تهدف مذكراتنا بشكل رئيسي إلى إمتاع قراء موقعنا وتقديم ما هو ممتع وشيق وبذلك يشعر القارئ بالسعادة رغم أن المهمة صعبة للغاية في زمن تطفو عليه التفاهة ولذلك أردنا نقل الكتابة الكوميدية إلى مستوى آخر فريد من نوعه يدعى الكوميديا السوداء وهي نوع من الكوميديا تعتمد على ما يؤلم ويحزن القارئ في العادة لكنها في اللاوعي تدفعه على الضحك عملاً بمقولة “كثرة الهم كتضحك” فالكوميديا السوداء هي التي تصور المفارقة الصارخة بين السلوك والقيم وتتسلح بالضحك والجنون والهذيان والمحاكاة الساخرة لتحليل العلاقة المعقدة بين المواطنين وعلاقة المواطن مع المؤسسات الاجتماعية والسياسية والثقافية وهي تؤكد انحطاط القيم الإنسانية النبيلة وتحتفل بحياة العبث و الإخفاق والسقوط التراجيدي إنها فلسفة الضحك الممزوج بالبكاء.
ستتمحور مذكراتنا على أهم مشكل والذي هو منبع جميع المشاكل الأخرى ألا وهو البطالة فهي مشكلة اقتصادية كما هي مشكلة نفسية واجتماعية وأمنية وسياسية وجيل الشباب هو جيل العمل والإنتاج لأنه جيل القوة والطاقة والمهارة والخبرة و أن تعطيل تلك الطاقة الجسدية بسبب الفراغ لاسيما بين الشباب يؤدي إلى أن ترتد عليه تلك الطاقة لتهدمه نفسياً مسببة له مشاكل كثيرة حيث تتحول البطالة في كثير من بلدان العالم إلى مشاكل أساسية معقّدة ربما تخلق مشاكل خطيرة على الفرد والمجتمع والوطن وتؤكد الإحصاءات أنّ هناك عشرات الملايين من العاطلين عن العمل في كل أنحاء العالم من جيل الشباب وبالتالي يعانون من الفقر والحاجة والحرمان وتخلف أوضاعهم الصحية و عجزهم عن تحمل مسؤولية أسرهم آثارا سيّئة على الصحة النفسية فنسبة العاطلين في أي مجتمع تعتبر مقياس هام لمستوى الصحة النفسية التي يعيشها السكان كما لها آثارها أيضا على الصحة الجسدية والاجتماعية فالبطالة من المظاهر العالمية غير أن حجمها يتفاوت من بلد لآخر كما تتفاوت درجة المعاملة الإنسانية التي يتلقاها الفرد العاطل من مجتمعه…
بداية قصة / لقد ولدت غنيا بالأحلام كما يولد جميع الأطفال حول العالم وبجدية كافحت لأن أكون جاداً أكثر وأن أعيش وأبدع ولكن عند كل محاولة جديدة أفشل وأهرب إلى الأماني كما يهرب المرء إلى المعبد ليشحن روحه أو إلى عمله ليتعب جسده لينام ليستطيع أن يعيش وألا يقاسي رؤية الآخرين يعيشون… أرى الحياة دون أن أعرف ما هي حاولت أن أعيش دون أن أعرف ما أفعله أو أحاول أن أفعله وعشت على الرغم من ذلك دون أن أعرف أني مدفون في عالمي الخاص أعرف أنني سأجد مكاني يوماً ما هناك في العالم العام عرفت أنني سأكون سعيداً يوماً ما هناك لكني لست حكيماً فالحكمة تتطلب أن أنطلق الآن ولا ألتفت ورائي في هذه اللحظة من السعادة لكن ما الذي أفعله بدل ذلك؟ أعود ثانية إلى دائرة الفراغ فعندما فقدت عملي لم يكتف الأقربون بأن تخلوا عني ولم أكن أطمع في مساندة معنوية على الأقل بل أنه بمجرد نفاد مدخراتي القليلة أصبح كل من حولي بمن فيهم أقرب الأقربين يتجهمون في وجهي ولا أعرف سببا لذلك لأنني ببساطة لم أكن اطلب أي شيء من أي إنسان في هذه الظروف كان هناك شخص وحيد فقط لم يتوقف عن الابتسام لي هي أمي والتي بلغت من العمر عتيا ففي هذا الوقت الصعب كان وجودها في حياتي كفيلا بأن يصبرني على المحنة التي مررت بقسوتها لكن لم أنس أبدا ابتسامتها لي وهي تستند على الحائط لتفتح باب غرفتي بعد أن رأيت نفسي في رؤيا وشعر كثيف نكاية عن الهموم فأزاحت بابتسامتها كل الهموم وسارت الحياة بعد ذلك في تيارها المكتوب بحلوها ومرها إن أمي هي من تذوب جبال مشاكلي بلمسة واحد من يدها على رأسي…
أصحو بضجر أرفع رأسي المثقل بفعل السهر أتأفف أقلقتني أصوات الصغار في الشارع الذين لا يزالون يمارسون هوايتهم في إيقاظي من سباتي كلما عادوا من مدرستهم أرمق سـاعتي التي تشاركني نفس الروتين الممل أغسل وجهي أرتدي ملابسي الملقاة بعشوائية في أركان غرفتي يزعجني فراغ معدتي وجيبي لكنني اعتدت على الأمر أنا وعصافير بطني حتى أنها ملت من زقزقة .. فلاشيء جديد في حياتي فمنذ خمسة أعوام تسير حياتي على نفس الروتين ملّلت من التضجر وملّلت من الشكوى خمسة أعوام مرت منذ أن انتهيت من دراستي الجامعية خمسة أعوام مرت وأنا أطرق أبواب الشركات أبحث عن وظيفة لم أشترط فقط كنت أريد وظيفة خمسة أعوام مرت وحياتي متوقفة خمسة أعوام مرت وضجر أبي يزداد مني فهو يتساءل إلى أي نوع من الأشجار أنتمي فغريب أن تسقي شجرة 30 عام ولا تثمر غريب فعلا خمسة أعوام مرت ونظرات الشفقة تصفعني كلما رأتني أمي خمسة أعوام مرت وأحلامي الصغيرة تتبدد خمسة أعوام مرت وأنا أموت وجهي شاحب يخفي خلفه جسداً بدأ بالتلاشي ما تبقى من روحي تدوسها النظرات والهمسات وابتسامتي المصطنعة تخفي خلفها حزني العميق أنفاسي مثقلة بالخيبة وطموحي تلاشى بياض شعري يُلمح من بعيد وأنا أجر خطاي فقدماي لا تستطيع حملي وهمومي أجرها بلا هدف تضجرني أشياء كثيرة والأسئلة لا تنقطع من العائلة والجيران حتى خالتي ذات مرة جاءت لزيارتنا وقالت لأمي أن سبب كل مشاكلي هو أني متزوج من جنية وأن على أمي أن تأخذني إلى محكمة الأسرة الخاصة بالجن في جبل شمهروش لكي أطلق الجنية وفعلا أمي صدقتها فاليأس أجبرها على تجربة كل الحلول فبينما أنا جالس في غرفتي أشاهد الفيلم الرائع “Catch me if you can” دخلت علي أمي وقالت لي بانفعال اسمع يا ولدي عليك أن تطلقها ولا تقل لي أنك (صابر معها على قبل لولاد) أنا لم أفهم شيء وقلت وأنا أضحك من أجلك يا أمي سأطلقها بالستة وليس بثلاث فقط فقالت لي بحزم إدن استعد غدا سنذهب للمحكمة لتطليق الرسمي فضحكت بهستيريا وقلت لها لو اقتضى الأمر سنذهب حتى لمحكمة لاهاي قلت مع نفسي هل أمي أصابها الجنون أو تضحك معي ولكن في يوم الغد الأمر كان….يتبع