بعد حملة دبلوماسية قوية، قادها الملك محمد السادس عبر القارة السمراء،تبدو الطريق الآن سالكة أمام المغرب للعودة إلى الاتحاد الإفريقي في القمة المقبلة المقرر انعقادها في أواخر يناير الجاري،في ظل ترحيب كبير بالمملكة من طرف عدد من قادة الدول الإفريقية.
والواقع أن أقطاب القارة السمراء وزعمائها الكبار طالما وجهوا النداء،تلو النداء، في شكل رسائل دعم ومساندة إلى رئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي،مؤكدين ضرورة إفساح المجال أمام المغرب من أجل أن يتبوأ مكانه وسط الأقطار الإفريقية،اعتبارا لدوره وريادته في دعم وبناء جسور التعاون، خدمة لمسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
صلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية والتعاون، قال أمس الأربعاء،خلال جلسة عمومية لمجلس النواب، ما يفيد أنه صار اليوم في الإمكان استرجاع مقعد المغرب في هذا المحفل الإفريقي،بعد تأمين أكثر من النصاب الذي يستلزمه القانون التأسيسي لقبول العضوية، وهو 28 دولة.
نفس المتحدث كشف في مداخلته، أمام ممثلي الأمة،أن “40 دولة تدعم اليوم قرار المغرب بالعودة إلى الاتحاد الافريقي”، دون أن ينسى الإشارة إلى أن هناك “رسائل دعم أخرى ستأتي في الأيام المقبلة”،بما يفيد أن المملكة ماضية بكل عزم وثقة في النفس نحو تحقيق هذا المبتغى الذي عبرت عنه مؤخرا،عبر مجموعة من المؤشرات والمواقف.
وقد كان الإسراع بانتخاب رئيس مجلس النواب وهياكله ولجانه ومكوناته،بعد أكثر من ثلاثة أشهر من “البلوكاج”،من بين تجليات الرغبة في استرجاع مقعد المغرب في الاتحاد الإفريقي،عبر الموافقة على قانونه الأساسي في الغرفة الأولى للبرلمان،وإحالته على الغرفة الثانية لنفس الغرض.
وخلافا لما يروج له البعض من خصوم وحدة المغرب الترابية،فإن سعد الدين العثماني، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، يرى أن العودة المرتقبة للمغرب إلى الاتحاد الافريقي، لا تعني القبول بالجبهة الانفصالية، الوليساريو، وإنما ستكون بمثابة استمرار في الدفاع عن قضية الصحراء من داخل هياكل الاتحاد نفسه.
وفي المداخلة التي ألقاها باسم فريق حزب “المصباح”، خلال الاجتماع الذي عقدته لجنة الخارجية والدفاع الوطني،والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج، أمس بالغرفة الأولى للبرلمان،حرص العثماني،وزير الخارجية المغربي سابقا، على تبيان أن عودة المغرب للاتحاد الافريقي ليس قرارا تكتيكيا، وإنما هي مواصلة لسياسته الافريقية الثابتة والمستمرة منذ عقود .
هكذا إذن يضرب المغرب موعدا مع التاريخ،في نهاية الشهرالجاري،ليسجل عودته بكل فخر واعتزاز إلى المقعد الذي غاب عنه 32 سنة داخل المنظمة الافريقية،فيما استمر وجوده قويا داخل القارة السمراء من خلال العديد من المبادرات التي تعكس تجذره في عمق تربة افريقيا.