في خضم الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الجزائر والمرتبطة بانهيار أسعار البترول الذي يشكل المورد الأساسي للبلاد من العملة الصعبة، تعالت عدد من الأصوات تنتقد طريقة تدبير الحكومة للأزمة التي لم تخرج في نظرها من منطق الحلول الترقيعية وغير العملية.
في خبر مثير للاهتمام طلع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي يتواري عن الأنظار ليظهر بين الفينة والأخرى ليذكر الجميع أنه ما يزال متشبثا بالكرسي بالرغم من المرض والتقدم في السن، ليوجه مجموعة من التعليمات في اجتماع مجلس الوزراء اليوم الثلاثاء.
من بين التوجيهات التي صدرت عن رئيس الجمهورية التسريع بتنمية مصادر الطاقة البديلة والعمل على الحد من الاستهلاك المتزايد على المستوى الداخلي للمحروقات وهو الأمر الذي يضعف من وتيرة التصدير.
الطريقة التي تم بها طرح موضوع الطاقات البديلة تظهر أننا ما نزال أمام نظام لم يعي كون هذا الورش خيار استراتيجي أطلقته عدد من الدول المنتجة للنفط وحتى في الجوار الجزائري لتقليص تبعيتها لإنتاج واستهلاك النفط الخاضع لتقلبات السوق والقابل للنضوب بعد سنوات.
بالمقابل يأتي طرح الموضوع من جانب بوتفليقة وكأن السلطات ستكسب رهان الطاقات البديلة في زمن قياسي في الوقت الذي تزيد فيه الأزمة الاقتصادية من ضغطها على البلاد وتهدد بخلق قنبلة اجتماعية موقوتة قد تنفجر في حالة فشلت الحكومة في تدبيرها.
الرئيس بدا كمن استيقظ متأخرا من أجل اللحاق بركب دول بالرغم من كونها دولا نامية تفتقر إلى ما توفر للجزائر من عائدات مالية في السنوات الماضية، إلا أنها وضعت نصب أعينها قبل أعوام تطوير مصادرها الطاقية انسجاما مع ما يقتضيه المستقبل.
الأرقام الرسمية في الجزائر تشير إلى كون الاستهلاك الطاقي تضاعف في الجزائر ما بين سنوات 2000 و2014 ليصل إلى ما يعادل 51 مليون طن من البترول.
بعض المنابر الصحفية تناقلت الخبر بكثير من التفاؤل وهي تتحدث عن وجود الإرادة السياسية لدى السلطات من أجل اللحاق بركب الدول التي استثمرت في هذا المجال مما سيجعلها تحد من النفقات العمومية وتساهم في خلق مناصب شغل.
بيد أن التساؤل يبقى مطروحا حول مدى جدية أو قدرة الدولة في الجزائر على كسب رهان الطاقات البديلة في وقت قياسي وهي التي فشلت في تنويع مصادر اقتصادها منذ عقود للتخلص من تبعية اقتصاد البلاد لموارد النفط.
إقرأ المزيد:أرقام مخيفة حول تراجع الاقتصاد الجزائري
فكيف تستطيع الحكومة أن تحقق في ظرف وجيز ما عجزت عنه منذ استقلال الجزائر قبل أكثر من 50 سنة، أم أن الحكومة الجزائرية صارت كما قال البعض تنتظر وقوع معجزة في زمن قلت فيه المعجزات؟