بعد أسابيع قليلة على إثارتهم للجدل بعد تنظيمهم لجامعة صيفية بولاية مستغانم، ما أثار حفيظة عدد من وسائل الإعلام الجزائرية وعناصر “الحرس المدني” سابقا، أعلن قدماء “الجيش الإسلامي للإنقاذ” وزعيمهم مدني مزراق عن مفاجأة أكثر صدمة من خلال حديثهم عن إنشاء حزب سياسي.
هذا الأمر من شأنه أن يزيد من حدة غضب الرافضين للظهور الإعلامي المتكرر لمن لقدماء الجناح المسلح للجبهة الإسلامية للإنقاذ، بحكم أن أيديهم ملطخة بدماء الجزائريين، فما بالك تأسيس حزب سياسي والدخول إلى الحياة العامة من أوسع أبوابها.
المعارضون للخرجات المتكررة لعناصر الجيش الإسلامي للإنقاذ ومدني مزراق، يؤكدون أن نشاطاتهم الحالية تتعارض مع مقتضيات “ميثاق السلم والمصالحة الوطنية” الذي حصل بموجبه المقاتلون السابقون على عفو من طرف الدولة، فضلا عن كون التنظيم المنحل ليس لديه أي صفة قانونية لعقد مثل هاته النشاطات.
بيد أن إعلان تشكيل حزب سياسي من طرف مزراق ورفاقه جاء ليؤكد ما يقوله معارضو التنظيم المسلح سابقا بأن الأخير يحظى بمعاملة تفضيلية جراء العلاقات التي نسجها مع مؤسسة الجيش ورئاسة الجمهورية والصفقات الغامضة التي أبرمها الجانبان في ما بينهما.
في خرجاته الإعلامية يؤكد مدني مزراق بأن عودة التنظيم إلى العمل السياسي هو محط اتفاق بينهم ومؤسسة الجيش، وهو الأمر الذي لم يكلف “الصامت الأكبر”، رئاسة الجمهورية، أو وزارة الداخلية نفسيهما عناء تكذيبه، تقول إحدى الصحف الجزائرية بنبرة منتقدة.
القول بأن مرزاق ورفاقه يحظون بمعاملة خاصة هو اعتقاد يحمله أيضا عدد من قيادات “الجبهة الإسلامية للإنقاذ”، من بينهم كمال قمازي الذي استغرب كيف يتم السماح لهؤلاء بتنظيم “جامعة صيفية” في حين يتم التضييق على حزب معترف به هو “جبهة التغيير” في تنظيم نشاط مماثل.
قمازي أكد أن أيا من قيادات الجبهة السابقين، سواء تعلق الأمر به هو شخصيا أو عباسي مدني أو علي بلحاج أو علي جدي أو عبد القادر بوخمخم ليست لديهم أي صلة بالحزب الذي أعلن مزراق عن تأسيسه.
وانتقد قمازي سياسة الكيل بمكيالين التي تتبعها السلطة، مشيرا إلى مطلب العودة إلى العمل السياسي ظل دائما حاضرا في خطابات قادة “الجبهة الإسلامية للإنقاذ”، في الوقت الذي يسمح فيه لعناصر الجناح العسكري للجماعة بدخول المعترك السياسي.
الصحف الجزائرية الناطقة بالفرنسية شنت هجوما شديد اللهجة على مزراق ورفاقه والسلطة الجزائرية المسؤولة في نظرهم عن الوضع الحالي.
بعض هاته المنابر اعتبرت أنه بإعلان تشكيل حزب سياسي تكون السلطة قد أتمت الاتفاق الذي أبرمته مع “الشيطان”، وأن مزراق الذي منحت له صفة “شخصية وطنية” استقبل على أساسها لإبداء رأيه في الدستور، وتحول إلى “حليف استراتيجي” للنظام انتقل إلى مرحلة متقدمة في مشروعه الذي يصيب الرأي العام بصدمة كبيرة، خاصة ضحايا الإرهاب.
عودة مدني مزراق ورفاقه إلى الحياة السياسة تم بفضل استغلال تناقضات النظام، تقول بعض المنابر، الذي كان يبحث عن تحالفات جديدة.
إقرأ المزيد: ماذا وراء اجتماع قدماء “الجيش الإسلامي للإنقاذ”؟
فهل تكون هاته العودة مؤشرا على تحضير النظام أو جزء منه لإعادة رسم خارطة سياسية جديدة في الجزائر بحيث يكون لتنظيم مرزاق دور فيها، والتحضير للمرحلة المقبلة التي ستشهد تغيرا على مستوى هرم السلطة ؟.
أم أن الحزب الجديد، في حال تم الترخيص له، سيكون ورقة تستخدم من قبل إحدى دوائر السلطة في صراع الأجنحة الدائر داخل النظام الجزائري في مرحلة تبدو فيها البلاد مقبلة على تقلبات كبيرة؟.