أيام معدودة تفصلنا عن محطة الاستحقاقات التشريعية لـ 7 أكتوبر 2016، موعد تستعد له جل الأحزاب المغربية بكل ما أوتيت به من قوة وإمكانيات، وباتت كل خطوة لهم يضربون لها ألف حساب، فالخطأ ممنوع، وتدارس أمر تزكيات الأسماء المرشحة في الدوائر الانتخابية أمر يرهق بال جل زعماء التيارات السياسية دون استثناء.
في خضم هذا التركيز الكبير، دخلت الأحزاب في سباق محموم فيما بينها لاستمالة أصوات بعض رموز تيار السلفية، لاستغلالهم كورقة رابحة في هذا الموعد الحاسم. لكن السؤال الذي يطرح نفسه. هل جل الأحزاب المغربية فقدت إيديولوجيتها لحساب الأطماع الانتخابية؟
السلفيون ودورهم في الانتخابات
بعد انتهاء رياح الربيع العربي، حصل اقتناع لدى عدد كبير من السلفيين المغاربة بأن المغرب يشكل نموذجا له خصوصيته، وبأن ما حصل في بلدان عربية مجاورة لنا لا يمكن أن يُستنسخ في المغرب.
فمنذ بداية سنة 2011، غادر عدد كبير من السلفيين السجن عبر دفوعات متتالية، وقد اقتنع الكثيرون منهم بأن الخيار الأفضل هو البحث عن سبل الاندماج في الحياة السياسية وتطليق الأفكار المتطرفة التي كانت لدى البعض منهم، لأنهم يلاحظون أن مثل تلك الأفكار هي التي تغذي العنف والإرهاب في عدد من دول المنطقة العربية، ولهذا بعض السلفيين بدأوا يسجلون حضورا إعلاميا، وبعضهم سجل حضورا سياسيا من خلال الانضمام إلى أحزاب سياسية قائمة، إلى أن انقلبت الآية في أيامنا هذه، وأصبح زعماء الأحزاب هم من يتهافتون لاستقطاب الأسماء السلفية.
“التهافت على السلفيين من طرف الأحزاب يظهر الأزمة التي تعيشها هذه الأخيرة من حيث الوجوه الانتخابية التي يمكن أن تراهن عليها”. يقول إدريس الكنبوري الباحث المغربي المتخصص في الجماعات الإسلامية في تصريح لـ مشاهد24، ثم يردف قائلا: “رغبة هذه الأحزاب في جذب السلفيين وراءه طموح في الظهور بمظهر جديد أمام الناخبين، عبر وجوه جديدة تمارس العمل السياسي لأول مرة وليس لديها تاريخ سيء في العمل السياسي هذا جانب، والجانب الآخر يضيف الكنبوري “هو أن بعض هذه الأحزاب تريد استقطاب السلفيين لمنافسة التيار الإسلامي، وإذا كان الجانب الأول يبين لنا وجود أزمة نخب داخل الأحزاب السياسية فإن الجانب الثاني يبين لنا أزمة مشروع أو غياب أي إيديولوجيا لدى هذه الأحزاب، لأن الرغبة في استقطاب السلفيين ليست نابعة من عوامل إيديولوجية بل من دوافع انتخابية صرفة”.
السلفيون وبنكيران.. من أحباء إلى أعداء
التوافق الذي حصل بين السلفيين وحزب العدالة والتنمية في انتخابات 2011 لا يمكن أن يتكرر في الانتخابات التشريعية المقبلة، لسبب بسيط وهو أن الحكومة الحالية التي يتزعمها “البيجيدي” لم تقدم شيئا للتيار السلفي، ولم يفي بنكيران الأمين العام لحزب “المصباح”، بوعوده تجاه هذه الفئة التي ظلت تنتظر لسنوات طويلة موعد تسوية ملفهم العالق.
في نظر إدريس الكنبوري الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية، فإن السلفيين كانوا “يراهنون كثيرا على حزب العدالة والتنمية عند وصوله إلى السلطة، لأنهم بنوا ذلك على الوعود والخطابات التي كان الحزب يقدمها قبل انتخابات سنة 2011، ولكن بعد تلك الانتخابات أدرك السلفيون أن الحزب كان فقط يوظفهم كورقة لا غير، وهو يعرف أن الملف ليس بيده، لذلك شعروا بخيبة الأمل”.
وشدد المتحدث ذاته أن “السلفيين سيراهنون على أحزاب أخرى في الانتخابات المقبلة، لأن حزب العدالة والتنمية يدرك بأن السلفيين مختلفين عنه، لذلك أغلق أبوابه في وجوههم، لأنه يعرف بأن انتمائهم إليه سوف يثير له الكثير من المتاعب، كما أن وجود السلفيين سوف يؤدي إلى تركيز إعلامي أوسع عليهم، وهو ما يفقد الكثيرين فيه مواقعهم”.
أبو حفص يتريث.. والفيزازي يقرر الابتعاد
الأخبار التي تم تسريبها خلال الأيام الفائتة من الكواليس السياسية، تؤكد استعداد قيادة حزب الاستقلال، لترشيح عبد الوهاب رفيقي، الشهير بلقب “أبو حفص”، لخوض غمار انتخابات السابع من أكتوبر المقبل في لائحة دائرة فاس.
لكنه لم يحسم بعد في العرض الذي قدمه له حزب الاستقلال ليكون وكيلا للائحة الحزب في فاس، لأجل خوض سباق انتخابات التشريعية المقبلة.
الفيزازي وبدوره تلقى عروض مختلفة من جل الأحزاب المغربية وحتى تلك التي لا تتبنى المرجعية الدينية، إذ أكد في تصريح لـ مشاهد24، أنه يفضل البقاء في نفس المسافة مع الأحزاب المغربية والتفرغ لعمله الجمعوي.