حكومة عبد الإله بن كيران التي تحملت المسؤولية بعد 29 حكومة سبقتها في تدبير شؤون المملكة، ”تفتخر” في آخر اللحظات من عمرها، بأن من بين أهم الإنجازات التي حققتها، أنها أعادت الاعتبار للمواطن المغربي وحاربت الفوراق المجالية وصححت التوازن الاجتماعي، فهل توفقت حقا في ذلك أم أخفقت ؟
في تقرير طويل عريض، قدمت فيه ما أسمته ”إنجازات وإصلاحات 2012-2016”، أكدت الحكومة أنها فتحت بابا ترددت الحكومات السابقة في الاقتراب منه، أو حاولت وتعثرت، وهو إنشاء بنيات اجتماعية تصالح المواطن المغربي مع ذاته ومحيطه وبلده، وتشعره أينما كان ومهما كانت وضعيته أنه مكون مهم وأساسي، وبدونه لا تكتمل فسيفساء الوطن.
ومن خلال 17 بنية حددتها في التقرير الحديث، أبرزت أنها تقدمت في معالجة اختلالات التوازن الاجتماعي، والحد من الفوارق بين المجالين القروي والحضري، عبر جعل الفئات الهشة في مقدمة أولوياتها.
أول هذه ”البنيات” أو ”الأدوات” التي سعت من خلالها إلى إنصاف كل فئة على حدى، صندوق التماسك الاجتماعي الذي طالما تحدثت عنه بسيمة الحقاوي وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، معتبرة أنه أحدث طفرة في مجال الخدمات الاجتماعية.
الصندوق مكن وفق تقرير الحصيلة الحكومية، من تمويل عدد من البرامج الاجتماعية، أولها نظام التغطية الصحية ”راميد” الذي استفاد منه حوالي 10 ملايين شخص، بغلاف مالي يفوق 2 مليار درهم سنويا، وبعدها تخصيص في مبادرة غير مسبوقة دعم مباشر للأرامل، ثم رفع الميزانية المخصصة للأشخاص في وضعية إعاقة.
وإلى جانب صندوق التماسك الاجتماعي، تطرق التقرير إلى صندوق التعويض عن فقدان الشغل الذي خصصت له 500 مليون درهم، وتمت الإشارة في هذا السياق إلى أن الصندوق رأى النور بعد عشر سنوات من المطالبة به. وهنا يتضح أن حكومة بن كيران تريد أن ترسخ فكرة لفت إليها رئيسها الانتباه أكثر من مرة، وهي أنها حكومة الاستجابة لمطالب رفعت لعقود، وتفعيل عدد من القوانين والمشاريع ظلت حبيسة الورق.
وفي خطوة تخص فئة تراهن عليها المجتمعات لبناء المستقبل، ألقت الحكومة الضوء على تمكين الطلبة من التغطية الصحية والزيادة في المنح الجامعية وتوسيع المستفيدين منها.
وعلاقة مع المجال الصحي، وردت نقطة تخفيض أثمنة 2740 دواء أكثر استهلاكا بما بين 5 إلى 80 في المائة، وكذا توفير دواء جنيس مقاوم للالتهاب الكبد الفيروسي.
وبالإضافة لذلك، عرج التقرير على عدة إجراءات تتطلع من خلالها الحكومة إلى تحسين أوضاع فئات أخرى، خصوصا تلك المتواجدة بالعالم القروي والتي تواجه مشاكل على عدة مستويات ومتعلقة بأكثر من قطاع.
كل هذه المعطيات ”مفرحة” بل وتجعل مؤشر التفاؤل بأوضاع غد المغرب يرتفع دون فرامل، لكن لماذا نسمع من حين لآخر أصوات المطالبة ب”الرحيل” ؟ وما الأسباب التي جعلت شوارع المملكة لا تكاد تخلو خلال السنوات الماضية من الاحتجاجات ؟ وأي دافع يجعل سيدات مثل ”مي فتيحة” يحرقن أنفسهن ؟ وشبابا يغادرون عبر طريق الموت ؟ وآخرين يرهبون بشكل يومي المواطنين عبر سرقات وجرائم مختلفة ومتتالية ؟
ربما يكون الجواب على كل هذه الأسئلة لدى محمد مبديع وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، فيخبرنا أن الفساد الذي تعهدت الحكومة بمحاربته أربك خطاها وأفشل ”مخططاتها” رغم الاستراتيجيات التي وضعت والميزانيات التي رصدت، وربما تكون هذه الأخيرة ترى ب”عين” أخرى وتفسر ما يجري بمنطق آخر.
لكن الجواب اليقين والحاسم، هو الذي سيعبر عنه المغاربة يوم السابع أكتوبر المقبل، حيث سيخبروننا ما إذا كانت حكومة بن كيران أعادت الاعتبار للمواطن المغربي وأنصفت الفئات الهشة فيمكنون أحزابها من تصدر النتائج، أم يمنحون ثقتهم ل”طائفة ” أخرى، تعد بدورها بتقديم الأفضل والأمثل.