ضد إرادة السلطة..

عندما كان حيا.. كان بالنسبة إليهم معارضا ومشاغبا.. وقرروا الوقوف على مسافة منه.. لم يعدموه كما أعدموا العقيد شعباني.. لكنهم رموا به خارجا.. وتركوه يموت هناك.. بإرادته أو بغير إرادته.. هذا لا يهم.. فقد اختار أن يموت خارج الجزائر.. كما اختار أن يدفن خارج مقبرة العالية.. في مكان قد لا يعني شيئا بالنسبة إلى كثير من الناس.
أظنها حالة تمرد مستمرة ضد السلطة.. وضد إرادتها التي كانت نافذة.. فيمن يدفن في العالية.. ومن يدفن خارجها.. من ترتب له جنازة رسمية.. ومن تكفيه برقية تعزية.. قبل أن يهال عليه التراب.
دون أن أجازف بتقديسه كما يفعل البعض ـ تقديس تاريخي وسياسي بالدرجة الأولىى ـ.. أقدر انتصار آيت أحمد على السلطة مرتين.. الأولى عندما تمرد عليها حيا.. ورفض أن يكون جزءا منها.. أي مجرد قطعة غيار في آلتها الكبيرة.. تماما كما فعلت جميلة بوحيرد.. التي سيحتفون بها كثيرا بعد موتها.. والثانية عندما حرمهم من استغلال موته وجنازته تحديدا.. لإقامة مهرجان تأبيني.. وتسجيل نقطة عليه.
فهل انتصرت عليه السلطة بدورها؟

إقرأ أيضا: حسين آيت أحمد.. الذي ستفوته جزائر 2016

أظن ذلك حدث مرتين.. الأولى حين صدقهم في 1990 وعاد إلى الجزائر.. معتقدا أن الذين أجبروه على المنفى.. قد فتحوا أبواب الجزائر السلطة ذاتها.. أعني الحكم.. ظلت مغلقة.. وهي كذلك إلى اليوم.. والثانية حين قرر المشاركة في الانتخابات الرئاسية.. ثم انسحب للجميع.. له وللمنفيين والمقصين والمهمشين مثله.. ومن ظلت السلطة لا تعترف بوجودهم السياسي أصلا.. وللأسف لم ينتبه إلى أن أبواب أثناءها.. وقيل يومها إنها أصيب بوعكة صحية!
***
الآن.. ما تستطيع السلطة فعله فقد فعلته.. أعلنت الحداد ثمانية أيام.. على من كان دائما خصما لدودا لها.. وأعدت له مربعا في مقبرة العالية سيظل فارغا للأبد.. وحاولت أن تتبنى جنازته.. لكن ذلك لم يقع.. ولو كان غير ذلك لكان أفضل.. بالنسبة إلى رجل تاريخي بحجمه.
وما يستطيعه الطرف الآخر المناوئ لها.. فعله إلى أقصى حد.. لأنه لا يريد للسلطة أن تستثمر في موته ولو بلقطة إشهارية.
وكما هو شأن التاريخ دائما.. سينسى الناس الرجل بعد قليل.. ولا أقول إنه سيسقط من ذاكرة أنصاره ومحبيه.. فكثيرون مروا من هذا الطريق.. قبل أن يتلاشوا في أعماء الزمن.. أما ما يبقى.. فتلك الجذوة المتقدة التي تغذي أحلام المطالبين بالتغيير.. ضد إرادة سلطة تأبى أن تتغير.

*صحفي جزائري/”البلاد”

اقرأ أيضا

بعد اتهام الجزائر بالخيانة.. عطاف يبرر التصويت على القرار الأمريكي بشأن غزة بمجلس الأمن!

بعد سيل من الانتقادات واتهام الجزائر بالخيانة من قبل الفصائل الفلسطينية، كشف وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، اليوم الثلاثاء، عن الأسباب التي دفعت بلاده إلى التصويت لصالح مشروع القرار الأمريكي المتعلق بقطاع غزة.

نظام الكابرانات يرضخ.. رئيس الاستخبارات الفرنسية يكشف رغبة الجزائر في استئناف الحوار

فضح رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي، نيكولا ليرنر، وهم القوة الذي يدعيه النظام العسكري الجزائري؛ فبعد أزيد من سنة من قطيعة سياسية ودبلوماسية غير مسبوقة بين البلدين، كشف المسؤول الفرنسي، اليوم الاثنين، عن تلقي باريس إشارات من الجزائر تفيد باستعدادها لاستئناف الحوار.

ماذا بعد اعتماد مجلس الأمن القرار رقم 2797 حول الصحراء المغربية؟

بعد تصويت مجلس الأمن الأخير، والذي رسخ مبادرة الحكم الذاتي كمرجعية أساسية لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، من المرتقب أن تُواجه الجزائر ضغوطا دولية لقبول الوضع الجديد، إذ سيُضعف القرار موقفها الداعم لجبهة "البوليساريو" الانفصالية أمام المجتمع الدولي.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *