رغم أجواء العطلة، والرغبة التي يثيرها شهر غشت في النفوس من أجل الارتماء بين أمواج البحر، هربا من صيف ساخن، وهموم عام مثقل بالمتاعب، فإن مقرات الأحزاب المغربية تحولت إلى ما يشبه خلايا نحل، تموج بالحركة، من أجل منح التزكيات ونيل الترشيحات من أجل الانتخابات.
بعض المصادر القريبة من كواليس الأحزاب تتحدث عن صعوبات تواجه لجان الترشيح في اختيار لوائح الأسماء التي تعبر عن رغبتها في خوض النزال الانتخابي لتشريعيات 7 أكتوبر المقبل، نظرا لتعدد الطلبات التي يتم الإدلاء بها، وخاصة من طرف النافذين، أو أولئك الذين اعتادوا الفوز في بعض الدوائر الانتخابية، كأنها أصبحت وقفا عليهم، دون سواهم.
و تضيف نفس المصادر، قائلة إنه في غالب الأحيان، يصعب التجاوب مع كل طلبات الترشيح، او التوفيق بين أصحابها المتنافسين على دائرة واحدة، فيتأجل الحسم في الموضوع، ريثما تهدأ النفوس، في انتظار إيجاد صيغة للتفاهم، او التنازل من طرف مرشح لفائدة مرشح آخر، غير أن هذا الحل نادرا جدا ما يحدث، فيتم اللجوء إلى الزعامات، لما لها من ثقل، لاتخاذ القرار التي تراه مناسبا، حتى وإن كان حساب البعض.
وغالبا ما تتسبب صراعات التزكيات في انسحاب البعض من أحزابهم الأصلية، والتوجه نحو أحزاب أخرى، في إطار الترحال السياسي، بحثا عن إيجاد موقع قدم وسط هذا الزحام الذي يشتد على أبواب مقرات الأحزاب المغربية، كلما لاحت الانتخابات في الأفق، وهذه من الظواهر التي تسيء لسمعة العملية السياسية، وتنعكس سلبا على مستوى مشاركة الناخبين في يوم الاقتراع.
وهناك بعض النماذج التي يطلق عليها لقب ” الكائنات الانتخابية”، التي احترفت التسابق إلى نيل التزكيات، طمعا في الحفاظ على مكاسبها ومناصبها، بعد أن أصبحت ممارسة السياسة في المغرب، في العديد من الحالات، مصدرا للوجاهة وللريع والارتقاء الاجتماعي والاقتصادي، وهذا ما يفسر ارتفاع الإقبال على تصدر واجهة الترشيحات، وخاصة منها اللوائح الوطنية.
ولا يتوقف الأمر عند عموم المنتسبين للأحزاب فقط، بل ان حتى الوزراء والزعماء الحزبيون أنفسهم، لا يترددون في طرح أسمائهم كلاعبين كبار، ضمن لائحة الترشيحات، وهذا العام، أثار ترشيح عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، في الدائرة الانتخابية بسلا، الكثير من الجدل، نظرا لإشرافه على لجنة الانتخابات، مما يراه البعض تناقضا مع هذه المهمة الموكولة إليه من طرف أعلى سلطة في البلاد.
وإذا كان بنكيران حريصا على الترشح، رغم كل الانتقادات الموجهة إليه، فإن هناك بعض الزعامات الحزبية عبرت عن عدم مشاركتها، ومن بينها صلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للأحرار، ووزير الخارجية والتعاون، بسبب مسؤوليته في تنظيم المؤتمر العالمي للمناخ بمراكش، وكذا محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام ل”التقدم والاشتراكية”، مبررا ذلك بمتابعته اليومية لإدارة الحملة الانتخابية للحزب.
زعيم حزب آخر يغيب عن النزال الانتخابي هو الياس العماري، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، اعتبارا لرئاسته جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة، كما يغيب أيضا، حكيم بنشماس، رئيس مجلس المستشارين، والمنتمي لنفس الحزب.
لكن حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، كان قد عبر عن إرادته في خوض التنافس الانتخابي، بقلعته الانتخابية، مدينة فاس، التي كان قد انهزم فيها خلال الانتخابات الجماعية التي جرت يوم رابع شتنبر الماضي، في اختبار جديد لشعبيته في العاصمة العلمية.