عبد المجيد تبون

حملة إعلامية “فاشلة” لأبواق جنرالات الجزائر للطعن في سياسة الهجرة المغربية!

بقلم: هيثم شلبي

بشكل منسق ومنظم لا تخطئه عين، تشن وسائل الإعلام الجزائرية، حملة إعلامية منسقة لاتهام السلطات المغربية بارتكاب “جرائم” بشعة في حق المهاجرين غير الشرعيين من دول جنوب الصحراء.

ويدلل على هذا التنسيق قيام عدة وسائل إعلامية تابعة لجنرالات هذا البلد، بتناقل خبر مستنسخ، يكاد يكون متطابقا -دون أن يكون منقولا عن وكالات الأنباء-، للترويج لما يقولون أنه تحقيق استقصائي قام به كونسورتيوم إعلامي غربي، يضم صحف الواشنطن بوست الأمريكية، ولوموند الفرنسية، وإل باييس الإسبانية، ومجموعة لايت هاوس، التي يدلل الإعلام الجزائري على “مصداقيتها” بالإشارة إلى أنها صاحبة “الكشف” عما أسماه “فضيحة بيغاسوس”، دون أن يدري أنه بهذه المرجعية، يقوم بهدم هذه المصداقية المزعومة بدلا من إثباتها.

ومصدر التهليل الإعلامي الجزائري، أن التقرير المذكور، يتطرق إلى واقع المخالفات الحقوقية المرتكبة تجاه المهاجرين الأفارقة في كل من المغرب، تونس، وموريتانيا، دون أن يذكر الجزائر وليبيا بكلمة واحدة!!

بداية، لا نحتاج إلى جرد “تاريخ” دفاع وسائل الإعلام الغربية عن حقوق المهاجرين الأفارقة، لنعلم أنها أبعد ما تكون عن الحياد؛ وأنها لطالما استخدمت “فزاعة” حقوق الإنسان، من أجل الضغط على دول العالم الثالث. وفات إعلام الجنرالات، الإشارة إلى أن “فضيحة بيغاسوس” المزعومة، انتهت إلى إدانة هذه الوسائل الإعلامية نفسها، بعد عجزها عن إثبات جملة واحدة من مزاعمها تجاه السلطات المغربية، وأن القضاء الأوروبي نفسه قد ثبّت خلو ادعاءاتها من إثبات واحد على صدق ما تقول.

كما لم تكلف هذه الأبواق الدعائية الجزائرية نفسها، مجرد التطرق إلى سلوك هذه الوسائل الإعلامية الغربية تجاه فظاعات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، والذي أسهم بشكل فاضح في تعريتها “أخلاقيا” أمام الرأي العام المحلي والدولي.

أما “الاحتفال”باستثناء الجزائر من التحقيق الأخير للمجموعة الاستقصائية الغربية، فلا يمكن بأي حال اعتباره دليلا على براءة السلطات العسكرية في الجزائر من دماء المهاجرين الأفارقة، الذين دفنوا في رمال صحراء الجزائر الشاسعة على حدود تونس وليبيا والنيجر ومالي، لأنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء قول حقيقة أن التقرير المزعوم يتحدث عن “دراسة حالة” أو ما يسمى بالانجليزية Case Study، اختارت البلدان المغاربية الثلاثة “كعينة” على ما تزعم أنه واقع انتهاكات حقوق الإنسان تجاه المهاجرين الأفارقة في البلدان المذكورة، ولا يتصدى لدراسة الأمر في دول شمال أفريقيا الخمسة، ومصر سادستها!

ونتساءل، إذا اعتبرنا أن عدم تطرق التقرير إلى ممارسات السلطات الجزائرية تجاه المهاجرين الأفارقة، هو دليل على براءتها المزعومة، فإن ذلك لا بد أن يشمل ليبيا المستثناة أيضا، والتي لا تخلو التقارير الدولية وتلك الصادرة عن مختلف الهيئات غير الحكومية من رصد انتهاكاتها الجسيمة في هذا المجال، نظرا لغياب سلطة مركزية تضبط الأمر، وشساعة الحدود الليبية مع كل من النيجر وتشاد والسودان وتونس والجزائر. فهل يستقيم الأمر بتبرئة دولة دون أخرى؟! ثم كيف تستقيم هذه “البراءة” الجزائرية المزعومة، مع الأزمة الحادة التي نشبت بين الجزائر وجارتها الجنوبية النيجر، والتي لم يمر عليها أسابيع، والتي وصلت حد استدعاء السفير الجزائري في نيامي لإبلاغه احتجاجا شديدا، على ما وصفته التقارير الرسمية النيجرية “بشاعة السياسة غير الإنسانية التي تواجه بها السلطات العسكرية الجزائرية المهاجرين الأفارقة” الذين ترميهم على حدود النيجر دون ماء أو طعام أو أدنى احترام لكونهم بشرا؟!! والتساؤل الحاسم في هذا المجال: أيهما أكثر موثوقية، الاحتجاجات الرسمية النيجرية التي تستقبل هؤلاء المهاجرين وتوثق حالاتهم وشهاداتهم، أم التقارير الصحفية “المنحازة” التي تنشرها هذه الصحيفة الغربية أو تلك؟!

ولو شئنا مجرد تذكير هذه الأبواق الإعلامية بحقيقة واقع تعامل سلطات بلادهم مع المهاجرين الأفارقة السود، باللجوء إلى تقارير منظمة أهلية غير حكومية، يصعب التشكيك في مصداقيتها تدعى “هاتف إنذار الصحراء” او Alarm Phone Sahara، والتي تنتشر فرقها الميدانية التي تقدم المساعدات للمهاجرين الأفارقة الذين يعبرون الصحراء، في كل من مدن أغاديز، السماكا، آرليت، نيامي، وقعوار في النيجر، البوابة الرئيسية لعبور المهاجرين الأفارقة إلى شمال أفريقيا (إضافة إلى مالي)، فماذا سنكتشف؟ وماذا تقول تقارير هذه المنظمة؟ تتحدث الأرقام أن السلطات الجزائرية قامت برمي 23 ألف مهاجر أفريقي في “النقطة صفر” على الحدود الفاصلة بين الجزائر والنيجر، وعلى بعد أقل من 15 كيلومترا عن مدينة السماكا النيجرية، وهي بالمناسبة نفس المسافة التي تفصل مدينة تيمياوين الجزائرية عن نفس الحدود، حيث يصعب على معظمهم قطع هذه المسافة في الأجواء الحارة والقاسية، وبعد أن يكون قد أنهكهم عبور الصحراء الجزائرية، الأمر الذي يؤدي إلى وفاة كثير منهم، إلى الحد الذي جعل بابا الفاتيكان يسمي تلك المنطقة “أكبر مقبرة في العالم”!!

أما العام الحالي، وخلال الشهور الأربعة الأولى فقط، فقد بلغ عدد المهاجرين الأفارقة الذين رمتهم سلطات الجزائر على حدود النيجر -وفق تقارير نفس المنظمة- أزيد من 10 آلاف مهاجر، الأمر الذي يجعل المنظمة تقدر أن عددهم هذا العام سيتجاوز ما سجل العام الماضي، خلال ما تبقى من 2024. هل تفهم أبواق جنرالات الجزائر الآن سبب “الغضبة” النيجرية على جنرالاتهم؟ والتي تهدد مستقبل علاقات البلدين بشكل غير مسبوق!

وتزيد المنظمة الأهلية “هاتف إنذار الصحراء” بتوثيق شهادات 262 مهاجرا، رمتهم السلطات الجزائرية على حدود النيجر في يوم واحد (20 أبريل 2024)، والتي يؤكدون فيها أنه تم جمعهم من أعمالهم وشققهم السكنية ومن الشوارع، حيث يمنع القانون الجزائري “الإنساني” منح إقامات شرعية للمهاجرين الأفارقة الذين يعمل أحسنهمحظا في وظائف لا يتجاوز دخلها -في أفضل الحالات- 100 دولار شهريا!! وتؤكد المنظمة المذكورة، أن مشهد رمي المهاجرين الأفارقة على الحدود الجزائرية النيجرية يتكرر “يوميا” وبالعشرات، دون وازع من ضمير أو أخلاق!

ثم كيف يستقيم هذا الواقع، بإلقاء تهمة المعاملة غير الإنسانية للمهاجرين الأفارقة، التي يزعمون أن سلطات المغرب تمارسها بشكل منهجي، مع حقيقة أن المغرب يكاد يكون الدولة الأفريقية الشمالية الوحيدة التي قامت بمنح المهاجرين الأفارقة “إقامات شرعية” تتيح لهم العمل والتنقل والسكن بشكل قانوني آمن، يراعي كرامتهم الإنسانية، بشهادة جميع التقارير الدولية، وبإشادة مختلف المنظمات التابعة للاتحاد الأفريقي، وآخرها في أثيوبيا قبل ساعات، الأمر الذي يجعل جل الأفارقة يطالبون بتعميم سياسات المغرب تجاه المهاجرين الأفارقة على باقي الدول الأفريقية، واتخاذ المغرب “قدوة” في هذا المجال.

ختاما، لا يعني كلامنا السابق بأي حال إنكار وجود مشكلة تتعلق بالهجرة غير القانونية من أفريقيا جنوب الصحراء التي يحلم مواطنوها بالوصول إلى “الفردوس الأوروبي” المنشود؛ ولا إغفال أن دول شمال القارة القريبة جغرافيا من أوروبا، يجعل دولها مسارا إجباريا يحاول المهاجرون الأفارقة سلوكه للوصول إلى أوروبا عبر منافذ متعددة: من مصر إلى اليونان، ومن ليبيا وتونس إلى إيطاليا، ومن موريتانيا والسنغال إلى جزر الكناري، ومن شمال المغرب إلى إسبانيا؛ لكن الفرق الشاسع يكمن في كيفية تعامل كل دولة من هذه الدول الستة مع المشكلة، لاسيما مع الضغوط الأوروبية التي تحاول تحميل هذه الدول مسؤولية حل المشكلة بعيدا عنها.

خلاصة القول، لا يمكن وضع المغرب الذي لا يملك أصلا حدودا سوى مع الجزائر وموريتانيا، وتفصله عن البلدين منطقة عازلة يخضع معظمها لإشراف المينورسو، والتي تمنحهم أصلا حق الإقامة والعمل بشكل شرعي داخل ترابها، في سلة واحدة مع “جنة تهريب” المهاجرين الليبية؛ أو تونس قيس سعيد، الذي يجاهر صراحة “بعنصريته” تجاه هؤلاء المهاجرين الأفارقة؛ أو “إجرام” السلطات الجزائرية التي ترمي عشرات المهاجرين يوميا في الصحراء على حدود النيجر ومالي، أو ترميهم فريسة ليتاجر بهم مرتزقتها من البوليساريو: أو ضعف السلطات الموريتانية ومحدودية وسائلها في مواجهة “قوارب الموت” المتوجهة إلى جزر الكناري. وعليه، نقول لإعلام الجنرالات باللهجة المصرية: “العب غيرها”!!!

اقرأ أيضا

أنطونيو غوتيريش،

الصحراء المغربية.. غوتيريش يعرب عن قلقه إزاء عرقلة الجزائر للعملية السياسية

في تقريره الأخير إلى مجلس الأمن حول الصحراء المغربية، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن أسفه إزاء صعوبة تحقيق التقدم في العملية السياسية بشأن الصحراء المغربية، التي يقوم بتيسيرها مبعوثه الشخصي.

غوتيريش يؤكد دور الجزائر بصفتها طرفا رئيسيا في النزاع حول الصحراء المغربية

في تقريره السنوي إلى مجلس الأمن حول الصحراء المغربية، ذكر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالبلاغ الصادر عن وزارة الخارجية الجزائرية بتاريخ 25 يوليوز الماضي، أعربت فيه عن “استنكارها الشديد” عقب قرار فرنسا دعم سيادة المغرب على صحرائه، والذي وصفه الجانب الجزائري بـ”غير المنتظر وغير الموفق وغير المجدي”.

النظام الجزائري وتبعات “فوضى” تدبير الطيران و”بلطجة” التعامل مع المعارضين!!

بقلم: هيثم شلبي على الرغم من عدم وجود ربط ظاهري بينهما، شهدت الجزائر خلال الساعات …