لا يبدو أن وضع إيطاليا يسر أبناءها، خاصة من الوسط الأكاديمي، حيث صارت البلاد على حافة أزمة حادة .
في مقال له بالنسخة الأوروبية لموقع “بوليتيكو”، اعتبر الباحث أليسيو كولونيلي أن إيطاليا لا يمكن إلا أن تلوم نفسها في ما آلت إليه، أو بالأصح لوم نخبتها السياسية.
إيطاليا اليوم هي على حافة أزمة دين عمومي حادة يفاقمها ارتفاع معدلات البطالة. هذا الوضع يجعل بلد دانتي يسير نحو ضائقة اقتصادية يقول كونويلي إنها مصحوبة بتنامي مظاهر اللامساواة.
حالة إيطاليا اليوم قد تثير الاستغراب بالنسبة للمتتبع الخارجي بالنظر إلى كل ما تزخر به البلاد ولمكانتها التاريخية. ويرى أليسيو كالونيلي أن الإعلام الإيطالي يساهم في نقل صورة مغلوطة من خلال عدم التطرق للأزمة، وكأن الصحفيين ينتظرون أن يبدأ المحتجون في نهب المحلات التجارية الراقية ليتوفر له الدليل على الهوة الشاسعة بين الفقراء والأغنياء.
الكاتب تحدث عن مشكلة الدين العمومي الذي يصل إلى أزيد من 2 ترليون يورو، وأيضا ديون الخواص التي يصاحبها إنفاق فردي شبيه بدول أغنى من إيطاليا، في الوقت الذي لم تتحسن فيه الرواتب في البلاد، وبدأ الأفراد ينفقون مدخرتاهم على عكس ما كان سابقا.
مشاكل إيطاليا يرجعها كاتب المقال إلى الثقافة السياسة في البلاد، والتي يبرز فيها ضعف الجهاز التنفيذي وتشتت السلطة التشريعية وتعطل العمل داخلها بسبب الفيتو الذي تشهره لجان داخلية، وصعوبة إجراء إصلاحات على النظام السياسي حيث شبه كولونيلي ذلك بمهمة “هرقلية”.
الشعب الإيطالي ستكون له فرصة إصلاح النظام السياسي من خلال الاستفتاء على إصلاح الدستور في الخريف المقبل، في أكتوبر أو نونبر، حيث سيقرر الشعب ما إذا كان يوافق على إلغاء مجلس الشيوخ الإيطالي ومنح الحزب الذي يحصل على غالبية الأصوات في الانتخابات البرلمانية المقبلة أغلبية حاكمة قوية.
هذه الإصلاحات يرى فيها كاتب المقال فرصة لإيطاليا لكي تخرج نفسها من الزاوية الضيقة وسيمكنها من مواجهة التحديات بقوة ووحدة سياسية، مضيفا أنه إذا استطاعت البلاد القيام بذلك، فإنها قد تجد نفسها في وضع يسمح لها بتعويض بريطانيا في مثلث أهم دول الاتحاد الأوروبي.
دعوات الإصلاح هاته، التي أطلقها رئيس الوزراء ماتيو رينزي، تقابل بمعارضة من قبل خصومه في الحركة المتمردة “النجوم الخمسة”، التي استطاعت جذب جزء من الناخبين يرون أن لديها الإصرار لإعادة البلاد إلى السكة الصحيحة رغم افتقادها للتجربة في الحكم.
أليسيو كولونيلي يرى أنه في حال نجحت “حركة النجوم الخمسة” في حشد الناس للتصويت بلا على الاستفتاء فإن ذلك سيكون كارثيا بالنسبة لإيطاليا، خاصة في الوقت الذي تحاول فيه الطبقة السياسية، على عهد رينزي، “التكفير عن خطاياها”.