لم يكن عام 2015 جيداً للعرب. الواقع أن الأعوام الخمسة الأخيرة لم تكن جيدة للعرب، منذ اندلاع ثورات التحرير مطلع عام 2011 وبدء الربيع العربي.
ولكون العام 2015 شهد أحداثاً درامية صعبة ومؤلمة عالمياً، وكانت مشاكل العالم العربي البؤرة المغذّية لها، ووجبة دسمة على مائدة جميع برلمانات واجتماعات العالم لدراستها والعمل على وضع حلول لها، أصبح من الطبيعي أن يتطلع العالم، والعرب خصوصاً، إلى فرصة لالتقاط الأنفاس في 2016. يمكن الاتفاق ضمنياً من دون مبالغات، على أن العرب في 2016 يتمنّون:
– انتهاء كابوس داعش
عام 2015 تمدّد تنظيم داعش بشكل مخيف لكل دول العالم، وللدول العربية خصوصاً. وعلى الرغم من سيل الضربات الجوية التي يتلقّاها التنظيم يومياً على يد التحالف الدولي، يبدو أن نتائجها ليس لها مردود ظاهر على الأرض.
ومع توسّع الضربات الإرهابية التي ينفذها التنظيم، وتطوّرها بشكل كبير من الناحيتين التنظيمية والفنيّة، إلى درجة جعلتها تطال معاقل العواصم الأوروبية مثل باريس، التي نفّذ فيها أسوأ حدث إرهابي شهدته أوروبا، أصبحت كلمة داعش بلا جدال على رأس الكوابيس التي يتمنّى العرب انتهاءها، أو على الأقل انحسارها عام 2016.
احتواء كراهيـة “المسلمين” حول العالم:
بعد الضربات الإرهابية الكبرى التي شهدتها الدول الغربية عام 2015، شهد العالم موجة كراهية كبيرة ضد المسلمين، خصوصاً في أميركا وأوروبا، وصلت إلى حد تصريح المرشّح للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب بمنع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدّة.
يذكر أن جرائم الكراهية ضد المسلمين تضاعفت بمعدّل ثلاث مرّات في الولايات المتحدة، إذ وقعت عشرات الاعتداءات على المسلمين والمساجد، خصوصاً في الربع الأخير من عام 2015، إلى جانب هجوم إعلامي واضح قادته وسائل إعلام معادية لوجود المسلمين في أمريكا والغرب عموماً.
تحسين أوضاع اللاجئين:
أزمة اللاجئين السوريين هي واحدة من أهم أزمات العرب على الإطلاق، وربما يشاركهم العالم كله فيها، بعد أن وصل معدل اللاجئين والنازحين السوريين إلى أرقام مخيفة. إذ تذكر آخر الدراسات أن عددهم في الدول المجاورة تجاوز الأربعة ملايين.
ومع تزايد معدلات اللاجئين السوريين إلى أوروبا، خصوصاً ألمانيا التي أعلنت أنها ستستقبل مليون لاجئ سوري على أراضيها، تزايد معدل القلق تجاه العرب والمسلمين، ما جعل قضية اللاجئين قضية شائكة غير مستقرّة، كونها خاضعة لموائمات سياسية من ناحية، ودوافع إنسانية من ناحية أخرى، ومحاذير أمنية من ناحية ثالثة.
تهدئة الصراع المذهبي:
ما زال المواطن العربي العادي يعرف أن الصراع “السنّي – الشيعي” هو العِـرق الفاسد المسؤول عن كل النتوءات في المنطقة العربية، مهما اتخذ من أشكال ومسميّات ظاهرية مُضللة من قِبل الساسة. فالأزمة اليمنيّة منذ بدايتها كانت معروفة أنها صراع بالوكالة بين أكبر قوتين أيديولوجيتين في المنطقة: السعودية وإيران، وتحوّلت عام 2015 إلى صراع عسكري مباشر.
العِرق نفسه يغذي بؤرة الصراع الأشد والأشرس في العالم العربي، في كل من سوريا والعراق وليبيا، مع بزوغ نجم التيارات الجهادية التكفيرية. أي عربي متابع عن كثب لتطوّرات الصراع الماراتوني في سوريا والعراق من ناحية، وأطراف الأزمة اليمنية من ناحية أخرى، يتمنى أن يشهد عام 2016 بعض الهدوء في حدة هذا الصراع الذي يؤجج كل نيران الحروب الميدانية في المنطقتين، ويُسقط مئات الآلاف من الضحايا.
تقدّم في ليبيا:
تحوّلت ليبيا إلى فوضى نتج عنها الكثير من التحولات الإقليمية والدولية، وتهديد مباشر لدول الجوار مثل مصر وتونس والجزائر، التي عانت من ضربات إرهابية، أو اضطرابات سياسية على حدودها. ومع توسّع أطراف النزاع على الأراضي الليبية بات شبح التقسيم وارداً مع غياب شبه كامل لمفهوم الدولة في أي من أجزائها. فضلاً عن تحوّلها إلى منصّة لتفريغ اللاجئين غير الشرعيين إلى أوروبا، ما جعل العالم يتحدّث عن إمكانية أن يشهد عام 2016 ضربات مكثفة ضد داعش ليبيا، وتكثيف العمل على التوصل لحلول قابلة للتطبيق في الوضع الليبي.
حصد بعض الميداليات في ريو دي جانيرو:
تستضيف ريو دي جانيرو البرازيلية في صيف عام 2016، دورة الألعاب الأولمبية، وتعتبر أول مدينة في أمريكا اللاتينية تستضيف الأولمبياد عبر التاريخ، الذي يتنافس فيه الرياضيون من حول العالم لحصد أكبر عدد من الميداليات لبلدانهم.
وقد شهد أولمبياد لندن 2012، الحصول على 12 ميدالية عربية، من بينها ذهبيتان و3 فضيات و7 برونزيات، تضاف إلى3 برونزيات في أولمبياد بكين 2008. في وقت تظل دورة الألعاب الأولمبية، التي عقدت في أثينا عام 2004 هي الأفضل للعرب الذين انتزعوا 4 ذهبيات. لكن يظل عدد الميداليات التي يحققها الرياضيون العرب في الألعاب الأولمبية مُخجلاً مقارنة بعدد الميداليات الذي تحققه الصين وروسيا وأمريكا. ويشارك المنتخب الجزائري ممثلاً للعرب في بطولة كرة القدم التابعة لدورة الألعاب الاولمبية، مُكمّـلاً دوره الرياضي كممثل للعرب خلال السنوات الأخيرة في معظم المحافل الرياضية العالميّة.
الاستعداد لسنة قاسية مناخياً:
بعد مرور عام من التقلبات المناخية الشديدة في العالم العربي، استمرت التحذيرات من أن مناخ العام 2016 سيظل بالعنف نفسه وربما يزيد، خصوصاً في فصلي الشتاء والصيف. يتوقع أن تصل درجات الحرارة في الشتاء في الدول العربية إلى معدلات شديدة الانخفاض، واستمرار سقوط الثلوج في دول الشام وشمال أفريقيا. مع تحذيرات من إمكانية أن تصل الحرارة الى 50 درجة مئوية في بعض الدول العربية في صيف 2016.
تأتي هذه التغيرات في الكثير من البلاد العربية غير المجهّزة لبنية تحتية تستطيع أن تستوعب التقلبات المناخية القاسية، خصوصاً خلال الشتاء، في الدول التي تعاني من عدم استقرار سياسي مثل سوريا والعراق، والدول التي تعاني من أزمات اقتصادية تجعل مواجهتها لهذه التقلبات المناخية أمراً صعباً، مثل الأردن التي تحتضن عدداً كبيراً من اللاجئين والنازحين، ومصر التي تسببت الأمطار في شلل ثاني أكبر مدنها الإسكندرية في نوفمبر 2015.
تحسن الأوضاع الاقتصادية:
ربما يعتبر هذا العنصر الأساسي الذي يتمنّى العربي أن يرصده في العام 2016، بعد سلسلة من التراجعات الاقتصادية في الكثير من الدول، خصوصاً تلك التي تعاني من اضطرابات سياسية، أو تحديات أمنية.
حتى الدول الخليجية المستقرّة نسبياً، تأثّرت بسلسلة طويلة من التراجع الاقتصادي، كان آخرها تدهور سعر النفط، الذي يُفترض أن يتحسّن نسبياً في 2016. إلا أنه بحسب الخبراء لن يتجاوز حاجز المائة دولار للبرميل، خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهذا ما سيشكل عبئاً على الأسواق الخليجية المُرتكزة بشكل أساسي على سعر النفط.
وفي مصر، البلد العربي الأكبر سكـانياً، يتمنى المصريّون تحسن الأوضاع الاقتصادية في 2016، مع وجود مؤشرات مخيفة من احتمال انخفاض سعر الجنيه المصري مقابل الدولار، وزيادة غلاء الأسعار، خصوصاً بعد رفع جزء من الدعم خلال العامين السابقين. فضلاً عن مخاوف من تأثر القطاعات المركزية في الاقتصاد المصري، مثل السياحة نتيجة الأجواء غير المستقرّة أمنياً.
وفي سوريا والعراق واليمن وليبيا، تتراجع المؤشرات الاقتصادية بشكل مستمرّ، وتتزايد معدلات الفقر بنسب كبيرة، الأمر الذي يجعل أي تحسّن في المؤشرات الاقتصادية في العام 2016 يعد بمثابة معجزة وعودة الروح لمواطني هذه الدول.
وأضعف الإيمان، ألا تندلع حرب عالمية:
هو الأمر الذي كان مُستبعداً حتى فترة قريبة، إلا أن دخول روسيا طرفاً مباشراً في الحرب الأهلية السورية، وإرسالها قوات عسكرية لضرب داعش من ناحية، ودعم نظام الأسد من ناحية أخرى، جعل الصدام قائماً بين الاتجاهات العالمية المختلفة تجاه القضية السورية، التي توّجت في النهاية بإسقاط تركيا لطائرة حربية روسية، ورفع درجة الحساسية بين الدولتين بشكل غير مسبوق، وصل إلى حد التصريحات العدائية المباشرة بين رئيسي الدولتين.
سيناريوهات الحرب العالمية الثالثة أصبح لها الكثير من المراقبين حول العالم، وبات التخوّف منها علنياً ، بعد أن تحوّلت المنطقة إلى بؤرة صراعات عالمية أبعد بكثير من إطارها الإقليمي.
آخر ما ينتظره المواطن العربي اليوم، أن تحتضن هذه المنطقة المزيد من الأحداث المؤلمة، أو تتطوّر أبعاد الصراع إلى مزيد من التأزم. لأن ذلك لا يعني إلا مزيداً من الانهيار، الذي لن ينعكس على بؤر الصراع فقط، إنما سيمتد أثره ليشمل المنطقة كلها.