عند كل استحقاق جديد، يعرف المشهد السياسي بعض الظواهر الملفتة للانتباه، التي تدخل ضمن خانة عجائب الانتخابات إما لغرابتها، أو لخروجها عن المألوف، مثل “تواضع” بعض الزعامات، ونزولها من أبراجها العاجية، إلى الشوارع، والمشي في الأسواق الشعبية لملاقاة المواطنين، والتودد إليهم، واقتسام تناول التين الشوكي معهم، طمعا في كسب أصواتهم يوم الاقتراع.
وهذا العام يشكل ترشيح عبد الواحد الراضي “حدث الموسم” إن جاز التعبير ، ومبعث الغرابة يكمن في أن الرجل تقدم في السن، فهو من مواليد سنة 1935 بمدينة سلا، المجاورة للرباط، ويعتبر أقدم برلماني على الإطلاق في المغرب، ورغم ذلك، مازال مصرا على التواجد في الساحة السياسية، حتى وإن كان حضوره فيها، في السنين الأخيرة، دون مردودية، وعديم الفائدة، بدليل أنه لم يسمع عنه منذ مدة أنه دخل في نقاش سياسي تحت قبة البرلمان، أو طرح سؤالا شفويا واحدا على الأقل!
ولن يتسع هذا الحيز نهائيا لا ستعراض سيرة الرجل السياسية، فهو واحد من الذين تسميهم الصحافة المغربية ب”الخالدين” في المناصب، أولئك الذين أمضوا العمر ، وما زالوا، في التنقل في المقاعد السياسية، وغير السياسية، وكأن التاريخ نسيهم فيها، ومضى في حال سبيله، بعد أن يئس من زحزحتهم من فوقها، وتكفي إطلالة على لائحة الزعامات الحزبية للتأكد من الأمر.
الراضي استوزر عدة مرات، لعل آخرها هو منصب وزارة العدل، ومارس الشأن السياسي والحزبي لسنين طويلة، وتحمل مسؤولية الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وترأس مجلس النواب،(الغرفة الأولى للبرلمان)، بل وتربع على كرسي رئاسة اتحاد البرلمان الدولي، وقبل ذلك، كان قد عين أمينا عاما للاتحاد العربي الإفريقي الذي كان يضم المغرب والجماهيرية الليبية، في ذلك الزمن الذي توارى خلف الذاكرة.
واليوم، ورغم كل هذا المسار السياسي الطويل، يعود الراضي إلى الواجهة من جديد للترشح في الدائرة الانتخابية «القصيبية»، التابعة لإقليم سيدي سليمان، باسم حزب الاتحاد الاشتراكي، الأمر الذي يطرح سؤالا ملحا بخصوص مدى جدية تداول النخب على السياسة، وضرورة إفساح المجال للشباب حتى لاتبقى السياسة حكرا على وجوه استنفذت كل ماعندها، ولزمت الصمت، ولم يعد يهمها سوى الكرسي الوثير !
آخر الكلام، تعليقان على الموضوع، نقلا عن ” الفايسبوك” الذي قالت عنه نبيلة منيب، زعيمة الحزب الاشتراكي الموحد، مؤخرا إنه “أكبر حزب في المغرب، حيث يعبر الشباب عن آرائهم وآلامهم، بعد سيطرة العقليات المتحجرة على الأحزاب”:
ـ الجيلالي بنحليمة، صحافي : “الراضي عبد الواحد يشارف سن التسعين. قرن الا عمر صبي قضاها هذا الكائن متجولا في بقاع المعمور ومستحوذا على هكتارات شاسعة من أراضي الغرب الخصبة. جايل ثلاثة ملوك وقضى نصف عمره في البرلمان، في الدورة الاخيرة لم يحضر عبد الواحد سوى لجلسات افتتاح الملك للبرلمان وتقريبا لم يظهر من اثر الراضي طيلة الولاية (خمس سنوات) سوى اربع مرات. عبد الواحد يحتفظ بمكتب كامل العدة والعتاد في مجلس النواب، كان مخصصا له بصفته رئيس اتحاد البرلمان الدولي، زالت المهمة وبقي المكتب..وزالت المهام وبقي البرلمان، عبد الواحد رئيس جماعة القصيبية الخالد سيعترف لاول مرة بقربه من ادريس الراضي (مول الغابات) ليترشح هو وابنه في نفس اللائحة. الاهم أن يجمع عبد الواحد كل شروط العودة “!
ــ المحجوب فريات : صحافي: “سأعيد قراءة كتابة غرامشي، وروايات مكسيم غوركي، ربما سأفهم هذا الترشح السرمدي لعبد الواحد الراضي”!!!