خطابه المتفائل لا يرى في ذلك مشكلة حيث يعتقد أن الرهان هو توحيد الشعب الفرنسي وراءه، وليس السعي وراء أصوات اليمين أو اليسار.
هذا الخطاب، وإن كان قد يستهوي البعض الرافض للاصطفافات السياسية بشكلها التقليدي، يمكن أن يحول دون حصوله على شبكة الدعم الكافية لتحقيق حلمه في الوصول إلى قصر الإليزي.
بالإضافة إلى دعم السياسيين، يطرح التساؤل حول قدرة المرشح الرئاسي على الحشد والتعبئة، من خلال توزيع المنشورات وتنظيم التجمعات الخطابية وطرق أبواب المواطنين لنقل برنامج إمانويل ماكرون إليهم.
حركة En Marche التي يقودها، تضم في صفوفها 60 ألف متابع من بينهم 15 ألف ناشط مستعدون للتطوع والعمل في الميدان من أجل زعيمهم، لكن رقمهم يبقى ضئيلا مقارنة بما يتوفر عليه حزب “الجمهوريين” الذي يمكن لمرشحه التعويل على 240 ألف ناشط.
مسألة الموارد المالية الكافية لتمويل الحملة الانتخابية تطرح بدورها بالنسبة للإطار السابق في بنك “روتشيلد”، رغم بعض التقارير الصحفية التي تتحدث عن تمكنه من جمع أموال لحملته الانتخابية.
بالإضافة إلى هذه التحديات، يبقى التحدي الكبير هو من من الناخبين سينجذب لخطاب السياسي الشاب الذي يسعى لأن يقدم نفسه بصورة مختلفة عن باقي المرشحين المتقدمين للانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة، وما إذا كان بإمكانه جذب ناخبين من اليسار واليمين ومؤيدي اليمين المتطرف.
للمزيد: فرنسا: تصدع في الحزب الاشتراكي بسبب سياسات هولاند وفالس