انتهت 2015 رغم أنفنا، مثلما انتهت العام الماضي 2014 وقبلها 2013، وقبل هذه السنوات، التسعينات والثمانينات والسبعينات، وما قبل التي قبل التي قبلها، لكن أعتقد أن العبرة، ليس في العام السابق، والعام اللاحق، وإنـّما في الذي فعلناه في القديم الميت، والذي سنفعله في الجديد الحيّ!
ناكر للجميل، هو من زعم بأن ليس في 2015، ما يُذكر بخير، ومتشائم هو ويائس، من يتصوّر أن 2016 هي “نهاية الكون”.. لكل عام إيجابياته وسلبياته، مكاسبه وخسائره، انتصاراته وانهزاماته، أفراحه وأتراحه، صعوده ونزوله، ولكل عام رجاله ونساءه.
نحن جميعا بحاجة إلى جلسة تقييم وإحصاء، بالأرقام والأحلام، والابتعاد قدر المستطاع عن .التي تهدّم ولا تبني، تضرّ ولا تنفع، وبعدها فإن كل الملفات قابلة للفتح والتسوية العادلة والعاجلة، شريطة أن يتخلص كل فرد، وكل فئة وكل جماعة، من الحساسيات والحسابات المسبقة!
لا فائدة من دخول العام الجديد بخطاب التيئيس والخوف من المستقبل، حتى وإن كانت أخبار وتحليلات وقرارات، وفي كثير من الأحيان، تأويلات وتخمينات وإشاعات، تصبّ في إناء صناعة اليأس والإحباط وقتل روح المبادرة والاجتهاد وفرملة كلّ ما هو جميل!
إقرأ أيضا: هذا ما يتمنى العرب حدوثه في 2016
فعلا، هناك من هو مطالب بالاحتفال بذهاب 2015 إلى غير رجعة، ومنهم من هو مطالب بالبكاء على هذه الحيل، ففي هذه الأشهر عاش أجمل أيامه، فيما هناك بالمقابل، من سيبدأ الاحتفال بـ2016 مباشرة بعد دخولها، لأنه يتفاءل خيرا بالسنة الجديدة، وقد يجده، فيما سيجد آخرون أنفسهم مشدودين مشدوهين، لأن الخوف تملكنهم “ممّا هو قادم”.
لا إفراط ولا تفريط، فلكل سنة حلوها ومرّها، ولا داعي للتهويل والتقليل، سواء بالنسبة للعام الذاهب، أو العام القادم، وربما لو عدنا إلى شهادات الأوّلين، ممّن عاشوا وعايشوا “سنوات البؤس” في مرحلة من مراحل الجزائر المحتلة والمستقلة، فإنهم سيروون روائع ونوادر “الزمن الجميل”!
أحيانا، الأمل أقوى سلاح لمواجهة الخوف، وأحيانا عدم الخوف من الخوف، هو الطريق للتغلب على هذا الخوف، وللحياة دون شك، فنون للعيش، وإبداع في خلق ظروف مواتية للاطمئنان وراحة البال.. فرغم كل الذي حصل، وسيحصل، كل عام وأنتم بألف خير، وقديما قالوا: “ألـّي يتمنى خير من ألـّي يستنى، وألـّي يستنى خير من ألّي يقطع لياس”.. وتستمرّ الحياة!.
*صحفي جزائري/”الشروق”