تحول وزير الطاقة الجزائري السابق شكيب خليل، بعد عودته إلى الجزائر، من متهم فار من العدالة إلى رحالة يجوب الجهات الأربع من البلاد سعيا وراء بركة الزوايا التي يتجاوز تأثيرها الجانب الروحي إلى ما هو سياسي.
عودة صديق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى بلاده جاءت بعد أن أزيلت من طريقه الأشواك والعقبات، وعبدت الطريق وبسط السجاد الأحمر لكي يرجع معززا مكرما كأي مسؤول كبير لا يجر وراءه اتهامات بالتورط في فضيحة فساد مالي بالملايير غادر بسببها الجزائر في جنح الليل.
ولأن رجوع شكيب حلقة من حلقات المسلسل الذي يقوم ببطولته الرئيس بوتفليقة وشقيقه السعيد ورئيس الأركان أحمد قايد صالح وبقية “الكاستينغ” من رجال أعمال وسياسيين يطلق عليه البعض “محيط الرئاسة”، بعد أن تمكنوا في الأجزاء السابقة من إزاحة خصومهم في جهاز المخابرات المنحل من المشهد في إطار صراع درامي شبيه بالقصص التلفزيونية حول المافيا، فإن الحلقات الحالية الخاصة بجري وزير الطاقة وراء بركة الزوايا إشارة للمشاهد لكي لا يفارق شاشة العرض لأن المسلسل الجزائري ما يزال يغري بالمتابعة.
رحلة شكيب خليل المكوكية للتبرك بزوايا الجزائر على طول ولاياتها البالغ عددها 48 لا تخرج في نظر الكثيرين عن احتمالين. الأول هو كون الوزير المتهم بالتورط في فضيحة “سوناطراك 2″ يسعى، أو يسعى من يقفون وراءه، إلى تبييض صفحته و”ترقيع عذريته” على حد تعبير باحث جزائري في علم الاجتماع.
تبييض صفحة شكيب خليل سيكون تبييضا للنظام السياسي أو الجناح النافذ داخله. الاحتمال الثاني لا يمكن فصله عن الأول، وهو كون الوزير السابق يحضر نفسه للترشح لرئاسة البلاد خلفا لصديقه بوتفليقة.
إقرأ أيضا: إلى أي حد أثرت سنة 2015 على السياحة التونسية؟
ترشح ابن مدينة وجدة المغربية إلى رئاسة الجزائر لا يمكن أن يتم في كل الأحوال من دون تخليص “سمعته” مما يعلق بها من “شوائب”. والحل، يمر في نظر السلطة الجزائرية، في تقديم أوراق اعتماد شكيب خليل إلى الرأي العام في البلاد عبر بوابة الزوايا.
السعي وراء بركة الزوايا لا يمكن أن يكون مبادرة شخصية من الوزير السابق كما يؤكد الباحث زبير عروس، خصوصا وأن دور الزوايا في معادلة السياسة والحكم في الجزائر تقوى أكثر مع انتخاب بوتفليقة عام 1999 في مقابل تراجع تأثير أحزاب الإسلام السياسي.
فالزوايا، كما يشرح عروس، لها امتدادات على طول التراب الجزائري وصارت لديها مواقف في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما أن لها تأثيرا مهما في أوساط الجالية الجزائرية بالخارج.
بالمقابل يقلل آخرون من جهة من حجم تأثير الزوايا في اللعبة السياسية بالجزائرية، ومن جهة أخرى في قدرتها على تحسين صورة شكيب خليل أمام الرأي العام بالبلاد، ما يعني أن من يقفون وراء الوزير السابق واهمون في اعتقاده بما أن بركة الزوايا ستذهب الصورة التي علقت في أذهان الجزائريين بخصوص من قد يترشح ليصبح رئيسهم.
على صعيد آخر تبقى هناك عوائق قانونية تقف في وجه إمكانية ترشح شكيب خليل، منها ما يرتبط بكونه لم يقطن بالجزائر طيلة العشر سنوات الماضية حيث غادرها في 2013 قبل العودة في السنة الحالية، فضلا عن كون زوجته فلسطينية أمريكية وليست جزائرية.
رغم ذلك، يرى البعض أن كل شيء ممكن في الجزائر، ومن يدري، قد يتقدم شكيب خليل غدا لرئاسة البلاد، بالرغم من نفيه للأمر، بعد أن ضمن الحصول على بركة الزوايا وبركة من يديرون خيوط اللعبة داخل محيط الرئاسة.