تشهد المملكة اليوم الجمعة سابع أكتوبر 2016، عرسا انتخابيا يترقب الجميع نتائجه ويحظى بمتابعة كبيرة من المحيطين الإقليمي والدولي نظرا للأهمية التي يكتسيها باعتباره ثاني استحقاق في عهد دستور جاء خلال فترة اهتزت فيها عدد من الدول على وقع احتجاجات وثورات جعلت استقرارها والاستقرار العالمي على المحك.
اقتراع الانتخابات التشريعية يجرى اليوم بمختلف ربوع المملكة، وقبله بساعات فقط أسدل الستار على الحملة الانتخابية التي تسابقت خلالها الأحزاب لإسماع أصواتها للمغاربة بالحواضر والقرى، فمن منها توفق في التواصل والإقناع؟ ومن أخفق وظل خارج السرب ؟
محمد شقير المحلل السياسي والأستاذ الباحث في العلوم السياسية، كشف خلال حديثه مع ”مشاهد24”، عن مجموعة معطيات ومعايير، تجعل كل حزب في خانة معينة، بناء على تحركاته طوال مدة الحملة الانتخابية.
تقاطب البام والبيجيدي
يرى الأستاذ محمد شقير، أن الملاحظة العامة التي طبعت الحملة الانتخابية لاستحقاقات 2016، التقاطب الحاصل بين حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، معتبرا أن هذين الحزبين صارا قطب رحى لما يجري حاليا، حيث يتابع الجميع أنشطتهما ولقاءاتهما بشكل ملفت للنظر.
ليس ذلك فحسب، بل أوضح أن هذا التقاطب الذي شهدته الساحة السياسية أخيرا، جعل التركيز ينصب على كل تحركات وسكنات الأمينين العامين للحزبين المذكورين أكثر من غيرهما خلال الحملة الانتخابية منذ أول أيامها.
المعلن وغير المعلن
أبرز المحلل السياسي أنه لتحديد الأحزاب التي نجحت في إبلاغ رسالتها للناخبين طوال أيام الحملة والتي أخفقت، لابد من التمييز بين مستويين، وهما المعلن وغير المعلن، حيث قال ”فيما يتعلق بالحملة الانتخابية، فهناك ما هو معلن نتابعه على مستوى التظاهرات الشعبية، ووسائل الاتصال الحديثة، ثم الإعلام المسموع والمرئي، وهذا جانب يمكن تقييمه لكون المعطيات بخصوصه متاحة وظاهرة، أما غير المعلن، فيتمثل في استقطاب الأعيان وتوزيع الأموال وغيرها من الممارسات التي يصعب تقديم قراءة بخصوصها”.
وأضاف في هذا السياق، أن الحملة غير المعلنة التي تتم بعيدا عن الأضواء، غالبا ما تحدث مفاجآت على مستوى النتائج، وفي مرات عديدة قد تقلب الموازين، وتبطل التوقعات المنبنية على ماهو معلن.
التظاهرات والفضاء الأزرق والإعلام التقليدي
فيما يتعلق بالحملة المعلنة، تحدث شقير على ثلاثة مستويات، وهي التظاهرات الشعبية، ووسائل الإعلام الحديث وعلى وجه الخصوص الفضاء الأزرق، ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة، مشيرا إلى أن كل واحد منهم يعد فضاء للتباري والتنافس بين الأحزاب بضوابط وخصوصيات معينة.
فبخصوص التظاهرات الشعبية، اعتبر أن حزب العدالة والتنمية تفوق كما وكيفا، واستدل على ذلك بكون الحزب الذي يقوده بن كيران استطاع حشد أعداد كبيرة من المواطنين لأغلب التجمعات التي نظمها بعدة مناطق انطلاقا من الرباط.
لكن في المقابل، سجل أن ظاهرة ”البكاء” التي رافقت أمينه العام، كوسيلة من وسائل استمالة الهيئة الناخبة عبر محاولة إظهار المظلومية، نقطة أضعفت من أدائه على هذا المستوى.
أما فيما يخص حزب الأصالة والمعاصرة، فقال الباحث في العلوم السياسية، إنه كذلك توجه في إطار حملته المعلنة إلى تنظيم التظاهرات الشعبية، لكن بوتيرة أقل، لافتا الانتباه إلى أن الأحزاب الكبرى الأخرى لم تنجح في إسماع أصواتها للناخبين عبر وسيلة التجمعات والمهرجانات الخطابية، ولأجل ذلك التجأت لوسائل أخرى مثل حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال الذي تم تصويره في أكثر من مكان مع ممتهني حرف بسيطة، في خطوة طالما انتهجها قادة الأحزاب لإظهار قربهم من المواطن العادي ومعايشتهم لهمومه.
وعلى مستوى الفضاء الأزرق ”الفيسبوك” الذي شهد ميلاد صفحات حزبية بآلاف المعجبين في وقت قياسي، أكد شقير أن حزب إلياس العماري استطاع الانفتاح بشكل كبير، وجند إمكانيات ووسائل مهمة جعلته متواجدا بقوة، ”وتفوق غريمه السياسي البيجيدي فتمثل أساسا في اعتماده على كفاءات من بيته الداخلي لها من التكوين والتجربة ما مكناها من إظهار الحزب بصورة قوية” يضيف شقير.
وفي خانة ثالثة، وضع التجمع الوطني للأحرار، والاستقلال، والتقدم والاشتراكية، مبرزا أنهم تواجدوا بشكل مقبول على هذا المستوى، فيما الحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي استعصى عليهم الالتحاق بالركب.
والمستوى الثالث وهو الإعلام المرئي والمسموع، شدد المحلل السياسي، على أن حزب العدالة والتنمية فشل فيه، وذلك بسبب أنه لم يرشح أسماء معروفة لتمثيله في الحوارات واللقاءات، وكذا غياب أمينه العام عن المناظرة الأولى من نوعها بالمغرب على ”قناة ميدي 1”، فيما حضرها إلياس العماري إلى جانب إدريس لشكر، وحميد شباط، ومحمد ساجد، ونبيل بنعبد الله.
تواصل ناقص
بعد كل المعطيات التي قدمها محمد شقير، أكد أن الحملة الانتخابية التي انتهت قبل ساعات، وأعقبتها عملية التصويت المستمرة حتى مساء اليوم (الجمعة)، كشفت بوضوح أن الأحزاب السياسية انخرطت في نوع جديد من التواصل بالموازاة مع الوسائل التقليدية في محاولة لاستمالة الناخبين إليها عبر مختلف الطرق والممرات، إلا أن تواصلها مع المغاربة ما زالت تنقصه العديد من المقومات التي تجعله فعالا ومؤثرا في النتائج.