تزايدت في الآونة الأخيرة نسبة الجرائم المقترفة ضد الأصول، واهتزت على وقعها مجموعة من المدن المغربية. ولعل “المجزرة” التي ارتكبها شاب بمدينة تطوان، الخميس الماضي، في حق أمه و3 أفراد من أسرته أعادت هذه الظاهرة المشينة إلى الواجهة وأثارت النقاش من جديد حول الدوافع التي تقف وراء ارتكاب جرائم ضد الآباء أو الأبناء.
كيف يعقل أن يقدم المرء على قتل أمه أو أبيه أو زوجته أو أخيه أو ابنه بدم بارد؟
جرائم غريبة.. العوامل
يرى علي الشعباني، الباحث في علم الاجتماع في تصريح لـ مشاهد24، أن الجرائم المقترفة ضد الأصول “تثير الغرابة”، مؤكداً أن كل المجتمعات تقع فيها الجرائم، وقد أصبح هذا الأمر طبيعيا بالنظر لعدة عوامل اجتماعية واقتصادية ونفسية، لكن أن يكون القاتل أحد أصول أو فروع الضحية، فذلك ما لا يمكن للمرء أن يستسيغه.
وأكد الشعباني، أن ظاهرة الاعتداء على الأقارب وقتل الأصول بصفة خاصة “أصبحت ظاهرة متفشية في مجتمعنا، وبدأت تتسع ملفاتها في أدراج المحاكم”.
وفسر الباحث في علم الاجتماع، اتساع هذه الظاهرة في المجتمع المغربي إلى عدة عوامل، منها النفسي والاجتماعي والديني والسياسي، مشيراً إلى أن أغلب حالات الاعتداء على الأصول، تعود إلى تناول المعتدين المخدرات وحبوب الهلوسة.
وأضاف المتحدث، أن تغير العلاقات داخل الأسرة المغربية هو عامل مهم، أفضى إلى هذه الجرائم الوحشية، ففي السابق “كانت مكانة الآباء والأمهات جد مقدسة وكان الأبناء يكبرون على التقدير والاحترام، وفي يومنا هذا غابت هذه القيم الأخلاقية وتحول الأبناء إلى عناصر متحكمة في الأسرة وفي آراء آبائهم وأولياء أمورهم، وبالتالي الطفل أضحى يترعرع وسط كنف أسرة غير متوازنة ينعدم فيها الاحترام بين الأفراد”.
وفي اعتقاد الباحث، فإن منظومة القيم في مجتمعنا المغربي دُمرت بسبب اتساع رقعة التواصل الافتراضي وتوغل التقنيات الحديثة من حواسيب وهواتف محمولة وأجهزة التلفاز في ثقافة الأطفال منذ الصغر، وغيّبت معها التواصل والحوار بين مكونات الأسرة ما يخلق لدى الطفل أو الشاب إحساسا بالضياع والقلق، يدفعه مباشرة إلى الانحراف واعتماد العدوانية سلوكا مباشراً ضد كل من يقترب منه.
ويؤكد الخبير في شؤون المجتمع المغربي، على أن غياب الوازع الأخلاقي والديني أفضى إلى عقوق الوالدين وهي من الكبائر المحرمة شرعا، و”تحول هذا العقوق وللأسف الشديد إلى جرائم بشعة تمارس ضد الأباء والأمهات”.
الحلول
وحمّل الشعباني، الحكومة، مسؤولية اتّساع رقعة هذه الحوادث “المشينة”، مؤكداً أن المنظومة التعليمية ببلادنا، “يجب إعادة النظر فيها من جديد، لأنه تم إفراغها من تلك المواضيع التي كانت تشير إلى قضايا التسامح والأخلاق والمحبة بين أفراد الأسرة”، ثم استطرد متسائلا: “فإذا غاب دور المدرسة والأسرة من سيُربّي هذا الطفل جيل الغد؟”.
وزاد المتحدث قائلا: “من الضروري إعادة النظر في النظام التربوي ومراجعة مضامينه، بما يعيد الوعي بالواجب الديني والأخلاقي للإنسان تجاه والديه وأصوله، والعمل بجدية وفعالية لمحاربة الهشاشة والفقر والإدمان على المخدرات”.