بعد فشل تقسيم المغرب.. النظام الجزائري يكرر نفس الجريمة مع جاره المالي!

بقلم: هيثم شلبي

لم يكن العالم عموما، وعواصم منطقة الساحل بالتحديد، بحاجة إلى تقارير استخباراتية غربية، من أجل التأكد من وجود علاقات “عضوية” بين النظام الجزائري، وتحديدا مخابراته، والحركات المسلحة في منطقة الصحراء الكبرى، بأصنافها الانفصالية المسلحة والجهادية الإرهابية، فالكل شاهد على أبرز مثال لهذا الدور الجزائري، عبر الدعم المتنوع الذي قدمته لميليشيات البوليساريو الانفصالية ضد المغرب. اتهامات سبق وأن صدرت تجاه النظام الجزائري من دول مالي والنيجر وبوركينافاسو، وهي -للمفارقة- نفس الاتهامات التي وجهت للمخابرات الفرنسية منذ زمن بعيد.. فهل هذه مجرد مصادفة؟!!

إن نظرة فاحصة إلى هذه الاتهامات الأخيرة، التي توجه للنظام الجزائري أصابع الاتهام بدعم جماعات انفصالية مثل “جبهة تحرير الأزواد”، بل وتنظيمات إرهابية مثل “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” التي تمثل تنظيم القاعدة في منطقة الصحراء الكبرى، وخصمها التقليدي “تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” المرتبط بداعش؛ نقول، أن هذه الاتهامات لم تأت من فراغ، بل لسوابق النظام الجزائري في استخدام هذه الجماعات في قمع مواطنيه أنفسهم خلال العشرية السوداء، وما علاقات مخابرات الجزائر و “الجماعة الإسلامية المسلحة” أو ما يعرف ب “جيا” بخافية على أي متابع لجرائم هذا النظام. وبما أننا نتحدث هنا عن “قرائن” لا تعني بالضرورة نفي أو إثبات العلاقة بين المخابرات الجزائرية والتنظيمات الإرهابية النشطة في منطقة الساحل، عبر وثائق ومحاضر اجتماعات، فسنكتفي فقط بإيراد أبرز هذه القرائن:

  • جماعة نصرة الإسلام والمسلمين: الخصم الرئيسي للنظام المالي، وكما هو معروف، جاءت نتيجة اندماج إمارة “تنظيم القاعدة في الصحراء الكبرى” مع كل من “جماعة أنصار الدين” برئاسة إياد أغ غالي؛ “حركة المرابطون” التي شكلها مختار بلمختار؛ و “كتيبة ماسينا”. أما غالي فعلاقاته كوسيط بين مخابرات الجزائر والعديد من الحركات الإرهابية لإطلاق رهائن غربيين خلال أزيد من عقدين من الزمن هي علاقات مثبتة لا مجال لإنكارها. بل إن نواة الجماعة الأبرز (القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) ما هي إلا نتاج تطور “طبيعي” للجماعة الإسلامية المسلحة، التي انشق عنها القيادي حسن حطاب مع عدد كبير من أنصارها مؤسسا الجماعة السلفية للدعوة والقتال في 1998، قبل أن ترتبط بالقاعدة في 2003، وتحمل اسم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بدءا من 2007. هذه الأخيرة انشقت عنها حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا، إضافة لكتيبة “الموقعون بالدم” التي تحولت إلى حركة المرابطون، قبل أن يعاد تجميع هذه الحركات المنشقة من جديد تحت سقف الحركة الأبرز، فيما يشبه عملية “إعادة تدوير”!!
  • تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى: الذي هو فرع داعش في المنطقة، تم تأسيسه من طرف أحد قيادات البوليساريو المدعو عدنان أبو الوليد الصحراوي، والذي يخلفه حاليا أبو البراء الصحراوي، وهو تنظيم يحمل الكثير من أعضائه الجنسية الجزائرية، ناهيك عن الروابط المثبتة بين المخابرات الجزائرية وقيادات البوليساريو القديمة والحالية.
  • جبهة تحرير الأزواد: وهي الحركة الانفصالية العلمانية التي تقف على طرف نقيض أيديولوجيا من التنظيمين الجهاديين السابقين، وإن اشتركت معهما في العداء للنظام المالي. هذه الجبهة تحظى برعاية معلنة من النظام الجزائري بحجة أنها الطرف الموقع على اتفاق المصالحة عام 2015 (رعته الجزائر) دون مراعاة لأبسط الأعراف التي تحتم على دول الجوار -المحترمة- عدم دعم حركات انفصالية مسلحة تعمل بشكل نشط ضد دولة مجاورة؛ لكن الاحترام هو مصطلح لا ينطبق على النظام العسكري في الجزائر، لذلك فهو يكرر تجربة دعم الانفصال لدى الجار المغربي، مع الجار المالي!!

الآن، هو يمكن حصر أهداف النظام الجزائري في محاربة النظام المالي والسعي لتقويض الدولة المالية وتقسيمها، لمجرد أنها خرجت من “فلك التأثير الجزائري” الموهوم؟! يصعب قبول ذلك. فالنظام المالي هو خصم أول للمستعمر الفرنسي السابق للبلاد، والذي طالته اتهامات دعم الحركات الإرهابية قبل أن تطال النظام الجزائري، وذلك ردا على خسارة فرنسا الاستراتيجية لدول الساحل الأربعة (مالي، النيجر، بوركينافاسو، تشاد)، التي استعانت بخصم فرنسا: فدرالية روسيا، وفيلقها الأفريقي. وهنا، لا يمكن إغفال أن نظاما وظيفيا كالنظام العسكري في الجزائر، وبعيدا عن وجود مصلحة شخصية له في محاربة مالي، لا يمكنه رفض أوامر “السيد الفرنسي” في حال وجهت له في توظيف الحركات الانفصالية والإرهابية لتقويض النظام المالي.

أما ثالث هذه الأسباب، فهو الرد على الهزيمة الاستراتيجية التي مني بها النظام الجزائري على صعيد النزاع المفتعل حول الوحدة الترابية للمغرب، الشريك الاستراتيجي لدول الساحل، عبر محاولة خلق عدو جديد، وتكرار تجربة دعم الانفصال في مالي، لتحقيق هدف مباشر يتمثل في معاقبة عسكر مالي، وهدف غير مباشر يتمثل في قطع الطريق على مبادرة العاهل المغربي الملك محمد السادس، الهادفة إلى توفير منفذ بحري لدول الساحل الأربعة، لفك حصار الجغرافيا السياسية لها، كيف ذلك؟

يرى مراقبون أن صناعة دولة مستقلة في شمال مالي للأزواد، على مساحة تقترب من ثلثي مساحة مالي من شأنه إعاقة أو التأثير سلبا على تواصل تشاد والنيجر مع موريتانيا، فشواطئ المغرب الأطلسية، عبر مالي. هذه الورقة، وفي حال امتلكتها سلطات الجزائر، عبر صناعة دولة “عميلة” لها شمال مالي، ستمكنها من مساومة جميع دول الساحل حول ما تريد. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يعتقد ذات المتابعين لشؤون منطقة الساحل، أن وجود “دولة حاجزة” جنوب الجزائر، ملاصقة “للصحراء الشرقية”، غير الدولة المالية الحالية الصديقة للمغرب، سيصعب من الوجود المغرب المستقبلي في صحرائه الشرقية، في حال قرر المطالبة بها.

أيا كانت سيناريوهات المستقبل، فإن ما يجري حاليا في منطقة الساحل لا يحمل سوى مزيد من الأمل، بقرب انتهاء هذا النظام العسكري، حتى تستطيع مختلف دول المنطقة (ناهيك عن شعبه أولا وجيران الشرق ليبيا وتونس تاليا) أن تعيش في أمن وأمان، في أجواء من التعاون الإقليمي لما فيه مصلحة شعوبها، حيث تثبت الوقائع والأحداث يوميا، أن المنطقة لن ترتاح وتتخلص من تبعات الحروب والإرهاب إلا بعد التخلص من الراعي الأول لهذه الحركات: مخابرات النظام الجزائري!.

اقرأ أيضا

النيجر ترحب بمصادقة مجلس الأمن على القرار التاريخي 2797 الذي يكرس المخطط المغربي للحكم الذاتي

رحبت النيجر، اليوم الثلاثاء، بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار التاريخي رقم 2797، الذي يكرس في إطار السيادة المغربية، مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحته المملكة كأساس جدي، وذي مصداقية ودائم للتوصل إلى حل لقضية الصحراء المغربية.

بوركينا فاسو تجدد دعمها الثابت للوحدة الترابية للمغرب وتشيد بالمصادقة على القرار التاريخي 2797

جددت بوركينا فاسو، اليوم الثلاثاء، دعمها الثابت والدائم للوحدة الترابية للمملكة المغربية، مشيدة بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار التاريخي 2797 الذي يكرس في إطار السيادة المغربية، مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحته المملكة كأساس جاد وذي مصداقية ومستدام من أجل التوصل إلى حل لقضية الصحراء المغربية.

المغرب يدعو الشركاء الدوليين إلى دعم المبادرات الإفريقية في مجال مساندة ضحايا الإرهاب

قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، اليوم الثلاثاء بالرباط، إن المملكة تدعو الشركاء الدوليين إلى دعم المبادرات الإفريقية في مجال مساندة ضحايا الإرهاب، وتمويل الآليات المبتكرة، بما فيها الشبكات القارية والمنصات الرقمية.