خصصت مجلة “ذي إيكونومست” البريطانية ذائعة الصيت مقالا حمل تقريعا شدد اللهجة للنظام الجزائري.
واعتبرت المجلة، التي تعتبر من أفضل المجلات الأسبوعية عبر العالم، أنه في الوقت الذي تستعر فيه الصراعات داخل العالم العربي، يبدأ البعض بالنظر إلى الطغمات العسكرية كصمام محتمل ضد الجماعات المسلحة المتطرفة.
بيد أن حالة الجزائر “تذكرنا أن الأنظمة القمعية تنتج نفس المشاكل التي تقود إلى الفوضى”، تضيف المجلة البريطانية مشيرة إلى أن هناك عدد من الإشارات التي تدل على أن الوضع في البلاد غير مستقر.
أولى هاته الإشارات ما يتعلق بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، البالغ من العمر 78 عاما، والذي فاز في الانتخابات العام الماضي رغم أنه لم يظهر سوى مرة واحدة، أكثر من ذلك ظهر وهو على كرسي متحرك.
خلف بوتفليقة، تستطرد “ذي إيكونومست”، تقف حفنة من قادة الأمن والجيش ممن يشكلون السلطة ويجرون خيوط اللعبة، وهم يتصارعون في ما بينهم حول من سيخلف بوتفليفة في منصبه.
آخر مظاهر الصراع ارتبطت بعملية تغيير ثلاثة مسؤولين أمنيين كبار في خطوة يظهر أنها تعزز تمركز السلطة في يد بوتفليقة ورئيس الأركان، أحمد قايد صالح، الحليف المقرب للرئيس الجزائري.
البعض الآخر، تقول “ذي إيكونومست”، يرى أنه يجري تعبيد الطريق أمام شقيق الرئيس، السعيد بوتفليقة، ليحل محل أخيه الأكبر حين يرحل هذا الأخير.
بيد أنه هذا ليس هو الوقت المناسب لمثل هذا الغموض الذي يكتنف مستقبل البلاد، تعلق المجلة، لأن الأخطار متواجدة في كل مكان. فبالرغم من ادعاء الحكومة الجزائرية بأن 63 مقاتلا جزائريا فقط من التحقوا بجبهات القتال في سوريا والعراق، ترى “ذي إيكونومست” أنه لو صدق فعلا أن العدد ضئيل جدا، فذلك راجع لأن الجزائر “دولة بوليسية”.
بالمقابل، فإن الهجمات التي تقوم بها الجماعات المسلحة داخل الجزائر هي في ارتفاع مضطرد. فقد تمكنت عناصر تنظيم “القاعدة في المغرب الإسلامي” من قتل 14 جنديا جزائريا في يوليوز المنصرم.
أما الفرع الجزائري لتنظيم “داعش”، وبالرغم من القصف المكثف الذي استهدف مواقعه بعد قتله لرهينة فرنسي، إلا أن خطره ما يزال قائما بحكم توفر “داعش” على معقل بليبيا وشنه لعمليتين كبيرتين في تونس، والبلدان معا يتواجدان على الجانب الآخر من الحدود الشرقية للجزائر.
كما أن التنظيم وجه في يوليوز الماضي، عبر شريط فيديو في مدينة الرقة معقله الرئيسي في سوريا، تهديدا مباشرا إلى الجزائر.
في نفس الوقت لا يبدو الوضع على الحدود الجنوبية للبلاد أفضلا حالا، حيث يبدو الوضع في منطقة الساحل مضطربا للغاية مع وجود تركيبة، قابلة دوما للاشتعال، تجمع بين نشاطات التهريب والجماعات المسلحة المتطرفة.
وبالعودة إلى الداخل الجزائري، تنضاف الاضطرابات الإثنية والمذهبية بين العرب والأمازيغ في غرداية، والتي حصدت في يوليوز الفائت 22 قتيلا، إلى الاحتجاجات المحلية المرتبطة باستغلال الغاز الصخري لتكمل صورة المشهد الهلامي في البلاد.
إقرأ المزيد: في ذكرى استقلالها..شكوك حول مصير الجزائر في ظل حكم بوتفليقة
وتصف “ذي إيكونومست” النظام الجزائري بأنه “متصلب” و”غير مؤهل” للتعامل مع الاضطرابات، في وقت تم فيه تضييق الخناق على الموارد المالية للدولة بفعل انخفاض أسعار النفط.
فالجزائر ليست أقلية تبعية لعائدات الذهب الأسود من نظيراتها في دول الخليج، حيث يشكل النفط 95% من عائداتها، وبالتالي “فاقتصادها لا ينتج الكثير ولا يشغل الكثير”.
وتحذر المجلة البريطانية من أنه ما لم تعمل الجزائر على إقرار إصلاحات سياسية واقتصادية، فإنها ستغرق أكثر في مستنقع الأزمة.