تناول كيفن رود، الوزير الأول الأسترالي السابق، في مقال له بموقع Project Syndicate مستقبل الأمم المتحدة خاصة على ضوء الواقع الدولي الراهن.
رود أكد على أنه في الوقت الذي يزداد فيه النظام العالمي تفكك، تبرز الحاجة بصورة أكبر إلى مؤسسات دولية للحكامة تكون قادرة على مواجهة التحديات الاستراتيجية والاقتصادية والمرتبطة بالتنمية.
غير أن المعطيات الحالية تشير إلى أن هذه المؤسسات، بما فيها الأمم المتحدة، لم تكون في يوم من الأيام أكثر هشاشة مما هي عليه اليوم.
“الأمم المتحدة في مشكل”، يقول الوزير الأول الأسترالي السابق، لأن غالبية الدول تتعامل معها كخيار ثانوي إذ تسعى بداية لحل المشكل في جهة أخرى، وهو ما تظهره بجلاء الملفات الدولية مثل سوريا وإيران وكوريا الشمالية والتهديد الإرهابي والأمن الرقمي وقضية اللاجئين والهجرة ووباء إيبولا وأزمة تمويل المساعدات الإنسانية.
المنظمة الأممية تعاني حسب رود من مشاكل بنيوية ومن تعمق الهوة بين ما تطمح إلى أن تقوم به وما تقوم به فعليا. ويرى الكاتب مع ذلك أن الحاجة ماسة جدا للأمم المتحدة لأنها جزء مهم من النظام العالمي الذي تشكل ما بعد الحرب العالمية الثانية.
تراجع مصداقيتها وتحولها لشبيهة بأي “منظمة أخرى” سيدفع الدول، حسب الكاتب، إلى تغيير طريقة تفكيرها في كيفية التعامل مع بعضها البعض مستقبلا، حيث يتوقع كيفن رود إلى أن تصير هذه العلاقات الدولية قائمة على التصرف الأحادي وقانون الغاب كما كان الشأن في السابق.
ويعتبر كيفن رود أن الأمم المتحدة في حاجة لإعادة تشكيل هيكلة نفسها وتغيير بنياتها ومواردها وبنيات عملها من أجل ضمان أداء أفضل ونتائج ملموسة في مختلف مجالات تدخلها، سواء تعلق الأمر بالسلم والأمن الدوليين أو التنمية المستدامة وحقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية.
الأمين العام للأمم المتحدة مدعو لحث الدول الأعضاء على تجديد التزامه بميثاق الأمم المتحدة القائم على مبدأ التعاون الدولي، وأيضا السعي إلى مد جسور بين القوى الكبرى وإطلاق مبادرات جديدة لمعالجة التحديات الدولية، ومن بينها منع حصول أزمات دولية أو على الأقل التنبؤ بها بدلا من الاستمرار في التعاطي مع الأزمات عند وقوعها.
هذا ويدعو الكاتب إلى وضع ملفات كبرى على قائمة الانشغالات الأممية مثل مواجهة الإرهاب والتطرف وتعزيز الأمن الرقمي ومحاربة انتشار الأسلحة وتكريس قانون المساعدات الإنسانية الدولي في حالات الحرب وتطوير مقاربة دولية لمواجهة المشاكل الإيكولوجية.
الكاتب دعا الأمم المتحدة أيضا إلى تغيير ثقافتها مقدما أمثلة ملموسة على ذلك، حيث أكد على ضرورة العمل الميداني بدل العمل داخل المقرات، والتركيز على النتائج الملموسة بدلا من عدد المؤتمرات التي يتم عقدها، وأيضا السهر على تطبيق توصيات التقارير بدلا من كتابة مزيد من التقارير.
ويرى كيفن رود أن مستقبل الأمم المتحدة رهين بتوافر الإرادة السياسية والقيادة القوية وجود برنامج إصلاحي سيمكن من جعل المنظمة ركنا أساسيا في نظام عالمي مستقر وعادل، وإلا فإن البديل سيكون انهيارا مؤسساتيا دوليا وعجزا في وجه التحديات الكبرى في عصرنا الحالي.