لم يتردد المجلس الأعلى للحسابات في تقريره الجديد حول الوظيفة العمومية بالمغرب في كشف الاختلالات التي تحيط بهذا القطاع الحساس، حيث أكد مجلس جطو أن الدولة تتحمل وظيفة عمومية تفوق قدراتها الاقتصادية، في حين لا يجد التطور المهم الذي تعرفه الأجور ترجمته على مستوى تحسن نظرة المواطن للإدارة العمومية.
وأبرز المجلس، في تقرير موضوعاتي حول تقييم نظام الوظيفة العمومية، صدر اليوم الاثنين، أنه رصد ارتفاعا مستمرا لكتلة الأجور، حيث أن عدد العاملين بالوظيفة العمومية للدولة بلغ سنة 2016، ما يقارب 583 ألف و71 موظفا مدنيا، بكتلة أجور تتجاوز 120 مليار درهم. كما يعمل بالجماعات الترابية 637 147 موظفا، بلغت النفقات المرتبطة بأجورهم ما قدره 11,16 مليار درهم سنة 2016.
بالنسبة إلى المجلس الأعلى للحسابات، يشهد انتشار الموظفين العموميين اختلالات من حيث التوزيع الجغرافي، والتركز داخل القطاعات الوزارية، في وقت يستدعي فيه انتشار الموظفين، من أجل وضع سليم، استحضار “المعطيات الاقتصادية والديموغرافية لكل جهة، وحاجياتها الموضوعية”.
ومن بين الملاحظات التي جاءت في التقرير، محدودية المبادرات المتخذة للإصلاح، إذ “أظهرت الحكومات المتعاقبة وعيا بضرورة إصلاح الوظيفة العمومية. وتبقى أهم المبادرات المتخذة تلك التي تمت بلورتها في إطار برنامج دعم إصلاح الإدارة العمومية (2003-2010) الذي امتد على أربع مراحل بمبلغ إجمالي تجاوز 9,6 مليار درهم.
غير أن المجلس يرى الإنجازات المحققة ظلت “محدودة”، حيث انحصرت في التدابير الهادفة إلى التحكم في كتلة الأجور فقط، وذلك عبر عملية المغادرة الطوعية سنة 2005 ، والتي كان لها أثر ظرفي وظلت مفتقرة للرؤية الشمولية.
وعن تشخيص نظام الوظيفة العمومية، أبرز التقرير، أن هذا التشخيص مكن من الوقوف على جملة من الاختلالات، “فالإدارات العمومية لا تتوفر على تقديرات دقيقة لاحتياجاتها الفعلية من الموارد البشرية. كما أنه بسبب التعقيد الذي يطبع نظام الوظيفة العمومية، فإن بعض القطاعات التي نجحت في تقدير احتياجاتها من الموظفين ظلت عاجزة عن إطلاق عمليات إعادة الانتشار الضرورية لتجاوز اختلالات التوزيع على المستوى الترابي”.