كلما بزغ بصيص من الأمل بتحسن العلاقات المغربية الجزائرية، تخرج وسائل إعلام جزائرية للتشويش على هذا الأمل، بتعليقات أو أخبار ملفقة تشي بأن مطلقها صاحب مرض أو غرض. آخر هذه الخرجات هو ما تطوع به موقع إخباري جزائري من الدرجة العاشرة، يدعى “المحور”، الذي خرج بخلاصات مضحكة حول المشاركة الجزائرية في مؤتمر المناخ بمراكش، حيث “اكتشف” الموقع أمرا صادما مفاده أن “الرباط تدير ظهرها لمساعي الجزائر في بناء علاقات جادة!”، وذلك لما اعتبره سلوكا دبلوماسيا مغربيا “لا يليق”، تمثل في استقبال الوزير المنتدب في الخارجية ناصر بوريطة، لوفد الجزائر الممثل في رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، ووزير الخارجية رمطان لعمامرة.
جهل كاتب الخبر يتجلى بوضوح في قفزه فوق الحقائق التالية:
- غياب الحكومة القارة ووجود حكومة تصريف أعمال تضم أقل من نصف العدد الطبيعي لها. حيث أنه بمجرد انتهاء الانتخابات التشريعية في السابع من أكتوبر الماضي، تمت استقالة جميع الوزراء الفائزين في الانتخابات، وتحول من تبقى منهم إلى حكومة تصريف أعمال، الأمر الذي جعل من ناصر بوريطة عمليا هو وزير الخارجية الفعلي، بعد أن تفرغ وزير الخارجية صلاح الدين مزوار لرئاسة مؤتمر المناخ، واستقالت مباركة بوعيدة الوزيرة المنتدبة في الخارجية بعد فوزها بمقعد برلماني.
- بهذه الصفة، تحمل بوريطة الذي وصفه كاتب المقال جهلا وتحاملا “وزيرا من الدرجة الثالثة” مهمة استقبال كلا من رؤساء زامبيا ومالي ونيجيريا وغيرهم، إضافة للأمين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية الأمريكي، ولا نظن أن عبد القادر بن صالح يحمل صفة أعلى من قادة هذه الدول ليحظى باستقبال من نوع خاص، كما دعى إلى ذلك صاحب المقال، الذي بلغ به حمقه حد المطالبة “بخروج العاهل المغربي نفسه لاستقبال بن صالح!!”
- جميع قادة الدول ورؤساء وفودها تم استقبالهم من طرف من تبقى من وزراء حكومة تصريف الأعمال، ولم يشذ عن هذه القاعدة ضيف واحد.
- أن عبد القادر بن صالح نفسه، وعكس ما ادعى صاحب المقال الجاهل، لم ير في أمر استقباله من طرف الوزير بوريطة خروجا عن الأصول الدبلوماسية، وإلا لكان تصرف بطريقة مختلفة وامتنع عن حضور جلسات القمة وأهمها “قمة أفريقيا للعمل” التي حضرها رؤساء ورؤساء حكومات ورؤساء وفود أربعين دولة إفريقية. أخيرا، فبناء علاقات جادة، بين الجارين الشقيقين هو مصلحة استراتيجية لكليهما، الأمر الذي يعكسه تجديد المغرب لدعواته لقادة النظام في الجزائري بالنظر في تبعات حالة الشلل التي يسببها الموقف الرسمي الجزائري، لمجمل أوضاع منطقة المغرب العربي، بسبب موقفه الداعم لانفصال جزء أساسي من كيان المملكة المغربية، وإقفاله الحدود في وجه مواطنيه وباقي مواطني دول المغرب الكبير من أجل تواصل إنساني حر، وعلاقات اقتصادية متينة؛ بكلمات أخرى، تدعيم مسارات وجهود الوحدة والتكامل، لا الانفصال والتجزئة، وهو أمر لن يفيد قادة الجزائر ووسائل إعلامها التهرب من مسؤوليتهم التاريخية عنه بافتعال المشكلات، والقيام بحملات مغرضة وغبية دفاعا عن كرامة وطنية مفترضة.