أثار خروج قدماء “الجيش الإسلامي للإنقاذ” للعلن مجددا في الجزائر، الذي كان جزءا من التنظيمات الإسلامية المسلحة التي تحارب الدولة الجزائرية إبان العشرية السوداء في سنوات التسعينات، لغطا إعلاميا كبيرا في البلاد.
قدماء التنظيم أنهوا اجتماعا لهم في أحد شعاب ولاية مستغانم في إطار ما أسموه “جامعة صيفية، وهو مصطلح استفز بعد المنابر الإعلامية الجزائرية التي استهجنت الأمر، في تقليد يتجه لأن يصبح سنويا كما علقت صحيفة “الوطن” الناطقة بالفرنسية، بعد أن تم عقد اجتماع مماثل في ولاية جيجل العام الماضي.
الجدل المرافق لاجتماع “الإرهابيين السابقين” على حد توصيف جزء من الصحافة الجزائرية، احتدم بعدما أصر أعضاء “الجيش الإسلامي للإنقاذ” المضي في تنظيمهم للاجتماع المذكور بالرغم من عدم الحصول على ترخيص من لدن السلطات المحلية، وهو ما رأى فيه البعض تحديا من قبل أعضاء الجماعة للدولة.
الصحف الجزائرية أوردت أن التنظيم أكد أنه أخبر “السلطات العليا” بنيته عقد اجتماعه المذكور، وهو ما يعني أن مسألة الحصول على ترخيص من عدمه أمر ثانوي بالنسبة له.
البعض تساءل عن سر هذه “المعاملة التفضيلية” التي يقابل بها التنظيم السابق وزعيمه مدني مزراق، حيث تساءلت “الوطن” عن ما إذا كان الرجل قد قدم “خدمات كبيرة للسلطة” في مجال مكافحة الإرهاب، خصوصا ما يتعلق بملف تنظيم “الجماعة الإسلامية المسلحة”.
هذه المعاملة التفضيلية تجاه “إرهابيين”، وإن كان قد تم العفو عنهم في إطار مبادرة المصالحة الوطنية التي أطلقها بوتفليقة مع مجيئه إلى السلطة عام 1999، تورطوا في إراقة دماء الجزائريين، أمر لم تستسغه عدد من المنابر الإعلامية.
من جانبه، خرج إلى مزراق إلى الصحافة ليعلن أن النشاط المذكور يهدف إلى “تعزيز المصالحة الوطنية” والإسهام في جهود حماية الجزائر من مصير مشابه لدول عربية أخرى سقطت في أتون حروب أهلية.
وأكد مزراق على احترام أعضاء التنظيم للتعاقد الذي جمعهم مع المؤسسة العسكرية، والذي قبلوا بموجبه التخلي عن السلاح والعودة إلى المجتمع في أفق إعادة اندماجهم في الحياة السياسية والمجتمعية بصفة كاملة.
قائد التنظيم المسلح سابقا شدد على أنهم يشتغلون حاليا بكل شفافية وأن العقبة الأساسية التي يواجهونها تتمثل في العراقيل التي تضعها الإدارة الجزائرية أمامهم، سواء في الحصول على بطائق الهوية أو جوازات السفر أو رخص القيادة أو السفر إلى الخارج أو الحصول على رخص من أجل عقد لقاءات وتنظيم أنشطة.
التنظيم مصر على أن هدفه نبيل وأن يطمح إلى المساهمة في جعل الجزائر بلدا مستقرا وتجنيبه حمام دم جديد مشابه لما وقع في عقد التسعينات، والمساهمة في المسار السياسي والمجتمعي في ظل احترام الدستور وقوانين الجمهورية.
بيد أن هذا الخطاب لا يجد أذانا مصدقة من قبل عدد من الأوساط السياسية والإعلامية، التي ترفع “الفيتو” في حق التنظيم وإمكانية دخوله المعترك السياسي من البوابة الحزبية.
إقرأ المزيد: جاب الله يفشل في استقطاب مؤيدين لتشكيل القطب الإسلامي الجديد
على هؤلاء “الاستئصاليين”، يرد مزراق بالقول إنهم يسعون لدفع أبناء الجزائر للاصطدام، مشددا على أنه ليس من حق أي طرف حرمان مواطنين آخرين من التمتع بحقوقهم المدنية وحرمانهم من ممارسة العمل السياسي.