دخلت سنة 2016 وهي لا تحملها معها بشائر جيدة بالنسبة للجزائر. على الأقل هذا هو الانطباع الذي يراود الباحث الفرنسي أنتوني إسكورات.
الباحث اعتبر أن الجزائر دخلت 2016 بعد أن كانت السنة التي سبقتها حبلى بالأحداث مع تراجع أسعار البترول وتبني الحكومة لسياسة تقشفية، وكذا التغييرات التي حدثت على مستوى أجهزة الأمن ومحاكمة جنرالات سابقين وتعاظم الشكوك بخصوص الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة واشتداد الصراع على خلافته.
التحدي الاقتصادي هو أكبر مشكل تواجهه الجزائر اليوم مع تراجع أسعار البترول إلى 35 دولار، في مستوى قياسي مقارنة بالسعر الذي مكن البلاد سابقا من تحقيق فائض مالي، حيث كان ثمن البرميل يصل إلى 110 دولارات.
تراجع أسعار النفط فرض على الدولة تقليص نفقاتها العمومية، بيد أن الرهان الأصعب هو كيفية مواجهة الأزمة في بلد يعيش فيه ربع السكان بأقل من 250 يورو شهريا، وحيث معدلات البطالة تصيب 25℅ من الشباب.
إقرأ أيضا: هل التعجيل بتعديل الدستور دليل على نهاية وشيكة لعهد بوتفليقة؟
أزمة أسعار النفط وضعت الدولة الجزائرية أمام تحدي تنويع الاقتصاد الذي يعتمد كلية على عائدات النفط التي تصل إلى 97℅.
وفي ظل ضغط الوقت، تبقى المخاوف حاضرة من كون الخناق المضروب على مالية الدولة قد يقود إلى أزمة اجتماعية كانت “يتم تخديرها”، على حد تعبير الكاتب، عبر سياسة لتوزيع الثروة بطريقة لا يوجد لها نظير في القارة الإفريقية.
على مستوى هرم السلطة، توجد أزمة من نوع آخر هي أيضا لا مثيل لها. ويرى أنتوني إسكورات أن معركة التحضير لما بعد بوتفليقة وصلت مداها في الصيف الماضي مع تنحية الفريق محمد مدين، “توفيق”، مدير المخابرات السابق.
هذه التنحية شكلت “زلزالا” داخل النظام الجزائري، حسب بعض المراقبين، واعتبرت مؤشرا على كون محيط الرئيس بسط سيطرته على المؤسسة العسكرية والسلطة في الجزائر بصفة عامة.
هذا المخطط للاستحواذ على السلطة، في نظر الكاتب، هو ثمرة مناورات قام به شقيق الرئيس، السعيد بوتفليقة، ورئيس الأركان أحمد قايد صالح والأمين العام لحزب السلطة، “جبهة التحرير الوطني”، عمار سعداني.
هذه المناورات شملت، قبل الإطاحة بتوفيق، القيام بعملية تطهير على مستوى الأجهزة الأمنية وهو ما دفع جنرالات البلاد الأقوياء سابقا، مثل خالد نزار ومن بعده “توفيق” الذي خرج لأول مرة عن صمته، للجوء إلى الصحافة من أجل الحديث عن ما يقع.
في ظل هذا الوضع، برز ما يسمى بمبادرة “19”، التي قادتها شخصيات سياسية وثقافية طالبت بمقابلة الرئيس لمعرفة دوره في الاختيارات السياسية والاقتصادية التي تتم في البلاد، في تلميح لوجود ما يشبه انقلابا على بوتفليقة.
بالرغم من كون المبادرة ظلت صيحة في واد، إلا أنها وجدت صدى لها عند صحيفة “نيويورك تايمز” التي تساءلت عن من يدير أكبر بلد إفريقي.
في ظل هذا السياق، يرى أنتوني إسكورات أن التعديل الدستوري المقترح من قبل الرئيس بوتفليقة بعيد تماما عن الإجابة عن التحديات الحقيقية التي تواجهها البلاد، والتي تخلق لدى العديد مخاوف لا يبدو أن مراجعة محتشمة للدستور قادرة على طمأنتها.