في ظل الترقب الذي يسود في الجزائر، خصوصا في أوساط حكومة عبد المالك سلال لمعرفة الآثار الحقيقية التي ستخلفها الأزمة الاقتصادية التي عصفت رياحها بالاقتصاد الوطني جراء تراجع أسعار النفط العالمية، والتي من المحتمل أن تزعزع مداخيل الجزائر وتقلصها إلى النصف خلال السنة الجارية، وتؤدي إلى انهيار العملة الوطنية إلى أقصى المستويات.
ويعيش اليوم الاقتصاد الجزائري على شفا حفرة من النتائج الوخيمة التي يتوقعها الخبراء الاقتصاديون بخصوص تداعيات الأزمة، والتي تصر حكومة سلال على إنكارها أو التهوين من آثارها، في وقت تطالب المعارضة بضرورة إيجاد حلول استعجالية للخروج من الأزمة بأقل الأضرار، وبعيدا عن مسلسل المديونية الخارجية.
ربما لم تلامس رياح الأزمة جيوب الجزائريين بعد، إلا أن البلاد باتت تراقب ساعة الزمن في انتظار الأسوء، دون أن تبدي الحكومة أية مبادرة فعلية من أجل تجاوز الكارثة، بل تتبنى سياسة الصمت والإنكار تجنبا لكل ردة فعل غاضبة من طرف الشارع الجزائري.
من الواضح اليوم أن تراجع أسعار النفط لم تؤثر على صحة الجزائر الاقتصادية فحسب، بل تسببت في “سكيزوفرينيا” حقيقية لحكومة سلال، والتي كان من أعراضها بروز التناقض في الخطاب المروج حول الوضعية الحالية للبلاد. فتارة تحاول الحكومة التقليل من تأثير الأزمة وتنكر سنها لسياسة تقشفية بالقطاعات الحيوية من أجل احتواء الوضع، وتارة أخرى تخاطب المواطنين بلغة النجدة مشيرة إلى تأزم الوضع مع استمرار انهيار الأسعار الدولية.
من جهة أخرى يلاحظ أن المواطن، باعتباره المتضرر الأول والأخير من الأزمة الاقتصادية بالجزائر، لم يستشعر بعد الهزات الخفيفة لزلزالها، حيث لم تصدر عنه أية ردة فعل تجاه الوضع الذي أصبح الشغل الشاغل للصحافة الجزائرية، مسيلا الكثير من المداد في الآونة الأخيرة.
ربما لم تظهر علامات الأزمة بعد، إلا أنها قادمة لا محالة، حيث من المرتقب أن تبدأ انعكاسات السياسة التقشفية التي أعلنت عنها حكومة سلال في القريب العاجل، إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم وتراجع سعر صرف العملة الوطنية، والذي يتوقع بعض الخبراء أن يقابل 200 دينار جزائري 1 يورو، ما سينعكس سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين، نظرا لارتفاع أسعار المواد الغذائية.
إضافة إلى ذلك من المرجح أن تشمل نتائج الأزمة قطاعات أخرى كالسكن، والذي قد تتوقف مشاريعه بسبب توقف تمويل البنوك لتلك المشاريع.
إقرأ المزيد:الجزائر..قرارات غير حكيمة زادت من سوء الأزمة الاقتصادية
من المؤكد أن الجزائر لا تحسد على هذا الوضع، فرغم غياب ردود فعل الشارع الجزائري، إلا أن ذلك لا يعدو أن يكون مجرد صمت قبل العاصفة الكبرى، والتي ستكون معها كل المحلات غير ذات نفع، وسيتحمل نتائجها الوخيمة كل من الحكومة والرئيس عبد العزيز بوتفليقة. فعوض أن تتحرر من قيود عائدات النفط، فضلت تكريس سياسة الريع وممارسات الفساد وإهدار المال العام لترهن حاضر البلاد ومستقبلها الذي تنذر الأزمة الاقتصادية بجعله عصيبا على الجزائريين.