الأطفال الفلسطينيون الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي

دأبت إسرائيل على اعتقال الأطفال الفلسطينيين منذ احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة في حزيران/يونيو 1967 ، لكنها كثّفت عمليات الاعتقال هذه خلال سنوات الانتفاضة الأولى، التي اندلعت في كانون الأول/ديسمبر 1987 ، وكانت تهمة معظم الأطفال المعتقلين في تلك السنوات إلقاء الحجارة على جنود الاحتلال ومركباته. ثم جعلت من عملية اعتقال الأطفال عملية ممنهجة بعد اندلاع الانتفاضة الثانية في أيلول/سبتمبر 2000 ، وصارت تلجأ، أكثر فأكثر، إلى الاعتقال
الإداري بحقهم، كما قامت بإدانة وسجن أطفال تقل أعمارهم عن 14 عاماً. وتتعامل سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع الأطفال الفلسطينيين الأسرى ك “مشروع مخربين”، وتحرمهم من أبسط الحقوق التي تمنحها لهم المواثيق الدولية، وتشمل: الحق في عدم التعرض للاعتقال العشوائي، ومعرفة سبب الاعتقال، والحصول على محام، والاتصال بالأهل، وحق الأسرة في معرفة سبب ومكان الاعتقال، والمثول أمام قاض.
وبخصوص أعداد الأطفال الأسرى، أحصت المنظمة الحقوقية الإسرائيلية “بتسليم”، في تقرير أصدرته، 835 طفلاً فلسطينياً سجنوا ما بين عامَي 2005 و 2011 ، قسّمتهم كالتالي: أكثر من 34 يبلغون 13 عاماً وما دون. وبحسب تقرير ؛ 500 يبلغون 16 عاماً؛ 225 في سن 14 و 15 صدر في مطلع عام 2013 ، عن دائرة الطفولة والشباب في وزارة شؤون الأسرى والمحررين، كانت السلطات الإسرائيلية تحتجز في سجونها، في ذلك التاريخ، 321 طفلاً، كان بينهم 4 في المئة من المعتقلين إدارياً من دون تهم محددة، و 3 في المئة من البنات، و 56 في المئة منهم محتجزون في سجون داخل إسرائيل. ووفقاً لتقرير صادر عن جمعية ” نساء من أجل فلسطين “، بلغ عدد الأطفال 230 طفلاً. ، الأسرى في السجون الإسرائيلية، في شباط/فبراير 2014 الأوامر العسكرية الناظمة لعمل المحاكم العسكرية الإسرائيلية تستند سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تعاملها مع قضية الأطفال الفلسطينيين الأسرى إلى جملة من الأوامر العسكرية، من أهمها أربعة هي:
-1 الأمر العسكري رقم 132 الصادر في 24 أيلول/سبتمبر 1967 ، الذي يعرّف “الطفل” الفلسطيني بأنه شخص دون سن السادسة عشرة، وذلك في تعارض مع ” اتفاقية حقوق الطفل ” التي تعرّف الطفل بأنه كل إنسان لم يبلغ الثامنة عشرة، ومع القانون الجزائي الإسرائيلي الذي يعرّف “الطفل”
الإسرائيلي بأنه شخص دون سن الثامنة عشرة. ويسمح هذا الأمر لسلطات الاحتلال باعتقال أطفال في سن الثانية عشرة، بموجب الاعتقال الإداري لمدة u1587 ستة أشهر ومن دون تهم محددة.
-2 الأمر العسكري رقم 378 ، الذي يتضمن بشكل أساسي القانون الإجرائي والجنائي المعمول به في المحاكم العسكرية، ويشمل الجرائم التالية:
-تدمير منشأة لقوات الجيش الإسرائيلي، أو حيازة أسلحة نارية أو متفجرات – عقوبة أقصاها السجن مدى الحياة.
-المشاركة في عضوية مجموعة تسبب أحد أعضائها بالموت المتعمد – عقوبة أقصاها السجن مدى الحياة.
-إلقاء أجسام، بما فيها الحجارة، على شخص أو ممتلكات – عقوبة أقصاها السجن عشر سنوات.
وكانت التهمة الأكثر شيوعاً التي وجهت للأطفال الفلسطينيين في المحاكم العسكرية الإسرائيلية، في عام 2009 ، إلقاء الحجارة.
وبموجب هذا الأمر العسكري، يمكن احتجاز الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، لمدة تصل إلى ثمانية أيام قبل مثولهم أمام قاض عسكري، بينما ينبغي عرض المواطنين الإسرائيليين أمام قاض في غضون 24 ساعة.
-3 الأمر العسكري رقم 1591 ، الذي يجيز احتجاز أشخاص، بمن فيهم الأطفال، في الاعتقال الإداري، دون تهمة أو محاكمة.
-4 الأمر العسكري رقم 1644 ، الذي أنشئت بموجبه محكمة أحداث عسكرية في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2009

معاناة الأطفال الفلسطينيين الأسرى
يعاني الأطفال الفلسطينيون الأسرى ما يعانيه الكبار من انتهاكات فاضحة لحقوقهم الإنسانية، خلال عملية الاعتقال وأثناء التحقيق وطوال فترة الاحتجاز والسجن.
وتعتقل سلطات الاحتلال الأطفال الفلسطينيين بناء على مزاجية الجنود الإسرائيليين عند نقاط لتفتيش وفي الشوارع أو من المنازل، وهي الحالة الأكثر شيوعاً. وفي حالة الاعتقال من المنزل، تحاصر وحدة من جنود الاحتلال منزل الأسرة في الساعات الأولى من الصباح عادة، وعندما يتم التعرّف على الطفل فإنه يتعرض، في كثير من الأحيان، للضرب أو الركل قبل تعصيب عينيه وتكبيل يديه من الخلف بقيود بلاستيكية، ثم يوضع في الجزء الخلفي من مركبة عسكرية.
ويحتجز الأطفال الفلسطينيون في البداية في مراكز تحقيق عسكرية ومراكز شرطة إسرائيلية في الضفة الغربية. وتقع بعض مراكز التحقيق في المستوطنات، مثل مستوطنة كريات أربع، ومعاليه أدوميم، ودان شمرون وغيرها. ولدى وصول الطفل الأسير إلى مركز التحقيق، يوضع إما في زنزانة أو يؤخذ مباشرة إلى غرفة التحقيق، ويتخلل التحقيق، الذي يجري دون أي رقابة من الصليب الأحمر الدولي أو من المحامين الفلسطينيين، ممارسات وحشية، كالضرب، والشبح المتواصل، وإجبار الطفل الأسير على الوقوف لساعات طويلة، والحرمان u1605 من النوم والطعام، وصب مياه باردة جداً على جسد الأسير ثم مياه ساخنة جداً، وتعليق الطفل على عامود أو تعليقه مقلوباً، والصعق بالصدمات الكهربائية، والتحرش الجنسي والتهديد بالاغتصاب. وفي معظم الحالات يعترف الطفل، بعد تعرضه للتعذيب، بتهم زائفة، كما أن من المألوف أن يُعطى ورقة اعتراف مكتوبة باللغة العبرية للتوقيع عليها، وهي لغة لا يفهمها إلا عدد قليل جداً من الأطفال الفلسطينيين. وتشكل ورقة الاعتراف التي ينتزعها المحققون من الطفل دليل الإدانة القطعي المعتمدة لدى المحاكم العسكرية. ومن بين الحالات التي وثّقتها الحركة الدولية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين، في عام 2009 ، قدم الأطفال اعترافات أثناء التحقيق في 81 في المئة من الحالات، وفي 32 في المئة من هذه الحالات كانت ورقة الاعتراف باللغة العبرية.
وبعد انتهاء التحقيق، بالحصول غالبا على الاعتراف بالتهمة الموجهة، يُنقل الطفل الأسير إلى السجون الخاضعة لمصلحة السجون الإسرائيلية، والتي تقع داخل إسرائيل، باستثناء سجن واحد هو سجن عوفر، وهو ما يجعل الزيارات العائلية صعبة لصعوبة الحصول على تصاريح لدخول
عائلات الأطفال الأسرى المناطق الفلسطينية عام 1948 ، علماً بأن احتجاز سكان الأراضي المحتلة خارج تلك الأراضي يُعدُّ انتهاكاً للمادة 76 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تنص على “يحتجز المتهمون في البلد المحتل، ويقضون فيه عقوبتهم إذا أدينوا “.
ويتوزع الأطفال الفلسطينيون الأسرى على عدة سجون: بيت إيل، عتصيون، النقب، تلموند، عوفر، مجدّو، هشارون، الدامون، الرملة للنساء، وغيرها. وتفتقد هذه السجون للشروط الإنسانية، إذ تتسرب مياه الأمطار في الشتاء إلى الغرف والخيام، وتنتشر فيها الروائح الكريهة بسبب الازدحام، وتتميّز بسوء مرافق الصرف الصحي فيها، وقلة تعرضها لأشعة الشمس والهواء. ويعاني الأطفال الأسرى، إلى جانب ذلك، من سوء الطعام ونقصه، ومن انعدام النظافة، وانتشار الحشرات
والزواحف، ومن نقص الملابس، وعدم توفر وسائل اللعب والتسلية، والحرمان من زيارة الأهالي.
كما يتعرضون في حالات كثيرة للعزل والضرب من السجّانين، والاحتجاز مع البالغين والمجرمين والمنحرفين.
ويُحرم الأطفال الفلسطينيون الأسرى من العناية الطبية المناسبة، علماً بأن كثيرين منهم يعانون من ضيق التنفس، ومن أمراض العيون والأسنان، ومن الروماتيزم وأمراض الجهاز الهضمي، ومن الأمراض الجلدية. إذ ترفض إدارات السجون عادة إخراج u1575 الأطفال المرضى إلى عيادات السجن، ولا توفر طبيباً مقيماً بشكل دائم في عيادة السجن، وهو ما يخالف المادة 91 من اتفاقية جنيف الرابعة التي تؤكد ضرورة ” أن تتوفر في كل معتقل عيادة مناسبة، يشرف عليها طبيب مؤهل، ويحصل المعتقلون على ما يحتاجونه من رعاية طبية “. ويقتصر الدواء الذي يُعطى للطفل المريض، في كثير من الأحيان، على المسكنات. وتفيد إحصائيات وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينية أن حوالي 40 في المئة من الأمراض التي يعاني منها الأطفال الأسرى ناتجة عن ظروف اعتقالهم غير الصحية، وعن نوعية الأكل المقدم لهم، أو ناتجة عن انعدام النظافة.
كما يحرم الأطفال الفلسطينيون، بعد الزج بهم في السجون والمعتقلات، من الحق في التعليم. ففي سجن تلموند، على سبيل المثال، يتلقى 30 في المئة من الأطفال الأسرى تعليماً بسيطاً من خلال معلم واحد، وذلك بمعدل ست ساعات في الأسبوع، موزعة على أربعة أيام، لكن من دون توفر
مناهج دراسية فلسطينية أو حتى أية كتب دراسية أخرى.

أحكام عالية وغرامات مالية
ولا تتعامل سلطات الاحتلال الإسرائيلي مع اعتقال الأطفال الفلسطينيين بوصفه ” الملاذ الأخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة “، كما ورد في المادة 37 ل ” اتفاقية حقوق الطفل “، وإنما بوصفه الملاذ الأول ولأطول فترة ممكنة. فقد حُكم على أحد الأطفال، في إحدى المرات، بالسجن المؤبد، كما
حُكم على ثلاثة أطفال مدة 15 عاماً، وعلى أربعة أطفال من 5 إلى 9 سنوات، كما حُكم على كثيرين من الأطفال من سنة إلى ثلاث سنوات، أو من 6 إلى 18 شهراً. وغالباً ما يكون الحكم مقروناً بغرامات مالية تتراوح ما بين 1000 و 6000 شيكل، أي ما يقارب 250 إلى 1500 دولار، علماً بأن هذه الغرامة المالية تُعتبر عقوبة غير قانونية على الطفل، لأن العقوبة يجب أن تكون شخصية بحق المتهم، والطفل هو من غير دخل، وبالتالي أي عقوبة ستكون على حساب أفراد عائلته. ولم تكتفِ سلطات الاحتلال بأحكام السجن، بل لجأت إلى فرض إقامات جبرية منزلية على 60 طفلاً، وبخاصة في منطقة القدس.

الاعتقال الإداري
وصارت سلطات الاحتلال تلجأ أكثر فأكثر إلى الاعتقال الإداري، إذ يسمح نظام المحاكم العسكرية للقائد العسكري الإسرائيلي بإصدار أمر اعتقال إداري إذا كانت ” لديه أسباب معقولة للاعتقاد بأنه يجب أن يوضع شخص ما رهن الاحتجاز لأسباب تتعلق بأمن المنطقة أو الأمن العام”. وتصل مدة الاحتجاز إلى ستة اشهر قابلة للتجديد إلى أجل غير محدد. وتستند أوامر الاعتقال الإداري، في كثير من الأحيان، على ” أدلة سرية ” لا يحق للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليها.

أطفال يولدون داخل السجون
خلال سنوات الانتفاضة الثانية، التي اندلعت في نهاية أيلول/سبتمبر 2000 ، وضعت عدة أسيرات مواليدهن داخل السجون، مثل ميرفت طه (21 عاماً) من القدس، التي وضعت مولودها البكر، وائل، بتاريخ 8 شباط/فبراير 2003 ؛ والأسيرة المحررة منال ناجي محمود غانم ( 32 عاماً)، التي اعتقلت في 17 نيسان/أبريل 2003 من منزلها في طولكرم، وهي أم لأربعة أولاد، ووضعت مولودها الخامس، نور، بتاريخ 10 تشرين الأول/أكتوبر 2003 ، الذي انفصل عنها بعد أن بلغ السنتين من العمر، وصارت تراه من وراء زجاج عازل. وذكرت منال، في شهادتها، أنها اعتقلت وهي حامل في الشهر الرابع، وحكم عليها مدة 50 شهراً، ووصفت ساعات الولادة بأنها صعبة وقاسية.
وتترك الولادة داخل السجن آثاراً نفسية قاسية على الطفل الوليد بعد الخروج من السجن، كحالة الطفلة عائشة، ابنة الأسيرة المحررة عطاف عليان، التي قضت في السجون الإسرائيلية سنة ونصف من عمرها، عانت بعدها كثيراً كي تتمكن من التأقلم مع محيطها بعد الخروج من السجن، وكحالة الطفلة غادة، ابنة الأسيرة المحررة خولة الزيتاوي، التي قضت في السجون الإسرائيلية سنتين من عمرها، وصارت تعاني، بعد خروجها من السجن، من اضطرابات نفسية وعصبية شديدة، وكحالة الطفل يوسف، ابن الأسيرة المحررة فاطمة الزق، الذي قضى في السجون
الإسرائيلية سنتين من عمره، وصار، بعد الخروج، يكره الأماكن المغلقة ويتسم بعصبية شديدة.

معاناة الأطفال الأسرى بعد إطلاق سراحهم
وعموماً، يعاني عدد كبير من الأطفال الأسرى أوضاعاً نفسية صعبة بعد إطلاق سراحهم، وهو ما يترك آثاراً سلبية على دراستهم، ويجعلهم في بعض الحالات يتمردون على أهلهم، وتظهر لديهم عوارض الخوف، والتبول اللاإرادي، والميل للعنف، وعدم القدرة على النوم، والكوابيس والاكتئاب.
وأرجعت الاختصاصية الاجتماعية عروب جملة، في حديثها ل “نساء من أجل فلسطين”، هذه الآثار الخطيرة إلى حقيقة أن تأثير صدمة التعرض للسجن على الأطفال ” يفوق كثيراً تأثيره على الكبار، بسبب نقص الخبرات لدى الأطفال، وحداثة سن الطفل، ونقص آليات الدفاع والتعامل مع الأحداث، ونقص أساليب التوافق الشخصي مع الأحداث الضاغطة بصورة كبيرة “، مشيرة إلى أن الأطفال، بعد الإفراج عنهم، يعانون غالباً “مشاكل نفسية كالشك والقلق والاكتئاب، والعصبية والاستثارة السريعة والصداع “، كما يعانون من “مشاكل تكيّف اجتماعي، وصعوبة في تقبل دورهم في الأسرة، كنتيجة لمرورهم بهذه التجربة القاسية التي أفسدت حياتهم النفسية والاجتماعية “.
أما المحامي وسام حويل، من “مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب” ، فقد ذكر أن 44 في المئة من الأطفال الفلسطينيين المحررين يعانون من أعراض نفسية بسبب صدمة الاعتقال وما تعرضوا له من تعذيب وتنكيل، كالانزواء، وعدم الرغبة في العودة إلى المدارس، والقلق والخوف الدائم.
تعارض الممارسات الإسرائيلية مع القوانين والمعاهدات الدولية تتعارض ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في تعاملها مع قضية الأطفال الأسرى الفلسطينيين، تعارضاً جلياً، مع القوانين والمعاهدات الدولية.
فقد أكدت المادة 77 من الملحق (البروتوكول) الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف، المقر في حزيران/يونيو 1977 ، والمتعلق بحماية ضحايا المنازعات الدولية المسلحة، لدى تطرقها إلى قضية حماية الأطفال، على ما يلي:
” يجب أن يكون الأطفال موضع احترام خاص، وأن تُكفل لهم الحماية ضد أية صورة من صور خدش الحياء. ويجب أن تهيئ لهم أطراف النزاع العناية والعون اللذين يحتاجون إليهما…
يجب وضع الأطفال في حالة القبض عليهم، أو احتجازهم أو اعتقالهم، لأسباب تتعلق بالنزاع المسلح، في أماكن منفصلة عن تلك التي تخصص للبالغين ” .
وورد في المادة 37 من “اتفاقية حقوق الطفل”، التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20تشرين الثاني/نوفمبر 1989 ، وصادقت إسرائيل عليها في عام 1991 ، ما يلي:
“تكفل الدول الأطراف:
ألا يتعرض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة دون وجود إمكانية للإفراج عنهم.
ألا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية أو تعسفية. ويجب أن يجري اعتقال الطفل أو احتجازه أو سجنه وفقاً للقانون، ولا يجوز ممارسته إلا كملجأ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة.
يعامل كل طفل محروم من حريته بإنسانية واحترام للكرامة المتأصلة في الإنسان، وبطريقة تراعي احتياجات الأشخاص الذين بلغوا سنه… ويكون له الحق في البقاء على اتصال مع أسرته عن طريق المراسلات والزيارات، إلا في الظروف الاستثنائية.
يكون لكل طفل محروم من حريته الحق في الحصول بسرعة على مساعدة قانونية وغيرها من المساعدة المناسبة، فضلاً عن الحق في الطعن في شرعية حرمانه من الحرية أمام محكمة أو سلطة مختصة مستقلة ومحايدة أخرى، وفي أن يجري البت بسرعة في أي إجراء من هذا القبيل”.
وورد في المادة 16 من الاتفاقية نفسها:
“لا يجوز أن يجري أي تعرض تعسفي أو غير قانوني للطفل في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسلاته، ولا أي مساس غير قانوني بشرفه أو سمعته. [و] للطفل الحق في أن يحميه القانون من
مثل هذا التعرض أو المساس”.
ونص ” العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية “، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 1966 ودخل حيز النفاذ في 23 آذار/مارس 1976 ، في المادة العاشرة منه على: “يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم الكرامة
الأصيلة في الشخص الإنسان”.

شهادات
– في تقرير صدر عن “نادي الأسير” الفلسطيني، ذكر الطفل محمد عطا زعول أن الجنود الإسرائيليين انهالوا عليه ضرباً، بأيديهم وأرجلهم وبالعصي، في جميع أنحاء جسمه، ثم خلعوا عنه جميع ملابسه ووضعوه في برميل ماء بارد جداً لمدة نصف ساعة، حيث فقد وعيه، وبعد أن
عاد إلى وعيه، أجلسه المحققون على كرسي وسلّطوا عليه المكيّف ثم أحضروا رشاشَي ماء بارد وساخن وتمّ تسليطهما على أعضاء جسمه بالتناوب.
-وفي تقرير آخر صدر عن “نادي الأسير” الفلسطيني”، ذكر مفيد حمامرة ( 17 عاماً) من قرية حوسان أن 15 جندياً اقتحموا منزله حوالي الساعة الثانية عشرة ليلاً، وقادوه إلى خارج البيت ووضعوا عصبة على عينيه وربطوا يديه وقدميه، ووضعوه في سيارة جيب عسكرية، وأخذ أحد
الجنود يضربه. وفي مركز التحقيق، خلعوا عنه ملابسه ورشوه بماء بارد جداً بواسطة خرطوم رشاش، ثم أحضروا سلماً حديدياً ووضعوا القيود الموجودة حول يديه في حلقة السلم وطلبوا منه أن يرفعه فوقع وسال الدم من أنفه، ثم أخرجوه، بعد أن توقف النزف، إلى الساحة الخارجية
وجعلوه يبتلع قطعاً من الثلج، ثم أخذوه إلى المرحاض وفتحوا ماء التنظيف في وجهه.
-ذكرت الطفلة سناء عمرو ( 14 عاماً) من سكان مدينة الخليل، أنها اعتقلت عام 2003 وتمّ وضعها في سجن الرملة للنساء، ووجهت لها تهمة التخطيط لطعن مستوطن. وبعد خمسة أشهر من اعتقالها، أصدرت محكمة عسكرية حكماً عليها بالسجن الفعلي لمدة عام، والسجن لمدة أربع سنوات مع وقف التنفيذ.
-ذكر أصغر أسير فلسطيني في سجون الاحتلال حالياً، وهو رشيد رسمي الرشق ( 14 عاماً) من البلدة القديمة في القدس المحتلة، الذي اعتقل في 10 شباط/فبراير 2014 ، ويقبع حالياً في سجن “شارون”، أن ثلاثة جنود اعتقلوه من منزل عائلته بطريقة وحشية وحملوه إلى سيارة عسكرية،
وبدأوا بضربه في السيارة على وجهه وبطنه، ثم اقتادوه إلى منطقة بجانب باب الخليل بالقدس، وأدخلوه إلى غرفة مليئة بالمحركات والماكينات ومشغلات الكهرباء، وهناك دخل عليه جنديان وضابط وبدأوا يوجهون له لكمات قوية على وجهه وطالبوه بالاعتراف، ثم قام أحدهم بدفعه على
الأرض والدعس على ظهره. بعد ذلك نقلوه إلى معتقل “المسكوبية”، حيث استمر التحقيق معه 30 يوماً، وفي إحدى المرات تركوه عارياً بلا ملابس حتى الصباح، وقد تعرض لمضايقات من قبل السجّانين وإلى شبح متواصل على كرسي وإهانات وشتائم بذيئة. وكان المحققون يطلقون أصواتاً قوية وغريبة ومزعجة تمنعه من النوم، وسببت له أوجاعاً في الرأس.

بعد انضمام دولة فلسطين إلى اتفاقيات جنيف الأربع
صرّح وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع، في مطلع نيسان/أبريل 2014 ، أن القرار التاريخي والهام الذي اتخذته القيادة الفلسطينية بانضمام فلسطين كدولة عضو مراقب في الأمم المتحدة إلى 15 منظمة واتفاقية دولية يرفع من المكانة القانونية للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ويثبّت صفتهم القانونية كمحاربين شرعيين ناضلوا ضد الاحتلال تنطبق عليهم اتفاقيات جنيف وقرارات الأمم المتحدة.
وقال قراقع إن هذه الخطوة الفلسطينية تعني التحرر من قوانين الاحتلال العسكرية والتأكيد أن الأراضي الفلسطينية مازالت تحت الاحتلال وتنطبق عليها اتفاقيات جنيف الأربع ، وبخاصة الاتفاقية الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب المؤرخة في 12 آب/أغسطس من
العام 1949 ، مشيراً إلى أن حقوقاً كثيرة يكتسبها الأسرى من اتفاقيات جنيف، أبرزها عدم مشروعية احتجازهم في داخل البلد المحتل حسب المادة 76 من الاتفاقية، إضافة إلى تحريم محاكمة الأسرى بطريقة تعسفية، وتوفير العناية الطبية والظروف الإنسانية والمعيشية الملائمة
لهم، وتحريم اعتقال الأطفال القاصرين، وتجريم استخدام التعذيب، وغير ذلك من الأحكام التي توفر الحماية للأسرى وعدم فرض الإجراءات العسكرية الإسرائيلية عليهم.

المصادر
-1 أبو الحاج، فهد (مدير عام مركز أبو جهاد لشؤون الحركة الأسيرة في جامعة القدس): “الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي: استمرار بالمعاناة وخرق للمواثيق الدولية”،
www.aj‐museum.alquds.edu
-2 الخالدي، سماهر، “الأطفال الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي: أطفال أينعت قبل الأوان”، تحرير رياض u1575 الخطيب ودانيال بصبوص، تمويل موقع الطفولة،
www.atofula.net
-3 شناعة، إياد، “أوضاع ومعاناة الأسيرات والأطفال الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية 2012، دراسة جغرافية”، ورقة مقدمة إلى مؤتمر “الأسرى الفلسطينيون في السجون -1967 الإسرائيلية”، الذي نظمته جامعة القدس المفتوحة في قطاع غزة، وعبر تقنية الفيديو كونفرنس مع
الضفة الغربية، في 24 -25 حزيران/يونيو 2013.
-4 مجلة الهدف (تقرير)، “اعتقال الأطفال… جرائم متواصلة بحق القاصرين”، 24 نيسان/أبريل 2014
www.alhadafmagazine.com
-5 المركز الفلسطيني للإعلام، “الأطفال الأسرى في السجون الصهيونية  13 أيار/ما ي 2014”.
www.palestine‐info.com
-5 مسك، إياد (منسق الوحدة القانونية بالحركة الدولية للدفاع عن الأطفال-فرع فلسطين، القدس): “الحالة الراهنة وأوضاع السجناء الفلسطينيين في السجون ومرافق الاحتجاز الإسرائيلية”، اجتماع الأمم المتحدة الدولي المعني بقضية فلسطين، مكتب الأمم المتحدة في فيينا، 7 و 8 آذار/مارس 2011
-6 يوسف، فاطمة، “الأطفال الأسرى… سجون الاحتلال تغيّبهم، والعالم يتجاهل معاناتهم”، 21 نيسان/أبريل 2014
www.womemfpal.com
مؤسسة الدراسات الفلسطينية، جميع حقوق النشر وإعادة التوزيع محفوظة لمؤسسة الدراسات الفلسطينية، ولا يمكن نشرها أو توزيعها إلكترونيا إلا بإذن من إدارة المؤسسة وذلك عبر الكتابة إلى العنوان البريدي التالي:
ipsbrt@palestine‐studies.org
يمكن تحميل هذه المقالة أو طبعها للاستخدام الفردي وعند الاستخدام يرجى ذكر المصدر:
http://www.palestine‐studies
  

اقرأ أيضا

المفتي العام للقدس يشيد بالدعم الذي يقدمه المغرب بقيادة الملك لدعم صمود الشعب الفلسطيني

أشاد المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، اليوم الأحد …

المنتدى المغربي الموريتاني يرسم مستقبل تطور العلاقات بين البلدين

أشاد المنتدى المغربي الموريتاني، باللقاء التاريخي بين الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ …

مكسيكو.. مشاركة مغربية في مؤتمر دولي حول حماية البيئة

شارك الأمين العام لحزب الخضر المغربي ورئيس أحزاب الخضر الأفارقة، محمد فارس، مؤخرا بمكسيكو، في مؤتمر دولي حول حماية البيئة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *