خلال السنوات والأشهر الأخيرة، أحدث الملك محمد السادس نقلة نوعية في العلاقات الثنائية بين المغرب ودول إفريقيا وآسيا .
الباحث العربي المقيم بالولايات المتحدة، جون أبي نادر، خصص مقالا لتوجهات السياسة الخارجية للمغرب في علاقته بمحيطه الإفريقي والدول الآسيوية نشره موقع Fair Observer.
أبي نادر ذكر بكون الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة “ثورة الملك والشعب” شدد على كون القارة الإفريقية رافدا للهوية المغربية وعلى أهمية العلاقات الاستراتيجية المغربية مع البلدان الإفريقية.
سعي المغرب للعودة إلى الاتحاد الإفريقي يرتكز حسب جون أبي نادر على ما تملكه المملكة من علاقات اقتصادية وتجارية مع الدول الإفريقية، وهو ما يؤكده واقع الحال حيث أن “البنك الإفريقي للتنمية” يشير إلى كون 85% من الاستثمارات الخارجية للمغرب هي في القارة السمراء.
جون أبي نادر وصف هذه السياسة المغربية بأنها “ذكية”، مستشهدا بما قاله الملك محمد السادس في خطابه بأن قرار المغرب بالعودة “إلى مكانه الطبيعي، داخل أسرته المؤسسية القارية، إلا تجسيد لهذا الالتزام بمواصلة العمل على نصرة قضايا شعوبها”، وأن “إفريقيا بالنسبة للمغرب، أكثر من مجرد انتماء جغرافي، وارتباط تاريخي. فهي مشاعر صادقة من المحبة والتقدير، وروابط إنسانية وروحية عميقة، وعلاقات تعاون مثمر، وتضامن ملموس. إنها الامتداد الطبيعي، والعمق الاستراتيجي للمغرب”.
جهود المغرب في إفريقيا هي متعددة الأوجه، كما يذكر بذلك جون أبي نادر، حيث أن الفاعلين فيها يشمل المؤسسات الاقتصادية الكبرى للدولة مثل “المكتب الشريف للفوسفاط”، ومؤسسات القطاع الخاص والوكالات الحكومية العاملة في مجال الصحة والتعليم. كما أن التعاون المغربي الإفريقي يهم كذلك محاربة الإرهاب والتطرف والتبادل الثقافي.
“شركة الاتصالات المغربية توفر خدمات لزبناء في عدد من الدول الإفريقية أكبر من عدد زبنائها في المغرب”، يقول جون أبي نادر، مضيفا أن “الأبناء المغربية تلعب دورا مهما في ثمانية بلدان في غرب إفريقيا”، كما يقوم “المكتب الشريف للفوسفاط”، من خلال تعاون فريد مع الغابون، بإنتاج أسمدة تتوافق مع الحاجيات الإفريقية ويقوم بتمويل برنامج لصالح ملاك الأراضي الصغار.
واقتبس أبي نادر مجددا من الخطاب الملكي تأكيد العاهل المغربي على أن ” مصلحة المغرب من مصلحة إفريقيا، ومصيره لا يمكن أن يكون بدونها. والتقدم والاستقرار، في نظرنا، إما أن يكونا مشتركين أو لا يكونا”، وأن المغرب ينظر إلى إفريقيا على أنها ” فضاء للعمل المشترك، من أجل تنمية المنطقة، وخدمة المواطن الإفريقي”.
جهود المغرب على المستوى الإفريقي باتت تحدث الفرق على المستوى الدبلوماسي حسب الباحث العربي، حيث أن 28 دولة إفريقية زكت مطلب عودة المغرب إلى منظمة “الاتحاد الإفريقي” خلال آخر مؤتمر قمة للمنظمة.
ونقل جون أبي نادر عن الدكتور بيتر فام، مدير مركز إفريقيا التابع لمؤسسة “أطلانتيك كاونسل”، أحد أهم مراكز الأبحاث بالولايات المتحدة، تعليقه على الخطاب الملكي بقوله إنه جدد التأكيد “على توجه استراتيجي لن يكون له أثر فقط على المغرب والدول الإفريقية، ولكن أيضا على شركاءهم الدوليين بما فيهم الولايات المتحدة”.
المغرب لديه أيضا أصدقاء في آسيا، وهو ما يؤكده تعزيز العلاقات الثنائية مع الهند وروسيا والصين، حيث ذكر جون أبي نادر بأن الملك محمد السادس حضر منتدى الهند وإفريقيا في أكتوبر 2015، إلى جانب 400 مشارك من رجال أعمال ومسؤولين حكوميين، كما عرفت زيارته التفاهم على خمس اتفاقيات والتوقيع على اثنتين.
على نفس المنوال، زار الملك محمد السادس روسيا في شهر مارس الماضي حيث تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، التي بلغ عددها 14، بالإضافة إلى الاستمرار في اتفاق الشراكة الاستراتيجية الذي أبرم خلال زيارة الملك محمد السادس لروسيا عام 2006.
على نحو مماثل زار الملك محمد السادس الصين في شهر ماي الماضي، حيث وقعت المملكة والصين على 15 اتفاقية تهم مجالات عدة مثل التعليم والاقتصاد والثقافة والسياحة، والأهم من ذلك، كان التوقيع على اتفاق التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
وبالرغم من الحديث الذي يدور حول أثر هذا التعاون بين المغرب ودول إفريقيا وآسيا ، سواء على مستوى “الاتحاد الإفريقي” أو الدول الآسيوية الكبرى على قضية الصحراء، حيث لم تبدي الصين وروسيا تطورا مقارنة بالموقف الأمريكي الذي لم يدعم كلية مقترح المغرب للحكم الذي في الصحراء بالرغم من وصفه بأنه “جدي وواقعي قابل للتحقق”، إلى أن جون أبي نادر أن المغرب يضع استراتيجية طويلة الأمد.
فتلكؤ الولايات المتحدة منح المملكة الفرصة لتكون نظرتها الاستراتيجية أوسع لكيف يمكنها أن تكسب أصدقاء وتؤثر في دول أخرى”، يقول جون أبي نادر.